- مفهوم التفكير.
-     
مفهوم التفكير الابتكاري وأهميته.
-     
التصور الإسلامي للتفكير الابتكاري.
-      مراحل ومستويات
التفكير الابتكاري.
-     
قدرات التفكير
الابتكاري ومقاييسه.
-     
تنمية قدرات التفكير الابتكاري.
التفكير الابتكاري
لقد حثنا الخالق
البديع على إعمال العقل والتفكر والتدبر في ملكوت الله سبحانه وتعالى، ففي مواضع
كثيرة من القرآن الكريم، دعانا إلى التفكر والتأمل، كما في قوله جل وعلا: (ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ) 
(سورة البقرة، 219)، وقوله سبحانه وتعالى: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ) 
(سورة الانعام، 50)،  وفي هذا دليل رباني على أهمية التفكير وحث الإنسان عليه.
فبعد أن كان الناس أسرى
للأوهام والخرافات، والاعتقادات الخاطئة، محصورين في التفكير، جاء القرآن الكريم ليطلقهم
من هذا الأسر ويخرجهم من هذا المحبس والضيق، فدعاهم إلى النظر والتفكر، وطاف بهم
على بدائع صنع الله في السماء والأرض، وجعل لهم الكون محراباً للفكر والتدبر
والاعتبار، وأبانَ لهم عن تصميمه وبنائه وما يقوم عليه من وحدة ونظام محكم، ودعاهم
إلى تتبع قدرة الله العظيمة في كلٍّ شيء حولهم، كما أشار العساف(2013: 270) إلى أن إنسانية الإنسان
وتميزه يتحققان بالارتقاء بفكره وبقدرته على التفكير النافع له ولمجتمعه والبشرية
جمعاء، فالفرد يكون إنساناً بفضل قدرته على التفكير، وليس بفضل المعلومات التي
يختزنها في ذهنه.
لقد أصبح تعليم
التفكير لأفراد المجتمع هو الهدف الأسمى للمؤسسات التربوية والتعليمية في القرن الحادي
والعشرين، وعلى هذا الأساس يتعاظمُ دور المؤسسة التربوية في إعداد أفراد قادرين
على حل المشكلات غير المتوقعة، ولديهم القدرة على التفكير في بدائل متعددة ومتنوعة
للمواقف المتجددة (المشرفي، 2005: 21)، واتفق خبراء التربية على أن تعلم مهارات
التفكير يُعدُّ هدفاً مهماً للتربية، وأن المدارس يجب أن تهيء كل ما تستطيع من أجل
توفير فرص التفكير لطلبتها، وتشير الإحصائيات إلى أن أعداداً هائلة من الطلبة
المتخرجين من الثانوية العامة تنحصر خبراتهم في التذكر والحفظ واستدعاء المعلومات،
ويفتقرون إلى القدرة على استخدام المعلومات في اتخاذ قرارات صائبة، ولذا فإنَّ
التصلب في الرأي، وعدم القبول بالرأي الآخر، وإعطاء إجابات سطحية لأسئلة معقدة،
والإجابة القاطعة والمتسرعة عند التعامل مع المشكلات الجديدة؛ هي في واقع الأمر
نتاجات نظام تربوي لا يوفر خبرات كافية في التفكير.
فالتفكير يُعدُّ
مصدراً لتزويد الأفراد بمجموعة من الاستراتيجيات، يستطيعون من خلالها التفاعل
والتعامل مع البيئة التي ينتمون إليها بشكل أفضل، كما يُعدُّ التفكير من أهم
المهارات في حياة الإنسان لأنَّه يساعد على توجيه الحياة وتطويرها، ويساهم في حل
كثير من المشكلات، وتجنب كثير من الأخطار، وبه يستطيع الإنسان السيطرة والتحكم على
أمور كثيرة وتسييرها لصالحه (قطامي، 2007: 15).
إذن فالتفكير عملية إنسانية ومن السمات المميزة
للبشر، ومن التعريفات المختصرة للإنسان أنَّه كائن مفكر، لذلك فعملية التفكير
تتطلب تنميتها وتعلمها جهوداً متميزة من جهات عديدة خلال مراحل عمر الإنسان، لإنَّ
التفكير له علاقة بكلٍّ من البيئة والوراثة، وذلك لارتباطه بالجوانب الجسمية
والاجتماعية والانفعالية والثقافية والحضارية، فالإنسان يولد ولديه آلة التفكير
وهي العقل، ثم تأتي البيئة لتسهم في تشغيل هذه الآلة. 
مفهوم   التفكير  :
تعددت التعريفات
الخاصة بالتفكير باعتباره عملية ذهنية معقدة ومجردة، ويتم الاستدلال عليها من خلال
النتائج وما يُظهره السلوك الإنساني في المواقف المختلفة، فالتفكير يُمثّل أعقد
نوع من أشكال السلوك الإنساني، ويُمثّل أيضاً أعلى مراتب النشاط العقلي، فالإنجازات
الإنسانية والتقدم في المجالات المختلفة متضمنة تطور الثقافة والفن والأدب والعلوم
والتكنولوجيا هي ببساطة نتاج التفكير، فالتفكير عملية عقلية معرفية وجدانية راقية،
تبنى وتؤسس على محصلة العمليات النفسية الأخرى، كالإدراك والإحساس والتحصيل، وكذلك
العمليات العقلية كالتذكر والتمييز والتعميم والمقارنة والاستدلال والتحليل (قطامي،
2007: 15).
من هذا المنطلق عرَّف جروان (2002: 33) التفكير
بأنَّه: عمليات النشاط العقلي التي يقوم بها الفرد من أجل الحصول على حلول دائمة
أو مؤقتة لمشكلة معينة، وهو عملية مستمرة في الدماغ لا تتوقف ولا تنتهي طالما أن
الإنسان في حالة يقظة، فهو سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها المخ عندما
يتعرض لمثير، فيتم استقباله عن طريق واحد أو أكثر من الحواس الخمس، وهو أيضاً
عملية بحث عن معنى الموقف أو الخبرة ، ويرى 
سعادة (2006:
23) أن التفكير عبـارة
عـن مفهـوم معقـد يتـألف مـن ثلاثـة عناصر، تتمثل في العمليات المعرفية المعقدة
وعلى رأسها حل المشكلات، والأقل تعقيداً كالفهم والتطبيق، بالإضافة إلى معرفة خاصة
بمحتوى المادة أو الموضـوع مـع تـوفر الاسـتعدادات والعوامل الشخصية المختلفة ولا
سيما الاتجاهات والميول، أمَّا الحارثي(2001: 65) فعرَّف التفكير بأنَّه: أي نشاط عقلي سواءً كان
في حل المشكلة أم اتخاذ قرار أم محاولة فهم لموضوع ما، ويُعدُّ التفكير عمليـة
واعيـة يقـوم بهـا الفـرد عـن وعـي وإدراك، ولكنها لا تستثني اللاوعي. وأشار التميمي (2011: 54) إلى أنَّ التفكير عملية ينظم بها
العقل خبراته بطريقة جديدة لحل مشكلة معينة، أو هو إدراك علاقة جديدة بين موضوعين
أو عدة موضوعات بغض النظر عن نوع هذه العلاقة.
بينما يرى جابر (1982:
23) بأنَّ التفكير هو القدرة على التحليل والنقد والتوصل إلى نتائج تستند إلى
استنباط او استدلال سليم وحكم سديد. وتوصل زيتون (1999: 50) إلى أن التفكير مجموعة
من العمليات أو المهارات العقلية التي يستخدمها الفرد عند البحث عن إجابة سؤال أو
حل مشكلة أو بناءٍ معين أو التوصل إلى نواتج أصيلة لم تكن معروفة له من قبل، وهذه
العمليات أو المهارات قابلة للتعلم من خلال معالجة تعليمية معينة، وعرفه ديبونو Debono (1985) المشار إليه في سعيد (2008: 196) بأنَّه: المهارة العملية في
استخدام الذكاء الموروث وإخراجه إلى أرض الواقع.
كما ذكر جروان (2002:
34) خصائص عملية التفكير بأنَّه: سلوك هادف لا يحدث إلا لغاية، وسلوك تطوري يزداد
تعقيداً مع نمو الفرد وتراكم خبراته، وأنّه يتوصل إلى أفضل المعلومات ويسترشد
بالأساليب والاستراتيجيات الصحيحة، كما أنّه عملية نسبية فلا يمكن أن يصل الفرد
إلى درجة الكمال في التفكير أو يمارس جميع أنواع التفكير، وأنّه يتشكل من تداخل
ثلاثة عناصر أساسية هي: مدة التفكير، الموقف، موضوع التفكير، ويحدث بأشكال مختلفة
قد تكون لفظية أو رمزية أو كمية أو مكانية أو شكلية ولكل منها خصوصية.
يتضح من خلال
التعريفات السابقة تعدد تعريفات التفكير بتعدد منطلقات وفلسفات الباحثين في هذا
المجال وأهدافهم، وهذه التعريفات اتفقت في معانٍ واختلفت في معانٍ أخرى. والخلاصة أن
التفكير مجموعات متعددة من العمليات المعرفية، تقوم بمعالجة عقلية للمثيرات الحسية
والخبرات السابقة لتكوين أفكار جديدة وتقييمها، من أجل التوصل إلى حلول أو اتخاذ
قرارات مُهمَّة، وإدراك المثيرات الحسية، والحكم عليها، بالإضافة إلى أنَّ التفكير
مفهوم افتراضي يشير إلى عملية داخلية، وفقاً لنشاطٍ ذهني معرفي تفاعلي انتقائي
قصدي موجه نحو حل مسألة ما، أو اتخاذ قرارٍ معين، أو إشباع رغبةٍ في الفهم، أو
إيجاد معنى، أو إجابةٍ عن سؤالٍ ما، ويتطور التفكير لدى الفرد تبعاً لظروفه
البيئية المحيطة.
-     
أنماط  التفكير  :
![]()
التفكير الإنساني يشمل جميع
جوانب حياة الإنسان، ونتيجة لهذا الشمول تتعدد أنواع التفكير وتصنيفاته وعملياته، وقد تناولت كثير من الدراسات موضوع التفكير باستراتيجياته
وأنواعه المختلفة، وعلاقاته مع كثير من المتغيرات، مثل التحصيل الدراسي، وتقدير
الذات، والنوع الاجتماعي، والمُناخ التنظيمي، والبيئة المدرسية، والذكاء، ويتمثل
التفكير بتلك العمليات التي من خلالها يتم إدراك المفاهيم والتعامل معها، وتشمل
تلك المفاهيم والعمليات: المعرفة، والإدراك، والوعي، والأفكار والخيال، وتتضح
عمليات التفكير من خلال الشكل التالي: (من إعداد الباحث)
ومن أهم أنواع التفكير حسب تصنيف بارتلت bartlet (1976) المذكور في عدس (1996: 414) ما يلي:
1.   
التفكير التجريدي مقابل التفكير المحسوس:
 التفكير التجريدي هو
القدرة المعرفية التي تقوم بحل المشكلات، معتمدة على تجريد خواص أو مفاهيم أو
مبادئ معينة من بين عدد من الجزئيات، بينهما كميات متفاوتة من الاختلاف، وتعميم
هذه المبادئ على كل الأشياء أو المواقف أو العناصر المناسبة سواءً كانت في مجال
الإدراك المباشر أو غير المباشر، أما التفكير المحسوس فيقصد به التفكير الذاتي
المتصلب المتشتت الذي يجمد عند حد الجزئيات ومظاهرها العرضية، مع فقدان القدرة على
الاستقراء.
2.   
التفكير الاستدلالي مقابل التفكير الحدسي:
يقصد بالتفكير
الاستدلالي إقامة الدليل وتسلسل عدة أحكام مترتبة بعضها على بعض، بحيث تكون
الأخيرة منها مترتبة على الأولى، وكل استدلال عبارة عن انتقال من حكم لآخر، أما
التفكير الحدسي فيعني حكم أو معنى يتوصل إليه الشخص دون معرفة مستمدة من عملية
التفكير الاستدلالي.
3.   
التفكير البسيط مقابل التفكير المعقد: 
التفكير البسيط هو
عمليات بسيطة للتفكير، أو عمليات عقلية أحادية البعد اللازمة للتفكير، في مقابل
العمليات المركبة، ويتدرج من استخدام الكلمة او اللفظ ثم الجملة ثم التركيب اللغوي
ثم التكوينات العقلية والأفكار المركبة ثم التحدث عن المجازات وسياقها الاجتماعي
من ناحية، وعن عمليات الاستدلال واتخاذ القرار وحل المشكلات من ناحية أخرى.
4.   
التفكير الواقعي مقابل التفكير التخيلي: 
يعتمد التفكير
الواقعي على العمليات الحسية المباشرة أو على الصور العقلية التي يزودنا بها
الإدراك الحسي، أما التفكير التخيلي فيقوم على تخيل توقعي لأحداث المستقبل فيما
يتصل بهدف معين أو تخيل الخطوات التي تحقق هذه الأهداف، باستحضار الانطباع الذهني
للأحداث من الإدراك الحسي، أو تخيل إبداعي ابتكاري يتم فيه إعادة التكيف بطريقة
مبتكرة لما يتم استعادته من صور ذهنية أو معان أو خبرات سابقة للوصول إلى شيء
جديد.
5.   
التفكير السوي مقابل التفكير المرضي:
يُعدُّ التفكير
السوي وصفا للتفكير الإنساني في حالة السواء حيث يمكن النظر إلى كل أنواع التفكير
السابقة بعملياتها العقلية المختلفة على أنَّها تمثل وصفا للحالة السوية التي يكون
عليه التفكير الإنساني سواءً الواقعي منه أو الخيالي، أما التفكير المرضي فهو يأخذ
صوراً عديدة من الاضطراب، كتفكك التفكير والقابلية للتشتت وعدم القدرة على مواصلة
اتجاه التفكير، ويتسم بالخلط والتفكير الاجتراري.
6.   
التفكير التقاربي مقابل التفكير التباعدي:
يتسم التفكير
التقاربي بالبحث عن حل واحد صحيح، بحيث يكون على المفكر الوصول إلى إجابة بعينها
تعد هي الإجابة الوحيدة الصحيحة، وفي هذا النوع من التفكير لا يكون الشخص مطالباً
بالتجديد أو الابتكار أو الإتيان بحل ظريف وهو ما تقيسه اختبارات الذكاء، أما
التفكير التباعدي فهو نشاط عقلي تغييري، يتميز بالبحث والانطلاق بحرية في اتجاهات
متعددة، وهو الذي يميز كل نشاط يتصف بالابتكار والجدة.
إذن فالتفكير
التقاربي Convergent يتطلب إجابة محددة
ويقاس باختبارات الذكاء، في حين يتطلب التفكير التباعدي Divergent رؤية علاقات جديدة بين الأشياء
الملائمة لموقف معين، فالتفكير التباعدي يستند إلى تعدد الإجابات في مقابل التفكير
التقاربي الذي يستند إلى إجابة واحدة بالاعتماد على الذاكرة.
يتبين
من تعريفات أنماط التفكير المختلفة أنَّ نمطي التفكير التخيلي والتباعدي يحققان
نمطاً مهماً من أنماط التفكير وهو التفكير الابتكاري، الذي يؤدي دوراً هاماً في
حياة الطلبة الاجتماعية والتعليمية والشخصية، لأنَّه يحدث داخل النسق المعرفي
للطالب، ويهدف لحل مشكلات تعليمية أو حياتية، للوصول إلى حالة من الاتزان
الانفعالي والمعرفي.
مفهوم   التفكير   الابتكاري  
وأهميته :
ازداد اهتمام
العلماء والباحثين بالابتكار والمبتكرين لاسيما في المجتمعات المتقدمة، وذلك
لارتباطه بتطور الأمم وتقدمها، فالتقدم الحضاري لا يمكن بلوغه دون تنمية القدرات
الابتكارية عند الإنسان، فالمبدعون والمبتكرون هم طليعة المجتمع ورواده لاستشراف
آفاق المستقبل، ويقع عليهم العبء الأكبر في التطوير والتحديث. في هذا الصدد أكَّد أبو
حطب، صادق (1999: 356) أنَّ التفكير الابتكاري هو تفكير تباعدي Divergent Thinking يتضمن القدرة على تعدد الاستجابات، عندما يكون هناك مثير معين؛ أي
أنَّه نوع من التفكير يملك الجديد، أو الإتيان بحل ظريف، ولذا تعجز اختبارات
الذكاء التقليدية في قياس القدرات الابتكارية.
فالتفكير الابتكاري
أسلوبٌ من أساليب التفكير الموجه والهادف، يسعى الفرد من خلاله لاكتشاف علاقات
جديدة أو يصل إلى حلول جديدة لمشكلاته، أو يخترع ويبتكر مناهجاً وطرقاً جديدةً أو
ينتج أجهزةً وصوراً فنيةً جديدة وجميلة (العيسوي، 1991: 144). والشيء الابتكاري
يكون دائماً جديداً ومختلفاً عن المألوف ومتفرداً، وهذا لا يعني أنَّه لا يستخدم
الخبرات السابقة، فهناك علامات كثيرة تدل على أن جميع الابتكارات تتضمن التأليف
بين أفكار قديمة من أجل إنتاج تشكيلات جديدة، فالقديم هو أساس إبداع الجديد، وعلى
سبيل المثال الفنان حينما ينتج ألواناً جديدة من ألوانه القديمة، مثل الطفل الذي
يبدع عالماً خيالياً باستخدام المناظر والأحداث والخبرات التي تمر به في حياته
اليومية (المشرفي،2003: 46). 
لذا فالعلاقة بين الابتكار والتفكير الابتكاري،
أن الابتكار منتج بينما التفكير الابتكاري عملية، وعندما تكون العملية ناجحة يكون
للمنتج تميزه وأثره، فهي علاقة الشيء بأصله أو علاقة البداية بالنهاية، ومن هذا
المنطلق سوف تتناول الدراسة الحالية الابتكار والتفكير الابتكاري على أنَّهما
مفهوم واحد متصل، كما لا يوجد فرق بين مصطلحي التفكير الابتكاري والإبداعي فهما
يشيران إلى مفهوم واحد.
التعريف اللغوي: 
هنالك تقارباً بين
مصطلحي الابداع والابتكار، حيث جاء معنى الابتكار في مختار الصحاح " ابتكر
الشيء استولى على باكورته، وكل من بادر إلى الشيء فقد أبكر إليه" (الرازي،
1995 :43)، وجاء في المعجم الوسيط،
ابتكر الشيء: ابتدعه على غير مسبوق إليه (أنيس، 1973). وأشار الحدابي
وآخرون (2011: 21) إلى عدم وجود فرق بین الابتكار والإبداع، وأنهما من الألفاظ
المترادفة في اللغة، وأن المعنى اللغوي لكل منهما واحد هو الاستحداث والإنشاء على
غیر مثال سابق، أي أن الابتكار يعني الإبداع، وله عدة
معانٍ تلتقي في أنَّ إبداع الشيء اختراعه على غير مثال سابق.
من جهة أخرى ذكر الدايني (1996: 55 ) أنَّ الإبداع يتناول الجانب النظري،
بينما الابتكار يتناول الجانب التطبيقي، فالفكرة الأصيلة والجديدة هي فكرة مبدعة،
ولكن إذا تحولت هذه الفكرة إلى واقع حقيقي ملموس فإنَّها تتحول إلى ابتكار، وقد لاحظ الباحث
أنَّ مصطلح Creativity  شائع بين المترجمين والباحثين بمعنى الإبداع
والابتكار، لذا فالابتكار والإبداع والاختراع والتّوليد
والاستحداث، كل هذه التعبيرات تُعد مترادفات في دلالاتها اللغوية، إذ أنَّها تدور
حول معنى واحد يتضمن الجدة وإنشاء الشيء على غير مثال سابق.
التعريف الاصطلاحي: 
ذكر الحيزان (2002:20 ) أنَّ الابتكار Creativityهو القدرة على الإنتاج، أما قطامي وآخرون (2008:
25) فيرون أنَّ الابتكار عملية معرفية تتحقق من خلال مراحل متتابعة تهدف إلى إنتاج
حلول متعددة تتسم بالتنّوع والجدَّة، في ظل مُناخ داعمٍ يسوده الاتساق والتآلف بين
مكوناته، ويرتبط التفكير الابتكاري ارتباطاً وثيقاً بالابتكار، فالابتكار يصف
الناتج، أما التفكير الابتكاري، فيصف العمليات أو المهارات الذهنية للابتكار، وهو
ما يستخدمه الفرد في إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار حول المشكلة التي يتعرض لها،
أو الموقف الذي يتفاعل معه، وتتصف هذه الأفكار بالتنوع والاختلاف وعدم التكرار أو
الشيوع. 
كما أشارت المشرفي (2005: 21) إلى أن الابتكار عملية عقلية يستطيع الفرد من خالها الوصول إلى
أفكار أو نتاجات جديدة أو إعادة ربط أفكار ونتاجات موجودة بطريقة جديدة مبتكرة، ويتميز بأربعة مظاهر هي: التفكير، والحدس، والانفعال، والمعنى، ويطلق الابتكار عادة على
الظاهرة الشخصية التي يتصف الفـرد بها عندما يقدم استخدامات غير مألوفة لأشياء
مألوفة، أو توظيـف أفكـاراً معروفة توظيفاً جديداً، أو إنتاج أشياء جديدة من عناصر
موجودة من قبل، والإنتاج الجديد سواءً كان مادياً أو فكرياً، يتسم بالأصالة فبدون
الأصالة لا يُعدُّ ابتكاراً. 
بالإضافة إلى ذلك، أوضحت المشرفي (2003: 39) أنَّ التفكير الابتكاري ليس سمات معينة ومحددة
ولكنه تفاعل بين الشخص والمنتج والبيئة، فالشخص ينتج بعض الأفكار التي يحصل عليها
من الثقافة التي يعيشها وقد ينتج هذه الافكار من المرونة الإدراكية أو الدافع أو
خبرة حياتية غير مألوفة، وأن الفرد لا يبدع في فراغ Vacuum، ولكنه
ينطلق في إبداعه من مجال معين، فالكاتب المسرحي يبدع من خلال النظام الرمزي وعادات
وتقاليد وثقافة المجتمع، وبالتالي فالتفكير الابتكاري يتطلب معرفة أساسية بمجال
معين، وأيَّد هذا الرأي عالم النفس الأمريكي هاوارد جاردنر H.Gardner (36 :1993) بوصفه للتفكير الابتكاري من
خلال منظور تفاعلي Interactive Perspective، فيرى أن
الشخص المبتكر هو من يقوم بحل المشكلات، ويبتكر المنتجات ويضع أسئلة جديدة بشكل
منتظم، في مجال ما بطريقة جديدة وفي إطار ثقافي معين.
ويرى الباحث أن
صعوبة وضع تعريف محدد للابتكار، يرجع إلى تعدد أوجه ظاهرة الابتكار وتعقدها،
وصعوبة التنبؤ بها، لأنَّ الابتكار ليس مفهومـاً أحادياً قابلاً للتعريف بشكل دقيق،
كما أنَّ تقييم الناتج
الابتكاري أمراً نسبياً،
فإذا ما حكمنا على
الناتج الابتكاري فإنَّه يصعب الحكم على العملية وصفاً، وتفسيراً، وتنبؤاً وتحكماً، والتداخل والتفاعل الدينامي
بين المتغيرات والعوامل والمحددات التي تساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في عملية
الابتكار، لذلك يمكن النظر إليه وفق الاتجاهات الأربعة
التالية، والموضحة في الشكل
 (10).
(من إعداد
الباحث)![]()
1.   
الشخصية الابتكارية: 
بدأ الاهتمام في
مجال التفكير الابتكاري بصورة رئيسة بدراسة سمات وخصائص المبتكرين، بغرض الوصول
إلى فهم دقيق لطبيعة ظاهرة الإنتاج الابتكاري، وهذا أدى إلى تحسن وسائل ومقاييس
التعرف على أصحاب القدرات الابتكارية، والارتفاع بمستوى القدرة التنبؤيَّة لهذه
الوسائل والمقاييس، كما أدت المعرفة بهذه الخصائص والسمات إلى تنظيم برامج تربوية
وإرشادية من أجل تنميتها لدى الأفراد، وبهذا الخصوص استنتج والاسWallas  (1970) المشار إليه في عويس (1993: 19) من دراساته العديدة للمبتكرين،
وجود تركيبة من السمات النفسية تتناسق مع القدرة على التفكير الابتكاري، وتشكل
نمطاً متفرداً للشخصية الابتكارية، وتعتمد هذه التركيبة على اهتمامات واتجاهات
ودوافع الشخص المبتكر أكثر من اعتمادها على مستوى قدراته العقلية، ويرى عبادة (2001:
25) أن الشخص المبتكر يتسم بالثقة بالنفس والمرونة والقدرة على الإقناع والمثابرة
والطموح وسرعة التعلم، والقدرة على حل المشكلات والاستكشاف والبحث وحب الاستطلاع
والتحرر من القيود، وتعدُّد الميول والاهتمامات وتحمل المسئولية والاتزان
الانفعالي.
 كما أشار القذافي
(2000: 109) إلى حصول المبتكرين على درجات عالية في مقاييس كل من الطلاقة والمرونة
والصراحة والوضوح والدينامية والثقة بالنفس وحب الاستطلاع والاستقلال الذاتي
وإصدار الأحكام والمرح والدعابة، وتوصَّل الحفني (1995 :30) إلى أنَّ الفرد
المبتكر يتسم بطلاقة التعبير، واقتناص العبارة بسهولة، ويتسم بحسٍّ وجدانيٍّ عالٍ،
لذلك فإنَّه يرى ويسمع ويفكر ويتصور بشكل مختلف عن الناس. ومن صفات الشخصية
المبتكرة ما ذكره  شكور (1994: 163) بأنَّها
تشمل ست سمات نفسية مترابطة ومتمايزة، وأن الأفراد المبتكرين قد لا يحوزون كل
السمات، ولكن كلما زاد نصيبهم منها، كانوا أكثر ابتكاراً، وهي: النزعة نحو جماليات الشخصية، والقدرة العالية على استكشاف
المشكلات، والقدرة على التفكير بمنطق المتضادات والمتناقضات، والبحث عن الإثارة
والاستعداد للمخاطر، والموضوعية والبصيرة والالتزام، والدافع الذاتي والقوة الكامنة
وراء الابتكار. كما ذكر عبدالمختار، وعدوي (2011: 27) عدة
خصائص وسمات للشخصية الابتكارية هي: الفضول، والبحث عن المشكلات واعتبارها فرص
وعامل إثارة، والاستمتاع بالتحدي لما هو مفروض، والتفاؤل، والقدرة على إصدار الأحكام،
والاستمتاع بالخيال، والتقبل العاطفي للمشكلات، والمثابرة والاجتهاد.
لذا فالتفكير الابتكاري لا يمكن النظر إليه بعيداً عن
شخصية صاحبه، فشخصية الفرد تتحدد بناءً على مجموعة من المكونات والعوامل المترابطة
التي تتشكل منذ طفولته وحتى بلوغه، بالإضافة إلى العوامل الوراثية والبيئية
المحيطة به. وقد قارن الباحث بين الشخصية الابتكارية
والشخصية التقليدية، كما هو موضح بالجدول (1).
جدول(1) مقارنةٌ بين الشخصية
الابتكارية والشخصية التقليدية
| 
   الشخصية الابتكارية  | 
  
  
   الشخصية التقليدية  | 
  
 
| 
   يبحـــث عــــن طـــرق جديــــدة للتغييـــر
  فــــي المواقف.  | 
  
  
   يفشل في تغيير سلوكه في المواقف الجديدة.  | 
  
 
| 
   يقبل التجديد والتغيير.  | 
  
  
   مقاومة التجديد أو التغير.  | 
  
 
| 
   يخرج عن المألوف ويقبل تبديل الحل وتغييره.  | 
  
  
   لا يخـــرج عـــن المـــألوف ولا يقبـــل
  تبـــديل الحل أو تغييره.   | 
  
 
| 
   مرن ويتسم بالطلاقة.  | 
  
  
   صلب وجامد في تفكيره.  | 
  
 
| 
   القدرة على تقبل النقد.  | 
  
  
   عدم القدرة على تقبل النقد.   | 
  
 
| 
   نسق ذهني يتسم بحل المشكلات.  | 
  
  
   نسق ذهني مغلق.  | 
  
 
| 
   يتحمل الغموض.  | 
  
  
   لا يتحمل الغموض.   | 
  
 
| 
   القدرة على أداء أكثر من مهمة في آن واحد.  | 
  
  
   عدم القدرة على أداء مهمتين معاً.  | 
  
 
| 
   قادر على تبادل المهام مع الآخرين.  | 
  
  
   غير قادر على تبادل المهام.  | 
  
 
| 
   محبوب واجتماعي.  | 
  
  
   يعادي وينفر منه الآخرين.  | 
  
 
( من
إعداد الباحث)
2.    المُنتَج الابتكاري:
يرى أصحاب هذا
الاتجاه أن الابتكار هو قدرة المتعلم على إنتاج يتميز بالطلاقة الفكرية، والمرونة
التلقائية والأصالة، وبالتداعيات البعيدة وذلك كاستجابة لمشكلة أو موقف مثير، ويمثل
هذا الاتجاه روجـرز (1970) Rogersالمشار إليه في الكساب (2014: 117) الذي يرى أنَّ
الابتكار ظهور لإنتاج جديد نابع من التفاعل بين الفرد وما اكتسبه من خبرة. أي
أنَّه إنتاج شيء جديد، أو ميلاد شيء جديد، سواءً كان فكرةً أو اكتشافاً أو
اختراعاً بحيث يكون أصيلاً وحديثاً، أي أنَّ الفائدة شرط أساس في التفكير الابتكاري،
وبالتالي فإنَّ إطلاق مفهوم الابتكار لا يجوز على إنتاج غير مفيد، أو إنتاج لا
يحقق رضا مجموعة كبيرة من الناس في فترة معينة من الزمن.
3.    العملية الابتكارية:
أشار زيتون (65 :1999) إلى أن الابتكار عملية صب عدة عناصر متداعية في قالب جديد يحقق
احتياجات معينة أو فائدة ما، ويقصد بالبيئة المبدعة المُناخ بما يتضمنه من ظروف
ومواقف مختلفة تيسر الإبداع العلمي أو تحول دون إطلاق طاقات الأفراد الابتكارية.
أي أنَّ الابتكار عملية يصبح فيها المتعلم
حساساً للمشكلات، وبالتالي إدراك الثغرات والخلل في المعلومات والعناصر المفقودة
وعدم الاتساق فيما بينها، ثم البحث عن دلائل ومؤشرات في الموقف وفيما لدى المتعلم
من معلومات، ووضع الفروض حولها، واختبار صحة هذه الفروض وإعادة اختبار الفروض والربط بين النتائج، وربما إجراء التعديلات.
4.  
المُناخ الابتكاري:
الابتكار
ينمو ويترعرع في المجتمعات التي تهيئ الفرص لأبنائها للتجريب دون خوف أو تردد، وتُقدم نماذج مبدعة
من أبنائها من الأجيال السابقة، كنماذج يتلمس الجيل الحالي خطاها، وبالتالي تُشجع
على نقد وتطوير الأفكار العلمية والرياضية والأدبية، وقد أعد تورانس تقريراً حول
زيارته لليابان للمقارنة بين تأثير كل من الثقافتين اليابانية والأمريكية على
الانجاز الابتكاري، وقد ذكر أنَّه وجد في اليابان(115) مليوناً من فائقي الإنجاز،
وهم جميع سكان اليابان بعكس أمريكا، ويفسر تورانس ذلك في ضوء ثقافة المجتمع الياباني
الميسر للابتكار والتفكير الابتكاري، ومظاهر الجد والدقة والنظام والصرامة والجهد
المكثف، والتدريب على حل المشكلات بدءاً من مرحلة رياض الأطفال (بلواني، 2008: 14). فالمُقصود
بالمُناخ الابتكاري كل ما تتضمنه البيئة من ظروف ومواقف تيسر الابتكار، أو تحول
دون إطلاق طاقات المتعلم الابتكارية، وهناك ظروف خاصة ترتبط بالمعلمين والمديرين والمشرفين التربويين
وأدوارهم في تهيئة البيئة الصفية والمدرسية لتنمية الابتكار لدى الطلبة، وظروف عامة ترتبط بالمجتمع وثقافته.
-     
تعريف التفكير
الابتكاري:
يُعدُّ التفكير
الابتكاري أحد أنماط التفكير الإنساني، ولكنه مفهوم متعدد الأوجه، فهو ناتج وعملية
في آن واحد، وهو عملية عقلية معرفية نمائية مستمرة، ويعني الخروج عما هو تقليدي
والإتيان بالجديد، ومحاولة تطبيقه في الواقع، والاستفادة منه في التوصل إلى حلول، وقد
عرَّفه كثير من العلماء والباحثين في إطار بحوثاتهم ونظرياتهم بتعريفات مختلفة
سيتم التطرق إلى بعض هذه التعريفات المُهمَّة.
فقد عرَّف خير الله
(1989: 95 (التفكير الابتكاري بأنَّه: قدرة
الفرد على إنتاج يتميز بأكبر قدر من الطلاقة الفكرية والمرونة التلقائية والأصالة
والتداعيات البعيدة، وذلك كاستجابة لمشكلة أو موقف مثير، ويضيف بأنَّه القدرة على
إنتاج عدد من الأفكار الأصيلة غير العاديـة التي تخرج عن الإطار المعرفي للفرد
المفكر أو البيئة التي يعيش فيها، ويتميز هذا النوع من التفكير بعدد كبير من
الطلاقة والمرونة والأصالة، كما أشار القذافي )2000: 52) إلى أن التفكير الابتكاري عملية تفكير موجهة بشكل عام
نحو تحقيق هدف خاص هو حل مشكلة، وبلوغ الذروة في توليف الأفكار التي تحـل تلك
المشكلة وتقدم حلولاً لها.
بينما يرى جروان (82: 2002) أن التفكير الابتكاري: نشاطٌ
عقليٌّ مركب وهادف توجهه رغبة قوية في البحث عن حلول أو التوصل إلى نواتج أصيلة لم
تكن معروفة مسبقاً، وهو عملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات مثل الطلاقة، والمرونة، وسمات الشخصية المبتكرة، وتعتمد على بيئة ميسرة لهذا النوع من التفكير، لتعطي في النهاية المحصلة الابتكارية، وهي الإنتاج الابتكاري، والحلول الابتكارية للمشكلة، والذي يتميز بالأصالة والفائدة والقبول الاجتماعي، وفي نفس الوقت يثير الدهشة لدى الآخرين، أما الكناني (2005:
22) فعرَّف التفكير الابتكاري بأنَّه: العملية التي ينتج عنها مركب جديد ذو قيمة
كبيرة يمثل مجموعة من العناصر لم تكن مرتبطة من قبل ببعضها بعضاً، وذكر العتوم (2009:
223) أن التفكير الابتكاري هو تفكير متشعب يتضمن تحطيم الأفكار العادية، وإدخال
الأفكار العجيبة والفريدة، بهدف زيادة فهم الطالب من خلال تفاعله مع الخبرات
المكتسبة.
وتوصَّل عدس (1996:
33) إلى أنَّ التفكير الابتكاري هو: التفكير الذي نصل به إلى أفكار، ونتائج جديدة
لم يسبقنا إليها أحد، وقد يتوصل إليها الفرد المبدع بتفكير مستقل، وقد تكون نتاج
مبدع آخر يعمل كل منهما مستقلاً عن زميله، وتتأتى هذه الأفكار والنتائج لهما معاً،
مع عدم وجود صلة بينهما في عمل مشترك، كما أنَّه تفكير يسير نحو هدفه وبأسلوب غير
منظم، ولا يمكن التنبؤ به، فهو لا يسير ضمن خطوات محددة، وهذا ما يميزه عن غيره. وأشار
معوض (1995: 55) إلى أنَّ التفكير الابتكاري هو القدرة على إنتاج عمل يتصف
بالأصالة والملاءمة، ولا يخرج عن كونه تفكير إنشائي Productive
Thinking. 
أما جيلفورد Guilford (1975) المذكور في عبدالغفار(1997:15) فيعتقد بأن التفكير الابتكاري يعتمد على الأصالة والمرونة
والطلاقة والإحساس بالمشكلات، ويفرق بين القدرة على التفكير الابتكاري والإنتاج
الابتكاري؛ إذ يرى أنَّ الإنسان قد تتوفر لديه القدرات العقلية الكافية، ولكنه لا
ينتج إنتاجا ابتكاريًّا؛ لأنَّ القدرات العقلية وحدها غير كافية للإنتاج
الابتكاري، بل ينبغي أن تتوفر إضافة إلى ذلك الإمكانيات البيئية المناسبة التي
تسمح بنمو تلك القدرات وتوظيفها حتى ينتج بعد ذلك إنتاجا ابتكاريًّا؛ لان البيئة
قد تكون مثبطة لتلك القدرات، وقد تكون مشجعة لها. ويرى
العزة (2002: 265) أنَّ التفكير الابتكاري متشـعبDivergent Thinking
 أو أصيل Genuine وعادة ما يتحدى ويخترق مبـادئ موجـودة ومألوفة ومقبولة ولا يتحدد بالقواعد
المنطقية ولا يمكن التنبؤ بنتائجه وهو أكثر تميزاً عن غيره من أنواع التفكير
الأخرى. وعرَّف عبدالغفار(1997: 9 )
التفكير الابتكاري بأنَّه: تلك العملية التي ينتج عنها حلول أو أفكار إبداعية
جديدة تخرج عن الأطر المعرفية المعلومة، سواءً على مستوى الشخص الذي يفكر أم على
مستوى البيئة التي تحيط بهذا الشخص المفكر، ويشمل التفكير الابتكاري ثلاثة عوامل
أو قدرات هي الطلاقة، والمرونة، والأصالة. 
يتضح من التعريفات السابقة أن التفكير الابتكاري: هو
القدرة على إنتاج أكبر عدد من الأفكار التي لها قيمة، بحيث تؤثر تأثيراً إيجابياً
في حياة الإنسان العملية والفكرية، وهناك عناصر مشتركة بين التعريفات وهناك عناصر
متفردة، ومن الخصائص المشتركة للتفكير الابتكاري أنَّه:
إنتاج تعبيرات وأشياء وأفكار جديدة غير مألوفة، وأيضاً نقد وتحليل الأفكار القديمة، وتوسيع
مدى المعرفة، ويعتمد بشكل جوهري على الأصالة، كما أنَّه نوع من طرق حل المشكلات،
وهو تفكيرٌ تباعديٌ له علاقة بالتخيل وحب الاستطلاع والاستكشاف والاختراع
والصراحة، والمرح والدعابة، وعرَّف الباحث
التفكير الابتكاري بأنَّه: نشاط عقلي متفرد يقوم به الفرد لإيجاد طرق جديدة لحل المشكلات التي تواجهه.
-      
التفكير  
الابتكاري   والذكاء   والموهبة :
يحدث
خلط بين مفاهيم الموهبة والذكاء والتفكير الابتكاري Creativity thinking, Giftedness &
Intelligence  ، من قبل عامة الناس
أو التربويين باعتبارها عمليات معرفية عقلية، فالذكاء والابتكار سمتان بشريتان
تتوزعان اعتدالياً وبينهما تداخلاً محدوداً، وبالرغم من الدراسات البحثیة
المتزایدة في حول هذه المفاهيم، إلا أنَّ علماء النفس لم یتوصلوا إلى اتفاقٍ حول
طبيعة العلاقة بین الذكاء والابتكار، إذ أنَّ جمیع العلاقات المحتملة بین الذكاء
والابتكار افتراضیة، فقد تكون البداية الصحيحة عندما شرع لويس تيرمانTerman  في دراسته الطولية
لحوالي (١٥٢٨) طفلاً من مدينة لوس انجلوس في كاليفورنيا في
عشرينات القرن العشرين، وعرَّف تيرمان الموهبة بدلالة نسبة ذكاء مقدراها(140) فما
فوق على اختبار ستانفورد–  بينيه، وساوى بين الموهبة والذكاء المرتفع، وظل هذا
الاعتقاد سائداً لعقود طويلة (بشير، 2015: 11).
في
هذا الصدد ذكرت الخضراء (2005: 93) وجود اتجاهين في علاقة الذكاء بالابتكار، الاتجاه
الأول يرى أنَّ الابتكار في مجالاته المختلفة مظهر من مظاهر الـذكاء العـام
للفـرد، وأن الابتكار عمليـة عقليـة ترتبط بالذكاء، فالفرد إن لم يكن ذكياً لا
يستطيع أن يبتكر شيئاً، والاتجاه الثاني يرى أنَّ الابتكار ليس له علاقة بالذكاء، وإنَّهما
نوعان مختلفان مـن أنواع النشـاط العقلـي للإنسان، فقـد تجــد تلميــذاً مبــدعاً
ولكنــه لا يتمتــع بمســتوىً عــالٍ مــن الــذكاء، والعكــس كذلك.
إن
الرؤية الحاسمة في العلاقة بین الابتكار والذكاء تتجلى من خلال المقاییس التي
تعتمد في تحدید كل منهما، فاختبارات الذكاء أو مقاییسه تلتزم بنتیجة واحدة تكون
صحیحة وما عداها یكون خطأ، في حین تكون اختبارات القدرات الابتكارية مرتبطة
بإجابات مبتكرة وجدیدة، تختلف من فرد إلى فرد آخر، وتتصف عادة بالتشعب (الداهري،
2008 :41)، وأشار أبوجادو، ونوفل (2007: 150) إلى أن الابتكار عملیة تنطوي على شيء
جدید یتمیز بالجدة والفائدة، أما الذكاء فیُعَرَّف بأنَّه القدرة على التكیف مع
البـیئـة وتشكیلها واختبارها، كما أن الذكاء یعني اختیار البیئـة وتشكیلها والقدرة
على التكیف الهادف معها، وهذا هو جوهر عملیة الابتكار.
كما
أجرى أبو هلال، والطحان(155:2002) دراسة في الإمارات العربية المتحدة، من أهدافها
معرفة العلاقـة بين الذكاء والابتكار والتحصيل على عينة عددها (406) من طلبة
الصفين السادس والتاسع باستخدام اختبار المصفوفات المتتابعة لرافن لقياس الذكاء،
واختبار تورانس الشكلي، ومقياس خصائص الطلبـة العقليـة والشخصـية، ودرجات تحصيل
الطلبة في مواد اللغة العربية والرياضيات والعلوم والفنية، وتوصلت الدراسة إلى أن
التحصيل والذكاء والقدرة الابتكارية تشكل أبعاداً منفصلة، كذلك أوضحت المقارنات أن
طلبة الصف السادس أقل ابتكاراً من طلبة الصف التاسع، وأن متغيري الذكاء والتحصيل
لهما قدرة تنبؤية محدودة تفسر بعض تباين درجات المرونة والطلاقة، ولم تتمكن أي من
المتغيرات المستقلة من التنبؤ بدرجات الأصالة. 
كما
اعتقد جيلفورد Guilford (1968) المشار إليه في أبو هلال، والطحان(156:2002) بوجود علاقة
متوسطة بين الذكاء والابتكار تراوحت بين ( 0.1 -0.4
)، وأن ضَعف العلاقة بينهما يرجع إلى ضَعف أدوات القياس، بالإضافة
إلى أن النموذج الخطي لا يصلح لتفسير العلاقة بينهما،
ووجدت هول Holl (1985) المشار إليها في أبو هلال، والطحان(156:2002)  من خلال دراسة تتبعية أجرتها على عينة من طلبة
المدارس الموهوبين، عدم وجود علاقة بين الذكاء والابتكار.
ثم
حدثت تطورات هائلة في الدِّراسات التجريبية والنظرية التي تناولت مفاهيم الابتكار والموهبة
والذكاء والتفوق، وكان من أبرزها ظهور نتائج أبحاث رنزوليRenzulli  1971)) التي تتلخص في أن القدرة الابتكارية جزءٌ من الموهبة، كما أن
القدرة العقلية العامة أو الذكاء هي أيضًا جزء من الموهبة، وأن الموهبة تتشكل من
تداخل ثلاثة مكوناتٍ أساسية هي: الابتكار، والذكاء، والدافعية(بشير،2015: 11)، كماهي
موضحة في شكل (2).
 شكل(2) نموذج رنزولي في توضيح
    العلاقة بين الموهبة والابتكار والذَّكاء
 
   
 
   
   
   
  
   
 
   
   
   
 
  
   
   
   
 
   
   
     
  
     
   
واستناداً إلى نموذج
رنزولي فإنَّ الموهوب لا بُدَّ أن يكون مبتكراً وذكياً بدرجة معقولة، ولديه دافعية
قوية، أما توفر مستوى من القدرات الإبداعية فليس كافياً بمفرده – وإن كان ضرورياً
– لوجود الموهبة (بشير،2015: 11)، ثم ظهر اتجاه آخر يرى بأنَّ الموهبة والذكاء
بمثابة متطلب سابق لحدوث الإبداع مستقبلاً إذا توفرت ظروف ملائمة، واعتبروا أن الموهبة تعد المادة الخام
للابتكار أو القدرة على الابتكار (جروان، 2002: 27)، بمعنى أن حداً أدنى من الذكاء
فوق المتوسط ضروري للابتكار، فظاهرة الابتكار ليست مستقلة تماماً عن عامل الذكاء
العام.
يتضح
وجود تمايز بين مفاهيم الموهبة والذَّكاء والابتكار؛ فالموهبة غير الذَّكاء،
والذَّكاء غير الابتكار، والابتكار غير الموهبة، إلاًّ أنَّه لا بُدَّ من توفر
درجة معينة من الذَّكاء ليكون الشخص مبتكراً، بل إن مستوى الذكاء المطلوب للابتكار
يختلف من مجالٍ لآخر، وربما كان الأكثر أهمية من ذلك في الابتكار هو مدى قدرة
الشخص المبتكر على استخدام ذلك القدر من الذكاء الّذي يتمتع به في إنتاج أعمالٍ
أصيلة، وكيف يوجهه لهذا الغرض بفاعلية واقتدار.
-     
أهمية  
التفكير   الابتكاري : 
يُعدُّ التفكير
الابتكاري أحد وسائل التقدم والازدهار، فله أهمية في تقدم الإنسان ومساعدته على حل
مشكلاته الراهنة ومواجهة التحديات المستقبلية، ولا يمكن تحقيق أي تقدم علمي بدون
تطوير القدرات الابتكارية للإنسان الذي يُعدُّ هدف التنمية ووسيلتها بنفس الوقت، وذلك
من أجل تقديم المزيد من الابتكارات والإبداعات بما يحقق رفاهية وسعادة الفرد
والمجتمع، وتتلخص أهمية تنمية القدرات الابتكارية بالنسبة للفرد والمجتمع،
باعتبارها تفيد الفرد في تحقيق تعلم أفضل، وتحسين الصحة العقلية، وتفيد المجتمع
بالتطوير والتحديث، فالهدف من التفكير الابتكاري لا يكمن في تكوين الذات أو
الهيمنة على الآخرين، بل في الإسهام في نشر وتأسيس الخير العام. 
كما يُعد التفكير
الابتكاري السبب في ظهور الحضارات الراقية على مر التاريخ، فلولا المبدعون
وأفكارهم الابتكارية لاستمرت الحياة البدائية حتى اليوم، أضف إلى ذلك أن التفكير
الابتكاري تصاحبه سعادة، وينمي أذواق الناس ومشاعرهم، فالفرد المبتكر يقدم إنتاجاً
علمياً أو فنياً بمستوى عالٍ يسمو بالأذواق، ويجعل الناس تقبل على الحياة، وتسهم
في إثرائها بالعمل الجاد، وتأتي أهمية البحوث والدراسات في موضوع التفكير
الابتكاري لكي تسهم في التعرف على المبتكرين ومن ثم إحاطتهم بالرعاية والتشجيع
والاهتمام في المراحل المبكرة من حياتهم.
لقد أكَّد تورانس1988) Torrance) أن أفضل شيء يمكن أن يسهم في رفع مستوى رفاهية وتطور الإنسانية وتقدمها هو
رفع مستوى الأداء الابتكاري للمجتمعات، وأن الحاجة إلى التفكير الابتكاري من
الحاجات الأساسية التي لا بُدَّ من اشباعها حتى تسهم في تحقيق الصحة النفسية
للأفراد، وأن قصور المناهج الدراسية عن إشباعها أو إدراجها ضمن أهدافها، تقف خلف
كثير من المشكلات الدراسية والسلوكية والنفسية.
كما استخلص إلياس (2013: 275) أهمية
التفكیر الابتكارى كمطلبٍ مُلحٍ للأفراد والأمم، نتيجةً للمبررات الآتية: 
1.    وسیلة للترقي والمضي في ركب التقدم الزاخر.
2.   
صلة
بین الإنسان وخالقه قبل أن یكون صلة بینه وبین الكون.
3.   
الإفادة
مما خلق الله وأودع من أسرار، وقد أشار القرآن الكریم إلى ذلك في آیات عدة كآیة الحدید، وآیة إعمار الأرض، وقضیة
الاستخلاف، وطلب السیر في الأرض والنظر فیها.
4.   
حل
لكثیر من القضایا الملحة سواءً كانت قضایا فردیة أم جماعیة.
5.     استغلال أمثل
للوقت حتى لا یضیع هدراً في أعمال مكررة وأقوال باردة غثة.
6.     تبیین دقیق لما
یمتلكه الإنسان من طاقة هائلة، وعقل وقاد یخضع الكون لخدمته، ویحوِّل مسار
التاریخ.
7.    استثمار للطاقات فیما یعود بالخیر على الفرد
وأمنه بل الإنسانیة قاطبة.
8.   
خروج
عن العیش في ظل الغیر وفى ربقة التقلید الممیت.
9.    اهتمام بالفكر لا بالألفاظ، وبالكیف لا بالكم،
ما یضفي على الحیاة جانب الجد والعیش في الواقع بفاعلیة.
في نفس السياق تقول المانع (1996: 27): إن إدخال
تعليم التفكير الابتكاري إلى المدارس له أهميته العلمية والتربوية، بالإضافة إلى أن
له علاقة مباشرة بالنمو والتقدم ومواجهة تحديات المستقبل في عالم أصبح قائده
الفكر، ومن ثم فإنَّ الحاجة إلى تعليم التفكير الابتكاري لطلابنا أصبحت حاجة
ملحَّة وضرورة حضارية، ويمكن القول إن للتفكير الابتكاري قوة تزيد من
الدافعية لدى الطالب نحو التعلم، وتعزز التطور العقلي والمعرفي لديه، فعندما ندرب
الطلبة على مهارات التفكير المتباعد، فإنَّنا نساعدهم على تنشيط أذهانهم وتقوية
دافعيتهم، وتوهج عواطفهم نحو التعلم القائم على التفكير المستمر، ويرى الباحث وجود مبررات
كثيرة تدعو إلى إدخال تعليم التفكير الابتكاري إلى المدارس والجامعات وتدريسه
كمادة مستقلة أو تضمينه في جميع المواد الدراسية، ومن هذه المبررات تحول اهتمام الباحثين من دراسة الذكاء إلى دراسة الإبداع
والابتكار والمحددات التي تسهم في عملية الابتكار، وأصبحت تنشئة العقول المفكرة
وتنمية التفكير الابتكاري أهم أهداف المجتمع ومؤسساته التربوية المختلفة، كما ازداد
الاهتمام بالتعليم الابتكاري المعتمد على تعلم مهارات التفكير وأساليب مواجهة
المشكلات وتقديم الحلول الابتكارية لها، وأصبح اكتساب المعرفة العلمية وحدها دون
إتقان مهارات التفكير الابتكاري ضُعفاً ونقصاً، فالمعرفة لا يمكن الاستفادة منها
دون تفكير ابتكاري يدعمها، بالإضافة إلى أن َّتعليم التفكير يمكن أفراد المجتمع من
الاستعداد لمستقبل متزايد التعقيد، يحتاج إلى إتقان العديد من المهارات، مثل حل
المشكلات واتخاذ القرارات وتقديم المبادرات المختلفة.
التصوُّر    الإسلامي   
للتفكير    الابتكاري :
برزت فكرة النظر إلى التفكير من المنظور
الإسلامي من حاجتنا لتأصيل العلوم، ولما للفكر الإسلامي من قدرة على إثراء الحياة
الإنسانية بالعلم والحكمة والابتكار، فالدين الإسلامي يحثُّ على التفكير وإعمال
العقل، وقد ورد ذلك في أكثر من ثمانية عشر موضعاً من القرآن الكريم، كما دلت مواقف
كثيرة حرص النبي -r- على
توجيه المسلمين إلى التفكير والتأمل، مما يدل على الأهمية الكبيرة التي يوليها
الإسلام للتفكير والتدبر، وأن الله سبحانه وتعالى هو خالق البشر وأعلم بما يصلح
عقولهم، فقد أمر الناس بالتفكر والتدبر وإعمال العقل، ولا شك أن في هذا مناسبةً
للهدف من خلق العقل وتمييز الإنسان به، ويقصد بالتصور الإسلامي أو المنظور
الإسلامي بالنظر إلى الأشیاء طبقاً للتصور الاعتقادي الموحى به من الله سبحانه
وتعالى في القرآن الكریم أو السنة النبوية.
-     
أهمية  
التفكير   الابتكاري   في  
الإسلام :
أشار الإسلام إلى أهمية تنمية التفكير
الابتكاري لدى الأفراد، فقد ساوى بين جميع البشر عندما زودهم بالعقل، ودعاهم إلى
توظيفه في حياتهم باعتباره أداةً للتعلم تلازمهم طيلة حياتهم، ونبه إلى القدرات
الكبيرة للعقل التي لا حدود لها، فقال سبحانه وتعالى: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ) 
(الإسراء، 85)،
وهذا
يعني أنَّ الإنسان لم يستخدم إلا جزءاً يسيراً من قدراته العقلية، وأنَّ المجال
أمامه لا يزال واسعاً لتعلم المزيد، وقد حثنا الخالق البديع على إعمال العقل
والتفكر والتدبر في ملكوت الله، فقال الله عز وجل: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ)
(سورة البقرة، 226) ،
وقال جل وعلا: (ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ
ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) (سورة الأنعام، 50).
كما
أشار إلياس (2013: 269) إلى أن القرآن الكريم جاء زاخراً بالآيات التـي تحـث عـلى
شـحذ الـذهن، وإجالـة الفكر في كلٍّ مكونات الكون، للوصول إلى المعرفة القائمة على
اليقين الجـازم الـذي لا يخالطه الشك والريب، قال عز من قائل: (ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ)
(سورة آل عمران، 191) ففي
هذه الآيات أمرٌ بالتفكر والتأمل في ملكوت الله وما خلقه من سنن مادية ومعنوية،
إعمالاً للعقل وتطويراً للرؤى والأفكار لتدرك الماثل وتستوعب الحادث وتستشرف
المستقبل، عن علم ينفي الجهالة حتى يصبح التفكير ضرورة حياتية والابتكار ضرورة
حضارية.
 كما حث الخالق - جل جلاله - عباده على النظرة
التأملية، التي لا تتأتي إلا من خلال التفكير المتبصر في سبيل اكتشاف سنن الله،
التي تتحكم في حركة الكون والإنسان، قال تعالى في محكم التنزيل: (
ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ )(سورة النحل، 44) ثم دعانا إلى التفكر في الأحداث التاريخية فقال
سبحانه:( ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ)
(سورة الأعراف، 176)، ودعانا إلى التفكر في النفس الإنسانية ومعرفة
أسرارها وخصائصها وعظمتها، فقال تعالى: (ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ) (سورة الذاريات، 21)، وهناك
دعوات أخرى للتفكر في خلق الإبل والجبال والسماء والأرض والطعام، وكل ما يحيط
بالإنسان في بيئته المادية والنفسية، وعندما نتأمل الآيات الأولى التي نزلت على
نبينا محمد - r-
قال سبحانه:(ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ) (سورة العلق، 1- 5)، نجد أنَّ القراءة هنا وسيلة للتفكير والفهم،
ثم جاء بعدها بصفة عظيمة من صفات الله سبحانه وهو الخلق والإبداع، ثم دعوة للإنسان
إلى أن يفكر باستخدام وسائل التفكير مثل القراءة والكتابة حتى يصل إلى مرحلة الابتكار.
لذا وجه القرآن الكریم الإنسان لإعمال عقله في
التفكر في الأمور كلها، وبنواحٍ شتى لاستخلاص ما ينفعه في شؤون الدنیا والآخرة،
ولعلَّ ذلك عین الإبداع، لأن عالم الحیاة فيه من الحقائق الوجودیة ما لا یحصى، وهي
حقائق دنیویة، وقد أباح الله عز وجل اكتشاف قوانینها ومعرفتها، ومن ثم تسخیرها
لإثراء الحیاة وخدمة الإنسانیة لمن أحبَّ وكره من بنى آدم، وجعل الوسیلة المثلى
للتعامل مع هذا العالم هي العقل (إلياس،2013: 280). 
وقد أورد معمار(2006: 27) بعض المفاهيم
الإسلامية للتفكير الابتكاري من القرآن الكريم والسنة النبوية كما يأتي:
1.   
التفقُّه: قال الله تعالى: (ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ)  (سورة الانعام،97)؛ إن التفصيل في آيات
الكون وذلك الخلق الحكيم الذي لا يمكن إلا لإله قدير حكيم يستحق التوحيد والعبودية.
2.   
النظر: قال الله تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ) (سورة
الأعراف، 185).
3.   
الاعتبار:
قال الله تعالى: (ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ)  (سورة يوسف، 111).
4.   
التدبُّر: قال الله تعالى: (ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ) (سورة محمد،24).
5.   
التبصُّر: قال الله تعالى: (ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ)  (سورة
يوسف، 108).
6.   
التعقُّل: قال الله تعالى: (ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ) 
(سورة الحج،46).
7.   
التوسُّم: قال الله تعالى: (ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ) (سورة الحجر،75)؛ أي
للمتفكرين.
8.  
التشاور :قال الله تعالى:(ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ) (سورة
الشورى، 38)، فالتشاور فيه إعمال للعقل والتفكير العميق
للخروج برأي سديد.
9.   
الاجتهاد:
وهو التحرر الفكري والبحث عن حلول لمسائل معقدة
لم تكن موجودة لدى السابقين.
يُعدُّ العقل البشريُّ من أهم مكونات الكيان
الإنساني، ومن أعظم النِّعم التي أنعم الله بها على الإنسان، وبغيره يتساوى
الإنسان والحيوان في الفعل، وبغيره لا تتطور الحياة ولا تتقدم الحضارة. فالعقل هو
القوة المدركة للحقائق، والأداة التي تصل بالإنسان إلى مراحل متقدمة في التفكير
والاختراع والإبداع في شتى العلوم، والاستفادة منها، وقد يصل العقل في استكشافه
للحقائق إلى نتائج ملموسة ومحسوسة، غير أن بعض الحقائق لا يمكن للعقل أن يتوصل
إليها، لكنه يدركها بما تتركه من آثار تبدو ظاهرة وواضحة في هذا الكون، ومن هنا أوجب
الإسلام التفكُّر، ورفع قيمة العقل، ليستطيع إدراك الحقيقة الكبرى، وهي قدرة الله
وعظمته ووجوده (إلياس، 2013: 238).
فالكون كله كتاب مفتوح يقرأ كل إنسان منه ما
يستطيع ويستنتج منه عظمة الخالق وكماله، وصدق الحقائق التي وضعها الله تعالى في
هذا الكون، والتي تشير إلى إتقان الصنع ودقة الإحكام وتناسق الأجزاء، ويحث
القرآن  الكريم على التدبر والتفكر في
تجارب السابقين، والبحث والاطلاع على آثارهم لاستنتاج دلالات جديدة تنم عن
أحوالهم، واستخلاص العبر منها لتوظيفها في الواقع المعاش، ويؤيد ذلك قول الإمام
علي بن أبي طالب: العقل يزيد بالعلم والتجارب(سعيد، 2008: 242)، فالعقل يتدرج في
النمو من التجارب البسيطة إلى التجارب المعقدة.
وفي المنظور الإسلامي عند تعمق الإيمان في
المرء يسيطر الوجدان الفكري بكل حقائقه العلوية ووجدانياته، على منطق المحسوسات،
ويغدو الإدراك الحسي منقاداً متوجهاً بكل إمكاناته إلى الغايات والمقاصد التي
يرسمها له منطق المعنويات(سعيد، 2008: 243)، 
وهذا يفسر قول الله تعالى في الحديث القدسي عن أبي هريرة t
قال: قال رسول الله-r  : إن اللهَ قال: " وَمَا يَزَالُ عَبْدِي
يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ:
كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ،
وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإن
سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ " (البخاري،2002، رقم 6164)
فالمؤمن يسمع ويرى ويفكر بنور من الله، وهذه تعد قوة حقيقية للمؤمن ليبدع ويبتكر
وينتج ويصنع امتثالاً لأمر الله وعلى هدى وبصيرة من الله.
فروح الابتكار تتجلى في المنظور الإسلامي من
خلال عرض الحقائق والمعاني عرضاً عملياً محسوساً ولم يعرضها عرضاً نظرياً، فالله
سبحانه وتعالى لم يحدثنا عن كنه قدرته وكيفيتها وعن أسرارها الخفية، ومعانيها
التجريدية، بل عرضها عرضاً سافراً في مخلوقاته، فنراها في البحر والجبل والزهر
والشجر والشمس والقمر، ونحو ذلك مما تقع عليه العين في الأرض والسماء، وهذا العرض
العملي مقنع لإدراكها والشعور بها(سعيد، 2008: 246)، بل إن هذا العرض فيه دعوة غير
مباشرة للإنسان لأن يتحرك ويسعى في الأرض بما آتاه الله من عقل وحواس وإمكانات
للتعمير والبناء والقيام بسنة الاستخلاف خير قيام. 
لذا جاء الإسلام ليخرج
الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا
والآخرة، كما جاء ليحرر عقل الإنسان من التفكير النمطي، القائم على العبودية
والرضا بالدون، والاستسلام للواقع، إلى الحرية الفكرية المنضبطة بتعاليم
الإسلام السمحة، فنجد أن المسلمين الأوائل بنوا أعظم حضارة في فترة زمنية قياسية،
والمتغير الوحيد الذي استجد وغير حياتهم هو الدين الإسلامي، الذي حثهم على العمل
والهمة والمبادرة والإبداع والابتكار.
ظهر مفهوم التفكير الابتكاري في أفكار ومبادئ واضعي النظريات النفسية
لاسيما النظريات الحديثة، ومن أهمها النظريات الإنسانية، والعاملية، والمعرفية،
وتم تناول هذه الأفكار والرؤى بالتوضيح كما يلي:
1.   النظرية  الإنسانية :
وصَفَ مؤسس
النظرية ماسلوA.Maslow(1970) المشار إليه في حجازي (2001:
31) الابتكار بأنَّه سمات أساسية كامنة في الطبيعة الإنسانية، وهو قدرة تمنح لجميع
الناس منذ ميلادهم، بشرط توفر الحرية في المجتمع، والخلو من الضغوط وعوامل الإحباط،
وبيَّن نوعين من الابتكار هما: القدرة الابتكارية
الخاصة؛ والتي تعتمد على الموهبة والعمل الجاد المتواصل، والإبداع في تحقيق الذات،
أي أن الابتكار كأسلوب لتحقيق الفرد لذاته، ويرى أن القدرة على التعبير
عن الأفكار دون نقد ذاتي هو شيء ضروري للإبداع في تحقيق الذات، وهذه القدرة تشبه
الابتكار البريء الذي يقوم به الأطفال.
كما أشار روجرز Rogers المشار إليه في  Starko((1995 : 37 إلى أن المبتكرين يتسمون بالانفتاح نحو التجريب،
فالأفراد المبتكرون متحررون من وسائل الدفاع النفسية التي قد تمنعهم من اكتساب
الخبرات من بيئتهم، كما أنهم يتميزون بالتركيز الداخلي على التقييم، وهو الاعتماد
على الحكم الشخصي لا سيما في النظر إلى النتاجات الابتكارية، بالإضافة إلى القدرة
على اللعب بالعناصر والمفاهيم والأفكار وتخيل التراكيب الممكنة، وتقدير الافتراضات.
أي أن اتجاه
أصحاب النظرية الإنسانية يتميز عن بقية الاتجاهات النفسية، فقد رفضت هذه النظرية
الأفكار التي توصلت إليها النظرية السلوكية والجشطالتية في تفسير السلوك الإنساني، حيث ركزت على الطبيعة الإنسانية، واعتبرت أن
الدافع الابتكاري يشتق من الصحة النفسية السليمة والجوهرية للإنسان، وأن الابتكار
يمثل محصلة التطور العقلي الكامل. 
2.  
النظرية  
العاملية :
تمثل
هذه النظرية أفكار وآراء ووجهات نظر جيلفورد Guilford، والذي
قام بدراسة عن القدرات العقلية، حدد فيها القدرات العقلية الابتكارية في ضوء
التفكير التباعدي، حيث اعتبر الابتكار عبارة عن تنظيمات أو تكوينات مؤلفة من عدد
من القدرات العقلية البسيطة وتختلف باختلاف مجال الابتكار (الهادي، 2015: 73)، كما
جاءت النظرية العاملية بعدد من الأفكار في مجال التفكير الابتكاري، من أهمها أن
التفكير الابتكاري هو تفكير تباعدي، ولكن العكس غير صحيح، فالتفكير التباعدي ليس
بالضرورة أن يكون تفكيراً إبداعياً، وهذا يعني أن الطلاقة، والمرونة، والأصالة
كعمليات تباعدية تمثل عوامل رئيسة في مهارات التفكير الابتكاري، والمقصود بالطلاقة
هو: إصدار كم كبير من الاستجابات المترابطة، ويمكن قياس الطلاقة في ضوء عدد هذه
الاستجابات أو سرعة صدورها،  كما تقاس
المرونة كيفياً بالاعتماد على تنوع هذه الاستجابات، أما الأصالة فتقاس كيفياً في
ضوء ندرة الاستجابات وعدم شيوعها، وأوضح جيلفورد أن الاتساق يؤدي دوراً هاماً في
تفكير الفرد، فالابتكار في الرياضيات يبدأ بخطة للحل، وفي الموسيقى بفكرة أساسية،
وفي الشعر والقصة والرواية بهيكل عام، وفي الرسم بموضوع (أبو
حطب، صادق، 1999: 629).
كما يرى جيلفورد  Guilfordالمشار
إليه في حجازي (2001: 35) وجود علاقة بين التفكير الابتكاري وحل المشكلات، فحيثما
وجد الإبداع، فإنَّه يوجد حلاً جديداً لمشكلة ما، وهذا الحل يتضمن درجة معينة من
الجدة، واعتقد جيلفورد بوجود فروق بين التفكير الابتكاري والإنتاج الابتكاري، فقد
يتصف الفرد بصفات المبتكرين، ولكنه لا يقدم إنتاجاً ابتكارياً، فلا يقدم إنتاجاً
ابتكارياً إلا إذا توفرت لديه الظروف البيئية المناسبة، ويتضح أن نظرية جيلفوردGuilford أسهمت في توسع البحث في مجال التفكير الابتكاري، لا سيما لدى الطلبة الذين
يمتلكون قدرات ابتكارية ولا يقدمون إنتاجاً ابتكارياً، بالإضافة إلى أن الاختبارات
التي وضعها تُعد من المقاييس الأساسية في هذا المجال، فقد استفاد منها تورانس
وغيره وصاغوا على نسقها مقاييسهم في مجال التفكير الابتكاري، ومن أهم الانتقادات
التي وجهت لتلك النظرية أنَّها توقفت عند العوامل العقلية للابتكار.
في
نفس السياق رأى جيلفورد Guilford المشار إليه في الكناني
(2005: 69) بأن التَّصنيف الثنائي الَذي يقوم على أساس التمييز بين بعد المحتوى
وبعد العمليات غير كافٍ لتصنيف مظاهر النشاط العقلي، لذلك أضاف إلى هذين البعدين
بعداً ثالثاً هو بعد النواتج، وأطلق عليه نموذج ثلاثي الأبعاد وبناءً على هذه الأبعاد
الثلاثة ميَّز في تصنيفه بين هذه الأبعاد كما يلى: 
أولاً: بعد العمليات:
يقصد جيلفورد Guilfordببعد العمليات؛ نوعية العمليات العقلية التي يجريها الأفراد
على المحتويات أو المعلومات، ويشمل ست قدرات رئيسة هي:
1.   
الإدراك: اكتساب وتعلم الخبرات والمعارف.
2.    التذكر:
تخزين واستدعاء المعلومات.
3.    التفكير
المتقارب: التوصل إلى إجابة لمسألة معينة من خلال معلومات سابقة.
4.    التفكير
المتشعب: المرونة الفكرية والقدرة على ابتكار حلول جديدة.
5.    التقويم:
إصدار الأحكام حول الخبرات والمعارف واتخاذ القرارات المناسبة.
6.   
التسجيل الذاكري المؤقت: تسجيل المعلومات والاستدعاء
المباشر لها.
ثانياً: بعد المحتوى:
يقصد جيلفورد Guilford  ببعد المحتوى؛ نوع المعلومات الَّتي تنشط فيها
عمليات الذاكرة والتفكير، أو هو محتوى العمليات العقلية أو ما نحن بصدد التفكير
فيه، ويشمل خمسة محتويات هي:
1.    المحتوى
البصري: ويشمل
الألوان، والأشكال، والمواقع، والصور، والرسوم.
2.   
المحتوى السمعي: ويتضمن الخبرات الصوتية كالأصوات المختلفة.
3.   
المحتوى الرمزي: ما يرمز إلى أشياء مجردة كالحروف والأرقام
والأشكال.
4.   
المحتوى اللغوي: يشمل الخبرات اللغوية والكلامية المتعلقة
بمعاني المفردات والمفاهيم والأفكار.
5.    المحتوى
السلوكي: هو المضمون
الاجتماعي للسلوك، والذي يأخذ شكل القدرة على فهم أفكار ومشاعر وسلوكيات الآخرين
والقدرة على التفاعل الاجتماعي.
ثالثاً: بعد النواتج :
هو الأساس الثالث في التصنيف
عند جيلفورد Guilford
، ويقصد به الطريقة الَّتي يتم بها التعامل مع المحتويات سواءً
كانت أشكالاً، أم رموزًا، أم معاني، أم مواقف سلوكية، وسواءً استخدمت في ذلك
عمليات الذاكرة أم التَّفكير، ويشمل ستة نواتج هي: 
1.   
الوحدات: هي أجزاء منفصلة من المعرفة مثل كلمة أو فكرة معينة.
2.    الفئات: هي
تصنيف وحدات المعرفة إلى مجموعات طبقاً للخصائص المشتركة.
3.    العلاقات: هي تحديد
العلاقات بين الوحدات المعرفية، مثل (أقوى من)، (يؤدي إلى).
4.    الانظمة: هي بناء
انظمة معرفية من المعلومات والمعارف.
5.    التحويلات: هي التغيرات
والتحويلات على المعلومات والمعارف القائمة.
6.   
التطبيقات: هي التضمينات والتطبيقات للمعلومات أو المعرفة.
فأيُّ مهمةٍ معرفية تتضمن تنفيذ عملية عقلية على محتوى
لتحقيق نتيجة، وهناك (180) قدرة عقلية (6 عمليات x 5 محتويات x 6 نواتج).
3.   النظرية   المعرفية :
من أبرز مؤيدي النظرية
المعرفية؛ أوزبل Osebel المشار إليه في التميمي(2011: 53) على أن
العملية الابتكارية تتم وفق المراحل الآتية: التعلم بالاكتشاف، التطبيق، حل المشكلات، الابتكار، وينظر أوزبل إلى
مستوى الابتكار علـى أنَّه مشابه لمستوى التركيب في تصنيف بلوم Bloom للمستويات المعرفية، فكل منها
يتطلب ظهور إنتاج أصيل في ضوء الخبرات السابقة(التميمي،2011: 53)، كما في
شكل (3).

شكل(3)
العملية الابتكارية لدى أوزبل 
(التميمي،2011:
53)
كما أشار التميمي(2011:
53) إلى رأي ستيرنبرج ولوبارت Lubart
& Sternberg (1991) اللذان يُعدُّان مـن المنظـرين الحديثين للنظرية
المعرفية، بأنَّ الابتكار يقوم على ستة مكونات رئيسة هي: العمليات العقلية، والبناء
المعرفي (المعلومات)، والأسلوب المعرفي، والسمات الشخصية، والعوامل الدافعية، والسياق
البيئي، وأن هذه المكونات يمكن أن تتجمع وتندمج معاً، لينتج عنها ناتج ابتكاري في
أي مرحلة من الحياة، ويتوقف هذا الناتج على مدى فاعلية العمليات العقلية ونوع
المعلومات واستراتيجيات المعالجة، ويتطلب الابتكار استخدام ثلاث قدرات وبشـكل
متوازن هي: التركيبيـة Synthetic والتحليليـة Analytical والعمليـة  Practical.
في نفس السياق يرى ستيرنبرغ Sternberg المشار إليه في جروان(2002: 103) أن الشخصية مظهر مهم في العملية الابتكارية، كما هو
الحال بالنسبة للذكاء وطرائق استخدامه أو أنماط التفكير، ويرى أن بعض خصائص
الشخصية تساعد علـى حدوث الابتكار أكثر من غيرها، ومن بين تلك الخصائص: القدرة على
تحمل الغموض، والرغبة الجازمة في تخطي المعلومات، والدافعية الداخليـة الذاتيـة،
والإرادة القوية لبلوغ الاعتراف بالإنجاز عن طريق العمل الجاد، وأن الأفراد يبدعون
بفضل التكامل والدمج بـين المظاهر الثلاثة للابتكار، وهي القدرة العقلية أو الذكاء
ونمط التفكير وخصائص الشخصية، كما أن الابتكار يحدث بصورة مختلفة ويأخذ أشكالاً
مختلفة، وليس بالضرورة أن يكون لدى المبتكر القدر نفسه من المظاهر الثلاثــة،
لكونهــا تتفاعــل فيمــا بينــها، وبطــرق مختلفــة في اظهــار الأداء
الابتكــاري.
ووفقاً للنظريـات المعرفية
فإنَّ التفكير الابتكاري يمثل طرائق مختلفة في الحصول على المعلومات ومعالجتها،
وطرائق مختلفة في الدمج بين هـذه المعلومات من أجل البحث عن الحلول الأكثر كفاءةً
للمشكلات، وأن الأفراد الذين تتضمن أساليبهم المعرفية Cognitive Style أقل قدر من الرقابة الخارجية،
يكونوا أكثر قابلية لأن يصبحوا من المفكرين المبتكرين. 
4.   نظرية  تورانس :
يُعدُّ الابتكار عند تورانس Torrance نوعاً خاصاً من حل المشكلات، يتضمن
نتاجـاً فكريـاً جديداً وذا قيمة، ويتطلب تغييراً في الأفكار السابقة قبولاً أو
رفضاً لها، ويكون حـل المشـكلة مبتكراً إذا تطلب التفكير إثارة شديدة ومثابرة تدوم
لمدة طويلة أو تكون المشكلة المطروحة في بداية الأمر غامضة وغير محددة، بحيث تصبح
صياغة المشكلة نفسها جزءاً مهماً من الحل، وأن الاختبارات التي صممها تورانس
ومعاونوه لقياس الابتكار تختلف عن الاختبارات التي صممها جيلفوردGuilford  وزمـلاؤه، فاختبارات الأول تشتمل على مهمات
معقدة، وصياغات تتناسب مع طبيعة التفكير الابتكاري، وخصائص النتائج المبتكرة
والشخصية المبتكرة (التميمي،2011: 9).
كما يرى تورانسTorrance المشار إليه في المعايطة، والبواليز(2007:
١٦٧) أن الابتكار يعتمد على الأصالة والجدة والقبول الاجتماعي، بمعنى أن
الابتكارية لا تعتمد على الأصالة فقط، بل يجب أن تكون مفيدة لأفراد المجتمع،
وتقـوم على التقبل والاستحسان الاجتماعي، لأن الابتكار يعتمد على رضا المجتمع
وتقـديره للابتكار، وركز تورانسTorrance في اختباراته على قياس القدرات
الابتكارية التالية: الطلاقة، والمرونة، والأصالة، وإدراك التفاصيل، وقد أضاف
مؤخراً عدداً من القدرات أهمها: القدرة على التوليف Synthesis، والقدرة على التجريد Abstraction، واللتان تتمثلان في إنتاج عناوين مميزة للرسوم التي ينتجها
الفرد، ودمج شكلين أو أكثر في صورة متكاملة متعلقة بهما، وكذلك القدرة على الغلق Closure، المتمثلة في تأجيل إتمام مهمة معينة لمدة زمنية تسمح بالتأمل من
أجل إمكانية التوصل إلى إنتاج أفكار تتميز بالأصالة، وقد فضل تسمية اختباراته بالأنشطة
لكي يستبعد عوامل الخوف والقلق من الموقف الاختباري (علام، 2000: 458).
بالرغم من أنَّ تورانس ينتمي إلى النظرية العاملية Factorial Theory أو نظريـة السـمات Traits Theory، ولكن الباحث أفرد نظرية تورانس بشكل مستقل في هذه
الدراسة، كونها اشتهرت باسم صاحبها وعلى نطاق أوسع من النظرية العاملية بحكم
حداثتها، ولأنّ الباحث استخدم مقياس تورانس في هذه الدراسة لقياس القدرة على
التفكير الابتكاري، وتستند نظرية تورانس بصورة أساسية إلى العقل، وتؤكد على السمة
التي تعني الصـفة أو الخاصية التي يتميز بها الفرد، ويمكن قياسها بمستوى متدرج
لمعرفة الفروق بين الأفراد، وتشير هذه النظرية إلى أن الابتكار هو عملية إدراك الثغرات
والاختلال في المعلومات، وفقدان بعض العناصر فيها، ومن ثم البحث عن دلائل ومؤشرات
لتلك الثغرات، فيضع الفرد فروضاً مستندة إلى ما يمتلكه من معلومات، ويختبر الفروض،
ويربط النتائج التي توصل إليهـا، ويجري التعديلات ويعيد ارتباط الفروض ثم يفسر
النتائج.  
مراحل   و
مستويات   التفكير  
 الابتكاري :
التفكير الابتكاري عملية عقلية وأي عملية لا
تتم إلا عبر مراحل أو خطوات حتى تكتمل وتظهر نتائجها، وفي العملية الابتكارية يُعدُّ الإلهام من أهم عواملها،
حيث تسبقه فترة من البحث والتفكير في الحل وفترة من الهدوء والاسترخاء والسكون، ثم
تأتي الفكرة الابتكارية فجأةً قد لا يكون الشخص منشغلاً بالتفكير فيها، وقد تأتي
هذه الفكرة أثناء الأحلام الليلية، فالتفكير الابتكاري هو تفكير حدسي، فالمبتكر قد
يرى في لحظة الإلهام حلاً لهذه المشكلة وتتفتح قابليته على مشاكل أخرى وحلول لها (العيسوي،1991:
96). فالتفكير الابتكاري عملية معقدة وغير ظاهرة لأنَّها تتم داخل المخ والجهاز
العصبي للإنسان؛ ولذلك فقد قسموها إلى مراحل أو خطوات.
في هذا الشأن أشار جروان (٢٠٠٢: ١٤١ (إلى استنتاج مفاده
أن التفكير الابتكاري عملية تتـألف مـن ثلاث مراحل رئيسة، وأن كل مرحلة تتكون من
خطوتين، وحدد هذه المراحل علـى النحو الآتي: 
1.    مرحلة إيجاد
الحقائق Finding Facts: وهذه المرحلة تتضمن تعريف المشكلة بعد التثبت من وجودها،
وتحديدها بصورة واضحة، والإعداد والتحضير وجمع البيانات ذات العلاقة وتحليلها.
2.    مرحلة إيجاد
الأفكار Finding Ideal: وهذه المرحلة تتضمن توليد الأفكار أو البدائل التي يمكن أن تساعد
في حل المشكلة، وتطوير الأفكار
باختبار بعضها وإضافة أفكار جديدة وتعديلها ودمجها ومراجعتها.
3.    مرحلة إيجاد الحل :Finding Solution وهذه المرحلة تتضمن التقييم، ويعني التحقق من الحلول المبدئية بالفحص
والاختبارات، واختيار الحل النهائي واتخاذ قرار بتنفيذه. 
كما ظهر تقسيماً أكثر تداولاً في الدراسات والبحوث العلمية،
والتي قسمت مراحل التفكير الابتكاري إلى أربع مراحل كما يأتي:
1.    مرحلة التحضير أو الإعداد Preparation:
تعد مرحلة الإعداد مرحلة مهمة، ففيها يتاح للفرد الحصول على المعلومات
والمهارات والخبرات التي تمكنه من تناول موضوع الابتكار أو تحديد المشكلة، وتبين أن
ذوي المستوى الابتكاري المرتفع يخصصون جزءاً كبيراً من وقتهم لمرحلة الإعداد التي
تتضمن تحليل المشكلة وفهم عناصرها، قبل البدء في حلها، بينما ذوي المستوى
الابتكاري الأدنى يمنحون وقتاً أقل لتلك الخطوة (عيسى، 1994: 135). وعرفتها السرور(2002: 54 (بأنَّها الخلفيـة المعرفيـة الـشاملة والمتعمقـة فـي
الموضوع الذي يبدع فيه الفرد.
ويتمُّ في هذه المرحلة جمـع المعلومـات
والبيانات عن المشكلة، وتحديد المشكلة بدقة، ودراسة الظـروف المحيطـة بهـا،
وتـسجيل الملاحظات، كما تتضمن هذه المرحلة استدعاء الخبرات المعرفية السابقة لدى
الفرد، وتحديد المجال المعرفي الذي يتطلب حله اختراقاً إبداعياً، والاطلاع
والتواصل مع الخبرات المرتبطة بالموقف أو القضية من مصادرها المختلفة، وتنظيم
الخبرات بهدف استيعاب القضية أو الموقف بشكل دقيق، وصياغة فرضيات في ضوء ما تم
التوصل إليه (الزايدي،2009: 82).
2.   
مرحلة
الاحتضان Incubation:
يتم في هذه المرحلة
تنظيم المعلومات وما بينها من علاقات، بصورة تجعل من الـسهل علـى المفكر أن يقترح
أفكاراً أو حلولاً، أو يضع فروضاً لحل المشكلة، وتتضمن استيعاب كل
المعلومات والخبرات المكتسبة الملائمة وفهمها وتمثيلها عقلياً، وقد اتضح من إحدى
التجارب أن أداء الفرد في عمل سابق يسهل الاستبصار في عمل لاحق، حتى وإن كان لا
يدرك الارتباط بينهما (خير الله، الكناني، 1990: 31).
وتأتي هذه المرحلة بعد
التفكير في المشكلة لفترة من الوقت دون الوصـول إلى حـلٍّ مُرضٍ، فيحدث إعادة
تنظيم للمعلومات للبحث عن حلول، وتتضمن مرحلة الاحتضان التفكير الجاد بالموقف
أي الانشغال الذهني، وتحرير الذهن من الافكار التي ليس لها صلة، والشعور والتفاعل
مع الموقف المطروح، وتحديد مجموعة من الحلول المقترحة، وصياغة الفكرة الجديدة (الزايدي،2009: 82).
3.    مرحلة
الإشراق أو التجلي Illumination:
هي الحالة التـي تحـدث فيهـا الومـضة أو الشرارة التي تؤدي
إلى فكرة الحل، والخروج من المأزق، وهذه الحالـة لا يمكـن تحديـدها مسبقاً، فهي
تحدث في وقت ما، في مكان ما، لدى الفرد دون سابق انذار، وتسمى بلحظة الإلهام لحل المشكلة، وتؤدي الظروف المكانية
والزمانية والبيئة المحيطة دوراً في تحريكها (الزايدي، 2009: 82).
وتتضمن هذه المرحلة انبثاق شرارة الابتكار، فهي اللحظة التي
تنبثق فيها الفكرة الجديدة، ثم تتوهج وتظهر فجأة بشكل جلي ومترابط مع الأحداث التي
تسبقها، أو المصاحبة لها، وعادة ما تكون هذه المرحلة مسبوقة بسلسلة من الأفكار
التي تم التعامل معها في المراحل السابقة، وبالرغم من وجود جوانب لاشعورية لهذه
العملية، إلا أن لها جانباً
شعورياً خافتاً، ما يجعلها تبدو غير واضحة المعالم في البداية، ويجعل الإنسان يعي
العلاقات ولكن بشكل غير واضح، وبعيداً عن متناوله بشكل مباشر، ويعقب ذلك حدوث
التجلي، وانبثاق شرارة الابتكار (القذافي،2000 :54)، كما تتضمن هذه
المرحلة إنتاج المزيد والجديد من القوانين العامة، التي
لا يمكن التنبؤ بها، وظهور الفكرة فجأة، وتبدو الخبرات وكأنَّها نظمت تلقائياً
دون تخطيط مسبق (العتوم، 2009: 146).
4.    مرحلة
التحقق Verification:
تُعد مرحلة التحقق مرحلة نهائية، للحصول على
الإنتاج الجديـد، وتتضمن الاختبار التجريبي للفكرة المبتكرة وتقييمها، وهي تشبه
مرحلة الإعداد لأنَّها تحدث عن وعي كامل، وتخضع للقوانين والأسس والمبادئ
المنطقية، ويتم في هذه المرحلة تقييم واختبار الحلول أو الأفكار المنتجة، وإعادة
فحص محتواها، والنظر في مدى ملاءمتها لقوانين المنطق العقلي وصلاحيتها للعمل أو
التنفيذ (القذافي، 2000 :55).
وتتضمن هذه المرحلة تجريب الأفكار التي تم التوصل إليها، واختبار صحتها، والوصول
إلى صياغة دقيقة لفكرة الحل (العتوم، 2009: 146). 
من
جهة أخرى يرى جيلفورد Guilford المشار إليه في الدايني (1996: 36) أن
مرحلة الاحتضان ليست ضـرورية في العملية الابتكارية، بل تُعدُّ شرطاًCondition،
وفي هذا الاتجاه يتم التركيز على معرفة طبيعة العمليات العقلية التي تحدث خلال
مرحلة الاحتضان، ويسمونها بمرحلة كمون الحل، ويرون أن كفاية انجاز هذه العمليات هي
التي تحدد إمكانات أيُّ شخص في الابتكار، وأنَّه لا يمكن الاستدلال على طبيعة هذه
العمليات أو الوظائف إلا من أداء الأفراد أثناء حلهم لبعض المشكلات التي تقدم لهم،
بمعنى أن مراحل الإعداد والاحتضان والتحقق ليس لها أهمية في عملية الابتكار، وأن
مرحلة الإشراق هي التي تعد محور العملية الابتكارية، ويتم فـي هـذه المرحلة التأكد والتحقق، والتقييم للحلول
التي توصـل إليها الفـرد أو الأفكـار التي وضعها لحل المشكلة، فتخضع هذه الأفكار
للدراسة، للتأكد من مدى صحتها لحل المشكلة، والتحقق من منطقية الحل، مع مراعاة
اختلاف نوع التقييم باختلاف المجال الـذي يـتم فيه الابتكار.
مستويات  التفكير  الابتكاري 
:
أشار الحفني (1995: 30) أن الدماغ يعمل في عدة مستويات في وقت
واحد في حالة الوعي، مثل عالم الألوان والحركات والمشاعر والأشكال والروائح والأصوات
والتذوق والأحاسيس وغيرها، وتتصف عملية التفكير الابتكاري بأنَّها عملية شديدة
التعقيد ففيها التذكر والتصور والتخيل، وفيها الكثير من الدوافع، كما تتضمن حل
المشكلات واتخاذ القرارات. 
كما أوضحت العديد من الدراسات أن التفكير الابتكاري
يمكن تقسيمه إلى مستويات، ومن أهم هذه الدراسات دراسة تايلورC.Taylor (1965) المشار إليها في رشوان (2000: 60) التي حددها بخمسة مستويات كما يأتي: 
1.    الابتكار
التعبيري Expressive Creativity:
يتمثل هذا الابتكار
في الرسوم التلقائية، وفي التعبير المستقل دون حاجة إلى مهارة أو أصالة أو نوعية
الإنتاج، وأن الابتكار التعبيري هو المستوى الذي يقابل مرحلة النمو الخاصة برياض
الأطفال، فالأطفال في هذه المرحلة يستنفذون معظم جهودهم الابتكارية في القدرات
اللفظية والتعبيرية، وقليل منهم من يرتقي إلى المستوى الثاني، كما يتمثل في القدرة
على التعبير عن المهارات والأصالة ونوعية الإنتاج، ويميز النابغون هنا صفة
التلقائية والحرية.
2.     الابتكار
الإنتاجي Productive Creativity:
يتم في هذا المستوى تقييد النشاط الحر التلقائي وضبطه
وتحسين أسلوب الأداء في ضوء قواعد معينة، حيث يظهر الميـل لتنفيذ النشاط
الحـر التلقائي وضبطه وتحسين أسلوب الأداء في ضوء قواعد معينة، وهنا قد يختلف
إنتاج الفرد عن إنتاج غيره اختلافاً كبيراً.
3.    الابتكار
الاختراعي Inventive Creativity:
يتميز هذا المستوى بالاختراع والاكتشاف اللذان يتسمان
بالمرونة في إدراك علاقات جديدة وغير عادية بين مجموعة أجزاء كانت منفصلة من قبل.
4.    الابتكار
الانبثاقي Emergentive Creativity:
نستدل على هذا النوع من الابتكار بظهور نظرية جديدة
أو قانون علمي تزدهر حوله مدرسة فكرية جديدة، وهو تصور لمبدأ جديد تماماً في أي
مستوى من مستويات التفكير.
5.    الابتكار
التجديدي Innovative Creativity:
يستدل على هذا النوع من
الابتكار بقدرة الفرد على التطوير والتجديد الذي يتضمن استخدام المهارات التصورية
الفردية، وهو مستوى لا يظهر
إلا عند قليل من الناس، ويتطلب تعديلاً هاماً في الأسس أو المبادئ العامة التي
تحكم ميداناً كلياً في الفن أو العلم أو الأدب، ومن ذلك الفروق بين المدرسة
الكلاسيكية والرومانسية في الأدب والفن.
إذن
فالتفكير عملية عقلية تنشط بواسطة قدرات معقدة ومتشابكة في تكوينات المخ، وبحسب
نشاط هذه القدرات وفاعليتها وكفاءتها تكون طبيعة التفكير ومستواه.
قدرات  التفكير الابتكاري   ومقاييسه :
قدرات التفكير هي عمليـات معرفيـة إدراكيـة تُعد
اللبنات الأساسية في بنية التفكير، وقد صنف جيلفوردGuilford  المشار إليه في منسي (1993: 241) قدرات التفكير الابتكاري إلى ثلاث مكونات أساسية هي القدرات المعرفية والتي تشمل الإحساس بالمشكلات، وإعادة التنظيم
والتجديد، والقدرات الإنتاجية والتي تشمل الطلاقة، والمرونة، والأصالة، والقدرات
التقييمية والتي تشمل عوامل التقييم، لذا فإنَّ القدرات الرئيسة للتفكير الابتكاري هي القدرات الإنتاجية والتي
اتفق عليها كثير من العلماء والباحثين في مجالات الموهبة والابتكار والتفكير وهي
كما يلي: 
أولاً : قدرة   الطلاقة Fluency:
تمثل الطلاقة دوراً مهماً في معظم صور التفكير الإنساني
لاسيما التفكير الابتكاري، وعرِّف تورانس Torrance(1988: 17) الطلاقة بأنَّها: القدرة على استدعاء أكبر عدد ممكن من
الاستجابات تجاه مشكلة ما أو مثير معين، في فترة زمنية محددة، أو هي القدرة على استخدام المخزون
المعرفي عند الحاجـة إليه، وعرفها الحارثي (2001: 67) بأنَّها:
القدرة على إنتاج كميـة كبيـرة مـن الأفكار، فوق المتوسط العام، ينتجها الفرد في
فتره زمنية محددة.
كما عرف جروان (2002: 82 ) الطلاقة: بالقدرة على توليد عدد كبير من البدائل، أو المترادفات،
أو الأفكار، أو المشكلات، أو الاستعمالات عند الاستجابة لمثير معين، مع السرعة
والسهولة في توليدها، وهي في جوهرها عملية تذكر واستدعاء اختيارية لمعلومات، أو
خبرات، أو مفاهيم سبق تعلمها، ويرى سعادة (2006: 85( بأنَّ الطلاقة عبارة عن مهارة تستخدم من أجل التفكير بطرق جديدة غيـر
مألوفة أو استثنائية، من أجل أفكار ذكية وغير واضحة، واستجابات غير عادية وفريـدة
مـن نوعها، وهي تلك المهارة التي تجعل الأفكار تنساب بحرية، من أجل الحصول علـى أفكـار
كثيرة، وفي أسرع وقت ممكن، وأما المشرفي (2003: 57) فقسم الطلاقة إلى جزئيات، تشمل
طلاقة الأشكال البصرية وتتعلق بالفنون التشكيلية، وطلاقة الأشكال السمعية وتتعلق
بالموسيقى، وطلاقة الرموز وتتعلق بالتأليف الأدبي في الشعر والنثر، وطلاقة المعاني
والأفكار وتتعلق بالابتكار الأدبي والعلمي، والطلاقة العامة وتتعلق بالمهن
والأعمال والبيع والإعلان والدعاية والخطابة والتدريس. 
وتوصل الباحثون إلى مقاييس علمية دقيقة لقياس قدرات
التفكير الابتكاري من أهمها مقياس تورانس للتفكير الابتكاري، واختبار جيلفوردGuilford ، ومعظم المقاييس التي تقيس الطلاقة تركز على الخصائص التالية:  سرعة التفكير في إنتاج كلمات كثيرة من نسق واح،
وتصنيف الأفكار وفق متطلبات معينة، والقدرة على إعطاء عدد من
الكلمات ترتبط بكلمة معينة، والقدرة على وضع الكلمات في جمل وعبارات ذات معنى(زيتون، 1999: 21). 
-      
أنواع الطلاقة: تم
التوصل إلى أنواع الطلاقة باستخدام التحليل العاملي للقدرات العقلية وهي:
1.     
الطلاقة اللفظية Verbal Fluency:
هي القدرة على سرعة إنتاج أكبر عدد ممكن من الكلمات التي تتوفر فيها خصائص معينة،
ويرى أبو جادو (2007: 160) بأنَّ الطلاقة اللفظية تستخدم في اللغـة المنطوقـة، أو
وحـدات التعبيـر كاللقطات في لغة التصوير، وتقاس بسرعة توليد أو إنتاج الكلمات وفق
شروط معينة في بنائهـا وتركيبها، وتظهر كقدرة على إنتاج أكبر عدد من الكلمات
التي تحتوي على حروف معينة أو مجموعة من الحروف أو النهايات المتشابهة، وتلاحظ هذه
القدرة لدى المبدعين في مجالات العلوم الإنسانية والفنون، فعلى سبيل المثال: كتابة
عدد من الكلمات تبدأ بحرف الصاد وتنتهي بحرف القاف، أو تكوين كلمـات من ثلاثـة
أحرف وتبـدأ بحرف العين.
2.    الطلاقة
الفكرية Associational Fluency:
هي قدرة الفرد على ذكر أكبر عدد ممكن من الأفكار في
وقت محدد، بغض النظر عن نوع أو مستوى هذه الأفكار، أو جوانب الجدية، أو الطرافة
فيها، وعرفها القذافي (2000: 42) بأنَّها القدرة على إنتاج أكبر عدد من التعبيرات
التي تنتمي إلى نوع معين من الأفكار في زمن محدد، وتُعدُّ الطلاقة الفكرية من
السمات عالية القيمة في مجالات الفنون والآداب، وتدل على القدرة على إنتاج الأفكار
لمقابلة متطلبات معينة، ويتم الكشف عنها باستخدام اختبارات تتطلب من المفحوص
القيام بنشاطات معينة، وعلى سبيل المثال: اذكر أكبر عدد ممكن من الأشياء ذات اللون
الاخضر، أو الأشياء القابلة للكسر؟.
يرى أبو جادو (2007: 160) بأنَّ الطلاقة التعبيرية
تعني القدرة على التعبير عن الأفكار بـسهولة، وإمكانيـة صياغتها في كلمات أو صور،
ويمكن التعبير عنها بطريقة تكون فيها متصلة بغيرهـا وملائمـة لهـا، وتشير الطلاقة
التعبيرية إلى قدرة الفرد على وضع الكلمات في أكبر عدد ممكن مـن الجمل والعبارات، وتعني كذلك القدرة على التفكير
السريع في الكلمات المتصلة الملائمة، وذكر القذافي (2000: 43) أنَّ التعرف على هذه
القدرة عن طريق الاختبارات التي تتطلب من المفحوص إنتاج تعبيرات أو جمل تستدعي وضع
الكلمات بشكل معين أو في نسق معين، وعلى سبيل المثال: إعطاء الفرد مجموعة من
الكلمات، لترتيبها بحيث تكون نصاً منظماً ذا معنى، أو كتابة جميع الاستعمالات
الممكنة لعلبة الكرتون الفارغة. 
4.    الطلاقة
الارتباطية Relevancy Fluency:
هي القدرة على
إنتاج أكبر عدد ممكن من الوحدات الأولية ذات خصائص معينة مثل علاقة تشابه أو تضاد،
وهي قدرة تتطلب إنتاج أفكار جديدة في موقف يتطلب أقل قدر من التحكم، ولا تكون لنوع
الاستجابة أهمية، وإنما تكون الأهمية في عدد الاستجابات التي يصدرها المفحوص في
زمن محدد (معوض، 1995: 51)، وعلى سبيل المثال: الرسـم الـسريع لعـدد مـن الأمثلـة
والتفصيلات أو التعديلات في الاستجابة لمثير وضعي أو بصري. 
ثانياً : قدرة المرونة
Flexibility:
عرَّف تورانس (57:1988) Torrance المرونة: بأنَّها القدرةُ على سرعة إنتاج أفكار
ترتبط بموقف معين، والتغلب علـى
المعوقـات العقلية التي تعوق تغيير منحنى تفكيره في حل مشكلة ما، كما عرفها أيضاً: بأنَّها قدرة الفرد علـى التفكيـر فـي اتجاهات مختلفة
تتضمن فئات مختلفة من الاستجابات، على أن يشمل إنتاجه أنواعاً متعددة مـن الأفكار،
وكذلك إمكانية تحويل تفكيره من مـدخل إلى آخـر باسـتخدام مجموعـة مـن
الاستراتيجيات، وذكر زهران (2000:
206 ) أنَّه يستدل على
مرونة التفكير عند المتعلم إذا اسـتطاع أن يشرح أفكار الآخرين، أو يعيد صياغتها
بلغته الخاصة، أو يبدي رأيه، أو يحل مـسألة مـا بأكثر من أسلوب.
بينما ترى قطامي)1996: 455) أن المرونة تتمثل في قدرة الشخص على تغيير الحالة
الذهنية والأفكار، لكي تتناسب مع تعقد الموقف، وتشير المرونة هنا إلى عكس ما يسمى
بالتصلب الذهني والجمود، وأن المرونة تنمي القدرة على تعديل السلوك نحـو الموقـف
المشكل بدلاً من الاستمرار في الطريق الخطأ، كما تعني المرونة كسر الجمود الـذهني المرتبط
بالأفكار القديمة، وهذا بدوره يقود إلى تغيـر الميول والاتجاهـات، ومن ثم تعـديل
السلوك ونمو العقل البشري، أي أنها بيئة مناسبة تسمح للمعلومات بأنَّ تتشكل فـي
أنماط مختلفة، وعرفها سعادة (2006: 44) بأنَّها: تلك
المهارة التي يمكن اسـتخدامها لتوليـد أنماط أو أصناف متنوعة من التفكير، وتنمية
القدرة على نقل هذه الأنماط وتغيير اتجاه التفكير، وتعني كذلك المهارة التي تجعل
الأفكار تنساب بحرية من أجل الحصول على أفكار كثيرة وفي أسرع وقت ممكن.
كما عرِّف منسي(1993: 241) المرونة بأنها: قدرة الفرد
على تغيير الحالة الفعلية بتغيير الموقف، 
فالمرونة عكس التصلب الذهني الذي يقتضي تبني أنماط فكرية محددة لمواجهة
المواقف المتنوعة، كما يقصد بالمرونة زيادة عدد فئات المنتجات، والفئة هي مجموعة
من الأشياء ذات خاصية واحدة، فعلى سبيل المثال إذا طلبنا من أحد الأفراد عمل صور
متعددة من كل خطين متوازيين، فنجد أنَّه يرسم نخلةً ووردةً وشباكاً وباباً وقلماً
وكتاباً، وعند تصنيف هذه الصور في فئات نجد أن النخلة والوردة من فئة النباتات،
والباب والشباك من فئة العمارة، والقلم والكتاب من فئة الأدوات المدرسية، ومن خلال
المثال السابق يحصل المستجيب على ست وحدات في الطلاقة، وثلاث فئات في المرونة،
وكلما زاد تنويع الفئات، زادت القدرة على المرونة.
أنواع المرونة: تنقسم المرونة إلى نوعين هما: 
1.   
المرونة التلقائية Spontaneous Flexibility:
 تعني القدرة
على تغيير التفكير في حرية دون توجيه بحلٍّ معين، مع إمكان تغيير الشخص لمجريات تفكيره في اتجاهات جديدة لإنتاج أكـبر عـدد
ممكـن مـن الأفكار المختلفـة في سـهولة ويسـر (خيرالله، 1981: 363)، كما تعني قدرة الفرد على إنتاج أكبر عدد من الأفكار بحرية
وتلقائية، بعيداً عن الضغط أو التوجيه، ويطلب من المفحوص ان يتجول بفكره بكل حرية
في اتجاهات متشعبة (القذافي، 2000: 44)، فعلى سبيل المثال عندما يطلب من الفرد ذكر
الاستخدامات الممكنة لعلبة الماء، نجده يتنقل في استخداماتها من لعبة إلى واقي
لضوء الشمعة، وحفظ البهارات، وقنبلة، ومروحة، ومكبر صوت، ... الخ، وعادة ما يتوقف
ذوو التفكير الجامد أو المحدود عند استخدامها لغرض واحد أو غرضين على الأكثر،
بينما يجد المبتكرون استخدامات متعددة
لعلبة الماء.
2.   
المرونة التكيفية Adaptive Flexibility:
هي قدرة الفرد على تغيير التوجه العقلي الذي ينظر من
خلاله إلى حـل مشكلة معينة، وبهذا المعنـى تُعد الطـرف الموجـب المقابـل للتـصلب العقلي، وسميت
تكيفية لان الفرد يقوم بتعديل مقصود في سلوكه، يتوافق مع الحل الناجح، ويظهر ذلك
في المشكلات المحددة تحديداً دقيقاً، وتتطلب حلولاً غير عادية.
كما تعني قدرة
الفرد على تغيير أسلوب تفكيره واتجاهه الذهني بسرعة، لمواجهة مواقف جديدة أو
مشكلات متغيرة، وتسهم هذه القدرة في توفير عدد من الحلول الممكنة للمشكلة بقوالب
إبداعية جديدة، بعيداً عن النمط التقليدي (معوض،1995: 174)، ويمكن قياس هذه القدرة
لدى الفرد باستخدام الاختبارات التي تعرض للمفحوص مشكلة ثم تطلب منه إيجاد حلول
متنوعة لها، مع رفض الحلول التقليدية المعروفة، لأن المطلوب التنوع في مثل هذا الموقف،
فالمُلاحظ أن الاهتمام ينصب على تنوع الأفكار أو الاستجابات، بينما يتركز الاهتمام
في الطلاقة على الكم دون الكيف والتنوع، وتقاس درجة المرونة بعدد الأفكار أو
البدائل أو المواقف أو الاستخدامات المختلفة أو الاستجابات أو المداخل التي ينتجها
الفرد في زمن محدد لموقف معين أو مشكلة معينة.
ثالثاً : قدرة   الأصالة
Originality:
تعد الأصالة من أكثر الخصائص ارتباطاً بالتفكير
الابتكاري، وتعني الجدة والتفرد، وعرفها جيلفوردGuilford ، وتورانسTorrance  المشار إليهما في جروان (1999:
84) بأنَّها: القدرة على إنتاج أفكار غير مألوفة، كما أشار الحارثي)2001: 70 ( إلى أنها قدرة الفرد على عدم
تكرار أفكار المحيطين به وحلـولهم التقليدية للمشكلات، فهي بذلك تتضمن الانفراد
والتجديد في الأفكار، أي أنَّها استجابة جديدة غير عادية، ونادرة تنبع من الإنسان
ذاته، كما عرفها سعادة (2006: 45) بأنَّها: تلك
المهارة التي تستخدم طـرق جديدة أو غير مألوفة أو استثنائية في التفكير، من أجل
إنتاج أفكار ذكية، واستجابات غيـر عاديـة وفريدة من نوعها، ويشير مفهوم الأصالة
إلى قدرة الفرد على إنتاج أكبر عدد ممكن من الاستجابات غير العادية وغير المباشرة
أو الأفكار غير الشائعة والطريفة، بسرعة كبيرة، وبشرط أن تكون مقبولة ومناسبة
للهدف، مع اتصافها بالجدة والطرافة.
تتمثل الأصالة في القدرة على إنتاج الأفكار غير
العادية، وحل المـشكلات بطـرق غيـر متوقعة، واستخدام الأشياء بأساليب غير شائعة،
بمعنى أن الأصالة لا تعتمد على الكم ولكن تعتمد على الكيف من الأفكار، وتُعدُّ عملاً
مشتركاً بين جميع التعريفات التي تركز على النواتج الابتكارية كمحك للتفكير
الابتكاري، ويجب أن نُفَرِّق بين الأصالة والطلاقة، ففي حالة تقديم فكرة غير
مطروحة أو غير مألوفة،
فذلك يدل على الأصالة، أما إذا كانت الفكرة معروفة، فتعد من أنواع الطلاقة
الفكرية. 
-       قياس قدرة الأصالة:
تقاس درجة الأصالة بمدى قدرة المفحوص على ذكر إجابات
غير شائعة في الجماعة التي ينتمي إليها، وكلما قل التكرار الإحصائي لأي فكرة، زادت
درجة أصالتها والعكس صحيح بمعنى؛ أنَّه كلما زاد التكرار الإحصائي للفكرة قلت درجة
أصالتها (خيرالله، 1981: 13)، وذكر الحارثي)2001: 70 (أنَّه يمكن تقدير الأصالة من
خلال التفكير في التتابعـات المستقبلية لحدث ما، وتوليد الأفكار والتوقعات
المترتبة عليه.
كما ذكر الحفني (1995: 25) أنَّه
للحكم على عمل ما بأنَّه جديد أو أصيل لا بُدَّ أن يكون الحكم عليه من خلال ربطه
بمجال معين أو إطار مرجعي، فالطفل الذي يأتي بسلوك غير مسبوق قد يكون مبدعاً
بالنسبة لزملائه الأطفال ولكنه ليس مبدعاً إذا قورن عمله مع أعمال الكبار، وكذلك
فإنَّ ما قد يظنه شخص ما في مجتمع جديداً وأصيلاً قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر.
فمعايير الملاءمة الخاصة بالكبار لا تتناسب بصورة
عامة مع معايير الأطفال، ويمكن اعتبار جهود الطفل ملائمة إذا كانت ذات هدف ومعنى
أو تؤدي إلى إيصال فكرة بأي طريقة، فإذا استطاع الطفل أن يشرح فكرة ما أو عمل على
حل مشكلة ما، فيمكن اعتبار جهوده ملائمة، وإذا استطاع عمل هذا بطريقة خلاقة وجديدة
على الأقل بالنسبة له، فإنَّنا نعتبر جهوده إبداعية (Starko,1995: 6)، وقد ذكر زيتون (1999: 24) أنَّ مستوى الأصالة يقاس بكمية الاستجابات غير الشائعة، والتي تعد
استجابات مقبولة لمشكلات أو مواقـف مثيرة، أو باختيار عناوين لبعض القصص القصيرة، ويطلـب فيهـا
مـن الفـرد أن يـذكر عنـاوين طريفة، أو غريبة بقدر ما يستطيع في وقت محدد، مع
احتمال استبدال القصة بصورة أو شكل معين.
رابعاً : التفاصيل (الإفاضة)
Elaboration:
عرفها
سعادة (2006:
46) بأنَّها: تلك
المهارة التي تستخدم من أجـل تجميـل الفكـرة أو العملية العقليـة وزخرفتهـا،
والمبالغـة فـي تفـصيل الفكـرة البـسيطة، أو الاسـتجابة العادية، وجعلها أكثر
فائدة وجمالاً ودقة بالتعبير عن معناها بإسهاب وتوضيح، أي أنَّها عبارة عن إضافة
تفصيلات جديدة للفكرة أو الأفكار المطروحة. في نفس الصدد وصف زيتون
(1999: 25 ) الفرد المبتكر ذا القدرة على التفاصيل بأنَّه:
الفرد الذي يستطيع أن يتناول فكرة أو عملاً ثم يحدد تفاصيله، كما يمكنه أن يتناول
فكرة بسيطة أو مخططاً بـسيطاً لموضوع ما، ثم يقوم بتوسيعه، ورسم خطواته التي تؤدي إلى
تطبيقه ، وتعني القدرة على إضافة معلومات وتفاصيل وعناصر
ومكونات لأشكالها الأولية، مثل توسيع فكرة ما، أو توضيح موضوع غامض، أو زيادة
بلاغة بإضافة معلومات ومحسنات بديعية جديدة. كما تسهم عملية الإفاضة أو
التَّفصيلات في عملية إكمال الموقف أو الموضوع قيد البحث أو الحل، ويقصد بعمليَة
الإكمال البناء على أساسٍ من المعلومات المعطاة لتكملة بناءٍ ما من عدَّة نواح
بحيث يصبح أكثر تفصيلاً، فالمعلومات المعطاة تشير إلى الخطوة الأولى للبدء،
وبالتالي كلُّ خطوة تسهم في بناء الخطوة التالية، وتُعدُّ قدرة الفرد على إضافة
التَّفصيلات تفكيراً تباعديًّا Divergent Thinking (أبو
جادو، 2007: 167).
 أي أنَّها تعني القدرة على إضافة تفصيلات جديدة
ومتنوُّعة لفكرة ما، كحلٍّ لمشكلة ما، هذه الإضافة من شأنها أن تساعد على تطوير
الفكرة، وإثرائها، وتنفيذها. كما تعني إخراج الفكرة او تنفيذها بصورة مكتملة وبنفس
الوقت أنيقة وجذابة وتدعو للدهشة والإثارة والاهتمام.
خامساً : الحساسية 
 للمشكلات
Sensitivity to problems:
 يقصد بها الوعي
بوجود مشكلاتٍ أو حاجاتٍ أو عناصر ضعفٍ في البيئة أو الموقف، ويعني ذلك أن بعض
الأفراد أسرع من غيرهم في ملاحظة المشكلة، والتحقق من وجودها في الموقف، ولا شك أن
اكتشاف المشكلة يمثل خطوة أولى في عملية البحث عن حلٍّ لها، ومن ثَمَّ إضافة معرفة
جديدة، أو إدخال تحسيناتٍ أو تعديلاتٍ على معارف أو منتجاتٍ موجودة، ويرتبط بهذه
القدرة ملاحظة الأشياء غير العادية أو المحيرة في محيط الفرد، أو إعادة توظيفها أو
استخدامها، وإثارة تساؤلات حولها (جروان، 1999: 85). 
كما
أشار قطامي وآخرون (2008: 199) بأنَّ الحساسية للمشكلات تعني القدرة على
رؤية المشكلات في أشياءٍ أو أدواتٍ أو نظمٍ اجتماعية قد لا يراها الآخرون، أو
التفكير في إدخال تحسيناتٍ يمكن إدخالها على هذه النظُم، فهي تتضمن ملاحظة الفرد
لمجموعة من المشكلات في الموقف الذي يواجهه، ويدرك الأخطاء ونواحي النقص والقصور
والإحساس والشعور بالمشكلات، وتتضمن ارتفاع مستوى الوعي وزيادته.
كما
تعرف بأنَّها قدرة الفرد الطبيعية الحسية والوجدانية على إعطاء استجابات تدل على
الأسباب حول مشكلة معينة، وإدراك الفرد بوجود المشكلة يُعدُّ الخطوة الأولى نحو
التفكير في حلها، وهي خطوة أساسية في التفكير العلمي فضلاً عن أن تكون قدرة أساسية
في التفكير الإبداعي المتضمن للتفكير العلمي، والمبدع حقاً يستطيع أن يدرك وجود
نواحي نقص وقصور في البيئة والمواقف التي قد تغيب عن الآخرين بسبب الألفة والتعايش
مع هذه الأخطاء أو المشكلات ونواحي النقص والقصور، وتظهر وبشكل واسع الفروق بين
المبدع وغيره في درجة حساسية وجود أي مشكلة تحيط به ( الداهري، :
2008 52).
إذن فهذه القدرة تساعد على إدراك مواطن الضعف
أو النقص في الموقف المثير، فالشخص المبدع يستطيع رؤية الكثير من المشكلات في
الموقف الواحد، فهو يعي نواحي النقص والقصور بسبب نظرته للمشكلة نظرة غير مألوفة،
فلديه حساسية أكبر للمشكلة أو الموقف المثير، ویحس بالمشكلات إحساساً مرهفاً، في
حین أن الآخرين من حوله قد یرون هذا الموقف واضحاً وعادیاً تماماً، بحیث لا يدعو
للتساؤل ولا یثیر إشكالاً أو شعوراً بفجوة أو ثغرة فيه.
سادساً : الاحتفاظ   بالاتجاه 
 والمواصلة Direction
Maintaining :
أشار
الصافي (1997: 36) إلى
أن الدراسات العربية للابتكار اكتشفت قدرة أخرى من قدرات الابتكار، وهي قدرة الاحتفاظ
بالاتجاه، أي يجب أن يكون المبتكر ذا قدرة على التركيز لفترات طويلة ومصحوبة
بالانتباه على هدف معين، وتخطي أي معوقات أو مشتتات وعدم الالتفات إليها، ويقصد
بذلك المواصلة الزمنية، والإدراكية، والمزاجية، وتم توضيح الفروق بين قدرات
التفكير الابتكاري في جدول(3).
| 
   القدرة  | 
  
   المعنى  | 
  
   العمليَّات  | 
  
   النَّتائج  | 
  
   مثال  | 
 
| 
   الطَّلاقة  | 
  
   إنتاج وتوليد أفكارٍ عديدةٍ.  | 
  
   تداعي الأفكار والمعاني بشكلٍ حرٍّ وغير مقيد.  | 
  
   أفكارٌ غزيرةٌ ووفيرةٌ كبداية للعمل الإبداعيّ المبتكر.  | 
  
   يذكر طرق الشِّراء وأسلوب التعامل في المتجر.  | 
 
| 
   المرونة  | 
  
   التفكير ببدائل مختلفة عمَّا هو متعارفٌ عليه.  | 
  
   تخيُّل عمليَّة تكامل وتداخل بين الأشياء.  | 
  
   وضع بدائل أخرى وأفكارٍ متشعِّبة ومختلفة، والتَّغلُّبُ
  على القيود والقصور في الأفكار التَّقليديّة.  | 
  
   أسباب مشكلة التَّلوُّث في البيئة.  | 
 
| 
   الأصالة  | 
  
   تصوُّر السِّياق وتخيُّله بطريقة فريدةٍ ومبتكرة.  | 
  
   استعراض البدائل بالتَّخيُّل والبحث العلميّ والتَّدقيق
  وترك ما لا يلزم.  | 
  
   إيجاد أفكارٍ غريبة ذات مستوى عالٍ من الغرابة.  | 
  
    ترشيد الاستهلاك،
  العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة وخارجها.  | 
 
| 
   الإفاضة  | 
  
   التَّوسُّع في تفاصيل الأفكار الجديدة.  | 
  
   الاختيار، التَّحليل، التَّركيب.  | 
  
   نسخ الأفكار بطريقة مرتَّبة لتتكيَّف مع
  المحيط والسِّياق الجديد.  | 
  
   تنمية المهارات اللازمة للفرد في الحياة.  | 
 
(السرور، 2002: 89)
مقاييس  التفكير 
الابتكاري :
يُعدُّ
التفكير من أهم
العمليات العقلية والمعرفية، وقد انشغل العلماء والباحثون بدراسته والكشف عن آليته
منذ زمن بعيد، كما يُعدُّ التفكير الابتكاري من أهم أنواع التفكير والذي حصل له
الاهتمام مؤخراً منذ منتصف القرن العشرين إلى حدِّ الآن، وتُعدُّ عملية بناء
اختبارات التفكير الابتكاري وتصميمها من أصعب عمليات القياس، لذلك فإنَّ عدد
الاختبارات المنشورة في هذا المجال أقل بكثیر من المقاییس في المجالات التربوية والتعليمية
والنفسية الأخرى، كما أن قیاس الإبداع والتنبؤ بالإنتاجیة الإبداعیة، عملیة صعبة
وعرضة للخطأ.
في هذا الصدد یُعد جیلفورد أول من بدأ بقیاس التفكیر
الابتكاري، ثم تلاه عدد من الباحثین أمثال تورانس ومیدنك وجيزل وجاكسون وكوجان
وغیرهم، وقد كان لجیلفورد
Guilford  دور في ظهور بطاریتین رئیسیتین لقیاس مهارات التفكیر الابتكاري، الأولى
أعدها جیلفورد ومساعده عام (1957) بمعمل علم النفس بجامعة كالیفورنیا والأخرى
أعدها تورانس عام (1962) بجامعة مينيسوتا، وقد بنيت على أسس نظریة جیلفورد للتفكیر
الابتكاري إذ اشتقت الدرجات في ضوء العوامل الأساسیة التي حددها جیلفورد عام(1950) ومنها الطلاقة والمرونة والأصالة.
لذا أوجد الباحثون طرقاً ومقاييساً عديدةً لقياس التفكير
الابتكاري والكشف عنه لدى الفرد عبر مراحل نموه المختلفة، ومن أهم مقاييس التفكير
الابتكاري ما يأتي:
1.   
اختبارات
جیلفورد Guilford Tests:
وضع جیلفورد اختباراً لقیاس التفكیر الابتكاري في صورته
الأولى عام(1957) بناءً على نموذجه النظري للبنیة العقلیة، وهذا الاختبار یقیس
مهارات الطلاقة والمرونة والأصالة.
تتالف بطارية اختبارات التفكير الابتكاري لجيلفورد في جامعة
كاليفورنيا من: اختبارات الطلاقة، وتتألف من أربعة اختبارات يطلب فيه من المفحوص أن
يكتب كلمات بأسرع ما يمكن بعدة شروط مثل طلاقة الكلمات، وطلاقة الافكار، طلاقة
التداعي، الطلاقة التعبيرية. واختبار الاستخدامات البديلة لشيء معين. واختبار
المترتبات. والاعمال المحتملة. وعمل الاشياء. والاسكتشات. ومشكلات عيدان الثقاب. واختبار
الزخرفة.
2.   
اختبارات تورانس للتفكير الابتكاري(TTCT):
ذكر أمير خان (1410ه: 177)
أن هذه الاختبارات
ظهرت عام 1966م ثم روجعت عام 1974م، من قبل فريق من الباحثين بقيادة بول تورانس،
لأغراض تعليمية تمثلت في الكشف عن الطلبة المبدعين وتنمية قدراتهم الإبداعية من
خلال توفير الشروط التربوية الملائمة لهم، وتتكون اختبارات تورانس للتفكير
الابتكاري من خمسة اختبارات موزعة في ثلاث بطاريات
هي:
-       
البطارية اللفظيةVerbal Battery، ولها صورتان أ، ب.
-       
البطارية المصورة أو الشكلية Pictorial Battery، ولها صورتان أ، ب.
-       
البطارية السمعية Auditory Batteryولها صورة واحدة.
الصورة اللفظية للاختبار تطبق بشكل جمعي على جمیع الفئات
باستثناء الأطفال الذین هم دون مستوى الصف الرابع الابتدائي، وذلك لأن الاختبار
بصورته اللفظیة یتطلب استجابة مكتوبة، ویقیس ثلاث مهارات هي: الطلاقة والمرونة
والأصالة، ودرجة كلیة للتفكیر الابتكاري من مجموع هذه المهارات، ويتكون هذا
الاختبار من سبعة اختبارات فرعیة، كل واحد منها بمثابة نشاط فرعي، فهو یتطلب من
المفحوص كتابة أسئلة، أو وضع تخمینات للأسباب أو النتائج، أو تحسین إنتاج، أو
اقتراح استخدامات بدیلة لأشیاء معینة، أو وضع افتراضات لمواقف غیر متوقعة، وكل هذه
البدائل جميعها تنطوي على إبداع وتفكیر أصیل.
أما الصورة الشكلیة للاختبار فیُعد ملائماً للاستخدام في
الصف الرابع وحتى نهاية المرحلة الثانویة عندما یكون الاختبار لمجموعات من
الأفراد، كما یُعد ملائماً للاستخدام من مرحلة ریاض الأطفال وحتى الصف الثالث
عندما یطبق بشكل فردي أو مجموعات صغیرة، ویتألف من ثلاثة اختبارات، كل منها بمثابة
نشاط یتطلب من المفحوص رسم موضوع أو موضوعات على خط مقفل أو
مفتوح أو على خطوط ناقصة، وكل هذه الموضوعات المطلوبة من النمط غیر المألوف.
3.   
اختبار
والش وكوجان Kogan & Wallach Tests :
تم وضع هذا الاختبار عام 1995 لقیاس كلٍ من
الطلاقة والمرونة والإفاضة، الذي یعبر عن كمیة التفاصیل والأصالة مستخدماً عبارات تحتوي
على أكبر قدر من الأشیاء الدائریة، والأشیاء التي تعمل بالضوضاء. 
4.   
اختبار
ابراهام Abraham Tests :
تم تصمیم هذا الاختبار عام 1977 وقام بتعريبه مجدي عبد الكريم حبيب، يهدف إلى الكشف عن درجة الابتكاریة لدى الأطفال والمراهقین من خلال
قیاس عوامل الطلاقة والمرونة والأصالة، ویتكون الاختبار من جزءين: الجزء الأول
لتسمیة الأشیاء، والجزء الثاني للاستعمالات غیر المعتادة للأشیاء (بامقابل، 2007 :39).
5.    اختبار القدرة على
التفكير الابتكاري: من إعداد سيد خيرالله (١٩٨١).
6.     
اختبار التفكير الابتكاري لطلاب المرحلة المتوسطة: من إعداد منسي (1972م).
7.   
اختبارات التداعي البعيد: من إعداد ميدنيك وهلبرن Mednick & Halpern. 
تنمية   قدرات  
التفكير   الابتكاري :
تعد تنميـة القـدرة على التفكـير الابتكاري لدى
الطلبة من أهـم أهـداف التربيـة عمومـاً، لأن تنميـة قـدرة الطـلبة علـى التفكـير
بطريقـة تساعدهم في التغلـب علـى مشـاكل الحياة التي تواجههم تمثل الغاية الكبرى
للتربية. وأكَّد ديبونو DeBono(1985) المشار إليه في سعيد (2008: 191) أن إقرار تعليم التفكير في المدارس وإدراجه في قائمة
المواد الدراسية يُعدُّ ضرورة تربوية لا مفرَّ من الأخذ بها إذا أردنا أن نبني
جيلاً مفكراً، وننشئ مجتمعات تتصف بالتماسك والوعي، وتلتزم الجدية، وهناك من يرى
ضرورة إدخال التفكير في مدارسنا، ليس كمادة منفصلة وقدرات مستقلة، ولكن بإدماجها
في جميع المواد الدراسية، وعلى جميع المستويات التعليمية، من خلال جميع الخبرات
التي يمر بها المتعلم، وهو أسلوب أمثل لتنمية كل أشكال الابتكار في المجالات
العلمية والأدبية والفنية والحركية.
في هذا الصدد أكدت الخضراء (2005: 94) أن الحاجة إلى
تنمية قدرات التفكير الابتكاري والناقد لدى المتعلمين له أهمية بالغة، في تحقيق
المنفعة الذاتية للمتعلم والمنفعة الاجتماعية للمجتمع، وهذا يتطلب إعادة النظر في
البرامج والمناهج التعليمية والعمل على تعديلها، فلا يزال البون شاسعاً بين المناهج
وطرق تدريسها وما نسعى إليه. كما أشار هنانو (2008: 7) إلى أن المعارف مهمة للطلاب
ولكنها تتقادم مع مرور الزمن، أما قدرات التفكير فتبقى جديدة بصورة دائمة، وتمكننا
من اكتساب المعرفة أو استبدالها ومعالجة المعلومات، بغض النظر عن الزمان أو المكان
أو نوع المعرفة، ومن أهداف تنمية التفكير الابتكاري لدى الطلبة في المدرسة، تنمية
النواحي الإبداعية لديهم والاعتراف والقبول بقدراتهم المختلفة لان تنمية الابتكار
جزء من مسؤولية المدرسة. وتشجيع المرونة والانفتاح على الجديد والقدرة على التكيف
والبحث عن أساليب جديدة لفعل الأشياء والتحلي بالشجاعة إزاء الأمور غير المتوقعة. ومساعدة
الطلبة على التعامل مع تحديات الحياة وما ينتج عنها من أنواع الضغوط والتوتر.
-       معيقات   تنمية  
قدرات   التفكير   الابتكاري:
ذكر الهويدي (2004: 86) بعض المعيقات التي تقف أمام
تنمية التفكير الابتكاري لدى الفرد بشكل تفصيلي كما يلي:
1.   
معيقات خارجية: تتمثل في عدم الشعور بالأمن، وضعف المستوى
الاقتصادي للأسرة والتسلط الذي يسود المجتمع، وعدم توفر حرية التعبير عن الرأي،
وكثافة الفصول ذات الازدحام الشديد، وتعسف إدارة المدرسة، والعلاقات المتوترة بين
المعلم والطالب، وأساليب التدريس التقليدية.
2.   
معيقات داخلية: تتمثل في سيطرة التفكير النمطي على الفرد، ومقاومة التغيير،
وعدم تقبل التدريب الفعَّال، وضعف روح التحدي، والتخلي عن حب الاستطلاع، وعدم القدرة
على التواصل مع الآخرين، والخوف من الفشل وضعف الثقة بالنفس، واستخدام حاسة واحدة
في التفكير، والتوتر وعدم القدرة على الاسترخاء.
3.   
معيقات أسرية: القسوة في المعاملة الوالدية وحب السيطرة على
الأبناء، واختلاف آراء الوالدين في أسلوب التربية، والمستوى التعليمي المنخفض
للوالدين، وعدم متابعة الوالدين لسير ابنهم الدراسي ونتائج تحصيله في المدرسة.
4.    
معيقات بيئية: عدم توفر مكان لممارسة الابتكار والإبداع، لاكتظاظ البيئة
المحيطة والضجيج والضوضاء، وعدم توفر موارد مالية تدعم المشاريع الابتكارية، وضعف
اهتمام المجتمع المحيط بالابتكار.
5.   
معيقات ثقافية: تؤثر المعيقات الثقافية على سلوك الفرد بشكل
كبير مثل العادات والتقاليد التي تقف عائقاً في وجه الابتكار، والخوف من عقاب
المجتمع له، والنظرة الاجتماعية من أفعال غير مألوفة تسبب له نقداً من المحيطين.
6.   
معيقات مدرسية: كاتباع المعلم لأسلوب تدريس عقيم، واتجاهات
سلبية نحو مهنة التدريس، وعدم تشجيع الطلبة على طرح الأسئلة، وعدم مراعاة الفروق
الفردية، وضعف إثارة الدافعية نحو التعلم، ومحدودية الثقافة والاطلاع. والمنهج
الدراسي الذي يركز على حشو المعلومات والمفاهيم في أذهان الطلاب، وقلة التطبيقات
والانشطة الإثرائية المفتوحة، وعدم تشجيع الإدارة المدرسية للرحلات العلمية أوالتعلم
عن طريق المشاهدة، والتقليدية في اتخاذ القرار، وعدم السماح بالديمقراطية أوالحرية
سواءً للطالب أو للمعلم، وعدم توفير الكتب الدراسية، وعدم تعويد الطلاب للاعتماد
على أنفسهم في حل المشكلات التي تعترضهم.
إذن فالطالب يواجه عدداً من المعيقات التي تحد من
تطوير وتنمية التفكير الابتكاري لديه، وقد تكون هذه المعيقات داخلية خاصة بالفرد
نفسه أو معيقات خارجية، ومن أهم معيقات التفكير الابتكاري طبيعة العامل النفسي
الداخلي، فبمجرد أن يُقنع المرء نفسه بأنَّه لا يستطيع أن يُقدم شيئاً، يتكون
بداخله شعور داخلي يذكره بأنَّه لا يستطيع فعل شيء، لا سيما إذا برر لنفسه بأنَّ
هذا يخص الموهوبين، أو أن القدرة على الإبداع هي فطرية وليست مكتسبةً.
في نفس السياق ذكر الحيزان (2002: 28) عدداً من عوائق
تنمية التفكير الابتكاري، وهي كما يلي: 
1.   
صعوبة تحديد المشكلة بشكل دقيق وواضح وبذل جهد أقل
لتحديدها. 
2.   
تحديد المشكلة بشكل ضيق وضمن حدود معرفته فقط.
3.   
الخوف من الخطأ أو النقد وهذا عائق أمام انطلاق
القدرة التفكيرية الإبداعية للشخص. 
4.   
الميل إلى نقد الأفكار وضعف توليدها.
5.   
الافتقار إلى التحدي والحماس والإبداع، فمن لا
يملك الحماسة والتحدي لا يمكن أن يكون مبدعاً.
6.   
العادات هي المخزون الثقافي للمجتمعات، وبقدر
ما تساعد عادات المجتمع أفرادها على الإبداع، بقدر ما يكون الأفراد مبدعون والعكس
صحيح.
7.   
ضعف إدارة الوقت، فالإنسان المبدع من استطاع أن
يقسم أعماله على اليوم بأكمله. 
كما أشار تورانس
Torrance (197753 :) إلى عدد من المعوقات المدرسية التي تعيق تنمية قدرات التفكير
الابتكاري لدى المتعلمين، أهمها تأكيد المدرسة
والمحيطين بالمتعلم أنَّه أصبح ناضجاً ولا ينبغي أن يستمر في أسلوب التفكير
التخيلي أو سرد قصص من نهج خياله، والاهتمام بالمادة التعليمية على حساب تنمية
أسلوب التفكير الجديد، وغلبة الأسلوب التلقيني في التدريس وتقلص الأساليب المعتمدة
على البحث والاستقصاء.
وفيما يتعلق بالإدارة المدرسية
فقد حدد المطاع، العمري (1423: 51) معوقات الابتكار التي تتعلق بالإدارة المدرسية
ونظام التعليم وتشمل:
1.    اقتصار التقييم على الحفظ والتذكر فقط وإغفال قياس
التفكير الابتكاري.
2.    إغفال البرامج والمناهج الدراسية للأنشطة الابتكارية
والتركيز على الدراسة الأكاديمية.
3.    اعتبار الهدف المنشود من التعليم هو الدرجات التحصيلية
المرتفعة.
4.    محدودية الإمكانات المدرسية مثل المباني والأثاث
والملاعب والوسائل والأجهزة العلمية.
5.    ارتفاع كثافة الطلاب في الفصول الدراسية وضيق مساحتها
وعدم توفر المُناخ الصحي المناسب.
6.    التأكيد المفرط على مهارات تعليمية محددة، وقلة اهتمام
المدرسة بالأنشطة والرحلات خارجها.
7.    سيادة النظم الروتينية المثبطة للتفكير الابتكاري. وفرض
قيود من قبل المدرسة على حب الاستطلاع.
8.    قلة العناية والاهتمام بالطلاب المبتكرين.
9.    ضغط الزملاء على الفرد الموهوب للمسايرة مع نفس السلوك
العام للجماعة.
يتضح أن معيقات التفكير الابتكاري أكثر من المحفزات،
وهذا طابع عام لواقع المجتمعات النامية على وجه الخصوص، والذي ساهم في تجسيد هذا
الطابع السلبي واستمراره النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لا تعير
اهتماماً بمؤسسات التنشئة للأجيال القادمة منذ المراحل المبكرة لحياتهم، ثم استمرار
القصور في المؤسسات التربوية والتعليمية، ما انعكس أثره على مخرجات النظام
التعليمي بالضعف والسطحية وقلة المهارات والقدرات الابتكارية. 
-      
عوامل  تنمية 
قدرات   التفكير   الابتكاري:
إن الاهتمام بالظروف البيئية المحيطة بالفرد منذ
طفولته، سواءً كانت أسرية أم ثقافية، من خلال التنشئة والرعاية والتربية والتعليم،
لها دور كبير في تدعيم الاستعدادات الفطرية للتفكير وحب الاستطلاع والسؤال في
فترات الطفولة وما بعدها، وتُعد معرفة المعلمين والمعلمات في المدارس
الثانوية بعوامل تنمية التفكير الابتكاري، خطوة مُهمَّة نحو تنمية الوعي بطبيعة
العمليات المعرفية التي تحدث داخل عقل الطالب المبتكر، وهذا قد يجعلهم يتفهمون
مسار أنشطة الطلبة بحيث يتوقفوا عن تكليف الطالب بمواصلة التفكير عندما يلاحظون
علامات الإجهاد الذهني للطلبة، ما يكون له أثرٌ إيجابيٌ في تنمية قدراتهم
الابتكارية وإخراج استعداداتهم الكامنة إلى حيز الوجود، ومن أهم العوامل التي تساهم في تنمية التفكير
الابتكاري ما يلي: 
1.   
الذكاء Intelligence:
ذكر عبد الغفار(17:
1997 ) أن كل مبدع ذكي وليس كل ذكي مبدعاً، وهذا يعني أن الفرد
المبدع لا بد أن يتصف بحد أدنى من الذكاء حتى يكون مبدعاً، مما يعني أن الذكاء
شرطاً ضرورياً للإبداع، بينما يرى علماء آخرون أن القدرات العقلية المرتبطة
بالإبداع تنتمي إلى نمط التفكير المتباعد بينما تنتمي قدرات الذكاء إلى نمط
التفكير التقاربي. لقد بذل العلماء جهودهم لمعرفة العلاقة بين الابتكار
والذكاء حتى استطاعوا أن يثبتوا أن المبتكرين يتمتعون بنسبة ذكاء مرتفعة، بينما
أصحاب الذكاء المرتفع ليس بالضرورة أن يتمتعوا بقدرات ابتكارية.
2.   
الانفعالية Emotionality:
أثبت
جروان (1999:
92) أن الشخص المبتكر يتسم في الغالب بالتوازن، ونضج انفعالي يزيد عن أقرانه، كما
يشعر بالأمان وعدم الخوف والاستقلالية والثقة بالنفس ويقدر ذاته، كما أنه يقدر
الآخرين ويحترم آراءهم ويساعدهم. لذا فالانفعالية تعني القيم والاتجاهات والميول والمعتقدات التي
يتسم بها أو يؤمن بها الفرد ولها علاقة بالابتكار
3.   
الدافعية Motivation:
 للدافعية أثر كبير في الابتكار، فإذا توفر للشخص
عوامل الابتكار ودافعية داخلية فإنَّ ذلك يدفعه إلى إظهار العمل الابتكاري الذي
يقدر على عمله سواءً كان عملا ًفنياً أو خطةً أو ابتكاراً، ولا يستقر الفرد الذي
يتعرض لهذه الانفعالات إلا بإنجاز العمل الإبداعي (جابر،1982
: 74 (.
4.   
القدرة
على التخيلImaginary
:
 في هذه الخاصية يكون المجال للمعاني والأفكار وعلاقتها
مع بعضها بعضاً، والكشف عن علاقات جديدة وعن وظائف جديدة، ثم ابتكار صيغة لتجسيم
هذه العلاقات وإظهار هذه الوظائف، فالتخيل يدفع صاحبه إلى إيجاد علاقة بين أشياء
لا يوجد بينها ارتباط في الواقع (الهويدي،2004 :(144. وقد أشارت دراسة إبيريل Eberle (1997) المشار إليه في الطاهر (2011: 64) إلى اهتمام الباحثين منذ سنوات
بدراسة الابتكار والخيال لدى الأطفال، وتوصلت دراساتهم إلى أن التعبير الابتكاري
وحب الاستطلاع والخيال، هي سلوكيات طبيعية لدى الأطفال، وعندما يكتشف الأطفال في
فترة مبكرة من حياتهم ضعف التعزيز لهذا النوع من السلوك، فإنَّه يكبح لديهم
التعبير الابتكاري الفطري، ما يسبب ضعفاً تدريبياً لتنمية التفكير، وقد يرجع ذلك
إلى الضغوط التي يمارسها الكبار عليهم عندما يدفعوهم إلى العالم الحقيقي بسرعة.
5.   
الظروف النفسية والاجتماعية للفرد:
أوضح
ماسلو Maslow(1970)،
وفريمان Freeman ((1980 المشار إليهما في الطاهر (2011: 95) أن الإبداع يشبع حاجة مهمة عند الإنسان هي حاجة
تحقيق الذات، كما أنَّ الموهبة الإبداعية تزدهر في البيئة التي يتوفر فيها للطفل
الثقة والأمان العاطفي. فالظروف النفسية والاجتماعية تؤثر على دفع أو إعاقة القدرات
الابتكارية.
6.   
التعليم والتدريب:
 أشارت دراسة رينزولي وآخرون  Renzulli,et(1971) المشار إليها في المالكي(2006: 10) أن المعلم يحتل المركز الأول
من حيث أهميته في نجاح البرامج التربوية للطلبة الموهوبين، من بين خمسة عشر عاملاً
أساسياً ذُكرت من قبل الخبراء العاملين في مجال الموهبة والتفوق، وجاءت المناهج
الدراسية في المرتبة الثانية، بينما الموارد المالية في المرتبة العاشرة، لأن
المواقف التي يكونها المعلم داخل الفصل الدراسي هي التي تحدث التفاعل وتؤثر في
اتجاهات الطلاب وإدراكهم لذاتهم، كما أنَّها تساعد على الاستقصاء والبحث والتجريب،
كما أن البيئة الصفية التي يوفرها المعلم لها الدور المؤثر في تنمية قدرات التفكير
الابتكاري.
إذن فالمعلم يقوم بدور أساس في تنمية التفكير
الابتكاري لدى الطلبة، فيمكنه تشجيع أصالة التفكير لـديهم، وكذلك تشجيع تجدد وتفرد
الأفكار، وذلك بالحث على وضع الحلول الممكنـة لمـشكلة مـا أو مسألة ما مع تقبل
جميع وجهات النظر، وما يصدرون من أفكار.
في نفس السياق أوضح Torrance (1988:144) أن تنمية الابتكار يستلزم مُناخاً تتفاعل فيه عدة عناصر
أهمها المعلم، والذي  يجب أن يتميز بعدة خصائص وسمات من أهمها أن يهيئ
لتلاميذه الفرصة كأفراد كل له قدراته واهتماماته وميوله وجوانب قوته وضعفه، وأن
يقدم لهم المساعدة والتوجيه عند الحاجة إليها، وأن يكون أميناً مع نفسه، وأن يعترف
بأخطائه التي يقع فيها وبنواحي قصوره أو ضعفه وأن لا يلجأ إلى الخداع لكي يغطي هذه
الجوانب بالخطأ، وأن لا يكون حازماً بقسوة بل موجهاً ومعلماً فيسمح لتلاميذه بقدر
من الحرية والتعبير واختيار الخبرات وأوجه النشاط التي تناسبهم، وأن يكون
واسع الأفق ويسمح بالتجريب مع احتمالات الخطأ والصواب.
كما أشار الطاهر(2011: 64) إلى أهمية تعزيز
الابتكار وتحفيزه وتشجيع الخيال لدى الطلاب، من
خلال التدريب والممارسة والتطبيق، مع ضرورة توفر جو آمن، يشعر الطالب بالأمن والاطمئنان، حتى يتمكن من
إطلاق العنان لخياله، لطرح العديد من الأفكار الابتكارية، كما أن اكتساب المعرفة
والمهارة في استدعائها وظيفة أساسية لنمو الفرد، لذا يجب تعليم الطلاب وتدريبهم
على مهارات التفكير بأنواعه لاسيما التفكير الابتكاري، وأن قدرات التفكير الابتكاري هي استعدادات فطرية
كامنة لدى الطلاب، وتختلف نسبة توفرها من شخص إلى آخر، ومن خلال التعليم والتدريب
يمكن تنميتها.
إذن فالتفكير الابتكاري استعداد وقابلية موجودة لدى
الصغار والكبار، ولكن بحاجة إلى تنمية لدى كل الأعمار، ويتركز بشكل كبير على قدرة
الطالب على التخيل والاختراع وتوليد أفكار جديدة. أما بالنسبة للمشاعر والاتجاهات
فهي تمثل استعداد الطالب لقبول التغيير برغبة ومرونة، أما العمليات فيعمل الطالب
بجد واستمرار لتحسين وتطوير أفكاره، ووضع الحلول لتلك المشكلات التي يواجهها
اثناء تنفيذه للأنشطة والمشاريع التعليمية.
قدَّم تورانس Torrance(1977: 53) عدداً من الاقتراحات التي تساعد المعلم على تنمية
القدرة الابتكارية لدى طلبته، وهي: البحث عن الطرق
التي تزيد من إحساس الطلبة بالبيئة المحيطة بهم، وتشجيع الأفكار التي تصدر من
الطلاب، ومساعدتهم على تطوير أفكارهم الجديدة، وتوفير المصادر والخامات الضرورية
لإنتاج أفكار الطلاب، واحترامُ أسئلة الطلاب التي يوجهوها للمعلم، واحترام خيالات
الطلاب التي تصدر عنهم، وإظهار قيمة أفكار التلاميذ، والسماح للطلاب بأداء
الاستجابات دون تهديد.
كما يرى هنانو(2008: 8) أنَّ على
المعلم الذي يرغب في تنمية التفكير الابتكاري لدى طلابه أن يلامس في تدريسه
الجوانب التالية: 
1.   
إثارة الخيال الخصب عند الطلاب، فهذا الخيال
يجعل عقل الطالب يعمل بحرية، لإيجاد تفاعلات جديدة، ورؤية وتصور أمور وعلاقات غير
واضحة قبل ذلك، لأن الخيال هو الشريك القوي لعملية الابتكار. 
2.   
إرجاء الحكم المباشر على استجابات الطلاب
وممارسة نقد واقعي وبناء للأفكار المعروضة، دون المساس بشخصية الطالب في الأفكار
غير المنسجمة مع طبيعة الدرس، حتى لا ينعكس سلباً على شخصيته. 
3.   
تدريب الطلاب على الحساسية للمشكلات المعرفية
والاجتماعية والشخصية، فأول مرتكز لعملية التفكير الابتكاري هو الحساسية
للمشكلات.  
4.   
تنمية الفضول عند الطلاب للتعرف على كل الأشياء
التي تقع عليها حواسهم وإثارة التساؤلات حولها لمعرفتها. 
5.   
بناء جانب التحدي عند الطلاب في مواجهة
المشكلات. 
6.   
تغليب الشك على اليقين في إيجاد الحلول
والمعالجات للمشكلة التي طرحت حتى ينتج أشياء أخرى. 
7.   
عرض مشكلات واقعية من داخل المجتمع، تمس حياة
الفرد على أن تكون المشكلة محددة وليست عامة.
في
نفس السياق وضع حجازي (2001: 15) عدداً من الممارسات الهادفة إلى تنمية الابتكار
في البيئات المدرسية أهمها: 
1.   
توعية
فريق العمل المدرسي والطلاب بأهمية الابتكار، وإيجاد الحساسية لديهم والألفة بهذا
النوع من التفكير وتلمس تجلياته.
2.   
اكتشاف
مضادات الابتكار التي تطمسه في نفوس الطلاب على شكل مقاومة ذاتية نفسية وذهنية
ومعرفية. 
3.   
تعزيز
صورة الإنسان المنتج وليس الإنسان الذي يفخر بوجاهة الاستهلاك، ويستلزم ذلك
بالضرورة ربط التعليم بالحياة في المحتوى والأساليب والتوجهات، والتفكير في كيفية
ربط كل الموارد الدراسية بوصفها عملية ملموسة تؤدي إلى نتائج. 
4.   
تحويل
طرق التدريس بالتلقين إلى التعليم بالمشاركة والممارسة واستثارة الأسئلة
والتساؤلات وطلب التعليق على الأفكار والتعبير عن وجهات النظر وتوليد الأفكار
واستثارة حب الاستطلاع.
5.   
إعطاء
عناية خاصة لمناهج تحليل المشكلات وحلها والتدريب عليها فهي أحد أهم الممارسات
الساعية لتنمية التفكير الابتكاري.
ثُمَّ
أضاف العبدالله (1991: 25) مجموعة من الشروط والأسس المؤدية إلى تنمية التفكير الابتكاري
في البيئات المدرسية، وهي توفر حد أدني من روح التحدي والثورة على السائد والشائع
ورفض قدسية المألوف بما لا يتعارض مع روح ديننا الحنيف ومتطلبات روح العصر، وتوفر
الحد الأدنى من الاستعداد لكسر القيود المفروضة وتخطيها والتي تعمل على إغلاق
الفكر البشري. وتوفر روح النقد الموضوعي والإلمام العميق بالموضوع من حيث واقعه
وجذور تراثه وبنيته، وقدرة المدرسة على استشفاف آفاق تطوير الواقع وعناصره
الجوهرية.
لذلك
يستطيع المعلم تنمية القدرات الإبداعية للطلبة من خلال تحسين جو الصف الدراسي
وتوفير البيئة المدرسية الثرية بالميزات التربوية التي تساعد على تنمية القدرات
الإبداعية لدى الطلبة، وبالتالي يجب عليه مراعاة ما يلي:(منسي، 1994: 3-4)
1.   
أن يشجع الطلبة على استخدام الأشياء والموضوعات
والأفكار بطريقة جديدة ومفيدة.
2.   
أن لا يجبر الطلبة على استخدام الأسلوب الذي
يتبعه في حل المشكلات المرتبطة بالمقرر الذي يقوم بتدريسه لهم.
3.   
أن يكون قدوة للطلبة في التفتح العقلي وتناول
القضايا المختلفة.
4.   
أن يستعرض الحلول الجديدة عندما يقوم بالتعليق
على استجابات الطلبة بعد حل سؤال معين في الفصل.
5.   
أن يبتكر المواقف التي تستثير الإبداع عند
الطلبة، كأن يتحدث عن الأفكار الجديدة التي تبدو غريبة، وأن يقدم أسئلة مفتوحة
للطلبة.
6.   
أن يشجع الطلبة على الاطلاع على مبتكرات
العلماء والأدباء والشعراء والفنانين حتى يستثير فيهم دافعية الإبداع.
7.   
أن يساعد الطلبة على اكتساب مفاهيم إيجابية
لذواتهم، بحيث يجعلهم يُقوِّمون أنفسهم تقويماً إيجابياً، وذلك بإتاحة الحرية لهم
للتعبير عن أنفسهم وإدارة الفصل إدارة ديمقراطية قائمة على الاحترام المتبادل بين
المعلم والطلبة.
إذن كل الأفراد الأسوياء لديهم قدرات إبداعية، لكنهم يختلفون
في مستويات امتلاكهم لها، وإذا ما أردنا تنمية التفكير الابتكاري فيجب أولاً تهيئة
بيئة صفية محفزة للابتكار يشعر الطالب فيها بأمان نفسي؛ أي أن أفكاره وحلوله غير
مهددة بالنقد والتهكم، كما يجب تقبل أسئلة الطلبة وتعزيزها، ومن أشهر البرامج التي
تساعد على تنمية مهارات التفكير الابتكاري برامج: العصف
الذهني والقبعات الست والكورت وبوردو والتدريب على الخيال الخلاق وتريز وسكامبر.
المراجع
1. إلياس، عبدالوهاب دفع الله علي (2013). التفكير
الإبداعي من منظور إسلامي، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، مجلة جامعة
أفريقيا العالمية، 21، 265 – 303، الخرطوم.
2. بامقابل، رنده محمد (2007). أثر استراتيجية العصف الذهني في تنمية التفكير
الإبداعي والتحصيل لدى طلبة الصف الأول ثانوي في مادة الكيمياء، (رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية التربية،
جامعة عدن.
3. بدر، فائقة محمد(1985). العلاقة بين
خصائص البيئة المدرسية وقدرات التفكير الابتكاري عند تلميذات المرحلة الابتدائية
بالمملكة العربية السعودية، (رسالة دكتوراه)، كلية التربية، جامعة عين شمس،
القاهرة.
4. بشر، محمد عبد الله (1989). نمو القدرة
على التفكير الرياضي والتفكير الإبداعي وعلاقتهما بالتحصيل في الرياضيات لدى طلبة
المرحلة الثانوية في اليمن، (رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية التربية، جامعة
صنعاء.
5. أبو جادو، صالح محمد ونوفل، محمد بكر (2007). تعليم
التفكير بين النظرية والتطبيق، عمَّان، دار المسيرة.
6. بندر، لويس كارو (1996). دراسة مقارنة في
التفكير الابتكاري والتوافق النفسي بين الطلبة في مدارس المتميزين وأقرانهم في
المدارس الاعتيادية، (رسالة دكتوراه)، كلية التربية، جامعة بغداد.
7. الحيزان، عبد الإله بن إبراهيم)2002).
لمحات عامة في التفكير الإبداعي، المنتدى الإسلامي، السعودية.
8. الخضراء، فادية (2005). تنمية التفكير
الابتكاري والناقد دراسة تجريبية، ط1، عمَّان،
ديبونو للطباعة والنشر.
9. الخليلي، أمل عبدالسلام (2005). الطفل
ومهارات التفكير، ط1، عمَّان، دار الصفاء للنشر والتوزيع.
10. خيرالله، سید محمد (1989). تكنولوجيا
التعليم وتنمية القدرة على التفكير الابتكاري، ط2، المنصورة، دار الوفاء.
11. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1981). اختبار القدرة على التفكير الابتكاري، القاهرة، مكتبة الانجلو. 
12. التميمي، ندى شوقي حميد (2011). التفكير الابتكاري عند الطلبة المتميزين والاعتياديين في المرحلة الإعدادية، مجلة العلوم النفسية، كلية التربية للبنات، جامعة بغداد، ع 19، ص40-57، بغداد.
13. جابر، جابر عبد الحميد(1982). التفكير
الابتكاري ودور المدرسة في تنميته، مجلة كلية التربية، جامعة القاهرة،
3، القاهرة.
14.  جروان، فتحي
عبد الرحمن (1999). تعليم التفكير، مفاهيم وتطبيقات، ط1، العين، الإمارات العربية المتحدة، دار
الكتاب الجامعي.
15. الجعافرة، أسمى عبد الحافظ (2001). دراسة
مقارنة في التفكير الابتكاري ودافع الانجاز الدراسي والتوافق النفسي لدى الطلبة
المتفوقين في برامج تربوية في الاردن، كلية التربية، الجامعة المستنصرية،
بغداد.
16. الحارثي، إبراهيم محمد (2001). تعليم التفكير، ط٢،
الرياض، مكتبة الشقري.
17. الدايني، غسان حسين (1996). أثر الاساليب
التدريبية في تنمية التفكير الإبداعي العراقي وعلاقته ببعض المتغيرات، (رسالة
دكتوراه)، كلية الآداب، جامعة بغداد.
18. الحدابي، داود عبد الملك وآخرون (2011). مستوى
مهارات التفكير الإبداعي لدى الطلبة المعلمين في الأقسام العلمية بكلية التربية
والعلوم التطبيقية، المجلة العربية لتطوير التفوق، جامعة العلوم
والتكنولوجيا، 3، 34-57، اليمن.
19. الرشيد، عبد الرحمن سعود(2013). البيئة
الابتكارية كما يدركها الطلاب وعلاقتها بالتفكير الابتكاري لدى طلاب المرحلة
المتوسطة بمدينة الرياض، (رسالة ماجستير)، قسم علم النفس، جامعة الملك
سعود، الرياض.
20. الرشيدي، هدى سيار وآخرون(2015). مستوى التفكير
الإبداعي لدى الطلبة الموهوبين في المرحلة الثانوية في منطقة تبوك في المملكة
العربية السعودية في ضوء بعض المتغيرات، المؤتمر الدولي الثاني للموهوبين
والمتفوقين، كلية التربية، جامعة الإمارات العربية المتحدة، 19-21 مايو.
21. رضوان، وسام سعيد (2004). الدافع المعرفي
والبيئة الصفية وعلاقتهما بالتفكير الابتكاري لدى طلاب الصف الرابع، رسالة
ماجستير، قسم علم النفس، كلية التربية، جامعة الازهر، غزة.
22. الزايدي، فاطمة (2009). أثر التعلم النشط في تنمية التفكير الابتكاري
والتحصيل الدراسي بمادة العلوم لدى طالبات الصف الثالث المتوسط بالمدارس الحكومية
بمدينة مكة المكرمة، (رسالة ماجستير منشورة)، كلية التربية، جامعة أم القرى، مكة
المكرمة.
23. الصافي، عبدالله طه (1997). التفكير
الإبداعي بين النظرية والتطبيق، ط1،
نادي جازان الأدبي، جدة، مطابع دار البلاد.
24. الطاهر، مهدي أحمد (2011). أثر تطبيق
نظام ضمان الجودة التعليمية على تنمية قدرات التفكير الابتكاري وزيادة التحصيل
الدراسي لدى طلاب الصف الأول متوسط بمدينة سيهات بالمنطقة الشرقية،
(رسالة دكتوراه منشورة)، جامعة أم القرى، مكة المكرمة.
25. عبادة، أحمد عبد اللطيف(2001). التفكير الابتكاري:
المعوقات والميسرات، ط1، القاهرة، مطابـع أمون.
26. عبد الحق، زهرية والفلفلي، هناء (2014). أثر
بيئة الأركان التعليمية في تنمية التفكير الابتكاري لدى أطفال الروضة، مجلة
العلوم الإنسانية، جامعة النجاح، 28، فلسطين.
27. زيتون، عايش محمود (1999). تنمية الإبداع والتفكير الإبداعي
في تدريس العلـوم، عمَّان، جمعية المطابع التعاونية.
28. سعادة، جودت (2006). تدريس مهارات التفكير، عمَّان، دار الشروق للنشر والتوزيع.
29. العساف، جمال عبد الفتاح (2013). اتجاهات معلمي
الدراسات الاجتماعية نحو تنمية مهارات التفكير الابتكاري لدى طلبة المرحلة
الأساسية العليا بعمَّان، مجلة الجامعة الإسلامية، 21(2)،269-292،
غزة.
30. عبد القادر، أشرف أحمد(1992). دراسة
المُناخ المدرسي في المرحلة الثانوية وعلاقته بأسلوب التفكير الابتكاري،
رابطة التربية الحديثة، كلية التربية، جامعة المنصورة، مصر.
31. العمري، عائشة بنت علي بن حميد (2013). المُناخ
المدرسي وعلاقته بنمطي التفكير الإيجابي والسلبي لدى طالبات المرحلة الثانوية
بمدينة الرياض، (رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية التربية، جامعة الملك
سعود، الرياض.
32. العبد الله، إبراهيم يوسف (1991 .(أساليب تنمية التفكير الابتكاري، المؤتمر
السنوي الرابع، وزارة التربية والتعليم، البحرين. 
33. عبد المختار، محمد خضر وعدوي، إنجي صلاح
(2011). التفكير النمطي والإبداعي، مركز تطوير الدراسات العليا
والبحوث، كلية الهندسة، جامعة القاهرة.
34. عياصرة، محمد وحمادنة، برهان (2010). درجة
التفكير الإبداعي لدى طلبة المرحلة الثانوية في مدينة أربد بالأردن، مجلة
جامعة النجاح للأبحاث (العلوم الانسانية)، 24(9)، 2589-2620، فلسطين.
35. العبيدي، عفراء إبراهيم خليل (2013). التفكير
الإيجابي-السلبي وعلاقته بالتوافق الدراسي لدى طلبة جامعة بغداد، المجلة
العربية لتطوير التفوق، جامعة العلوم والتكنولوجيا، 4(7)، 123-152، صنعاء.
36. العتوم، عدنان وآخرون (2009). تنمية
مهارات التفكير-نماذج نظرية وتطبيقات عملية، ط1، عمَّان، دار المسيرة.
37. العدروسي، مرفت (2002). التفكير
الابتكاري وعلاقته بمفهوم الذات والتخصص الدراسي لدى طلاب المرحلة الثانوية -
دراسة أمبريقية مقارنه بين الجنسين، (رسالة ماجستير)، قسم علم النفس، كلية
الآداب، جامعة عين شمس.
38. عدس، محمد عبد الرحيم (1996). المدرسة
وتعليم التفكير، ط1، عمَّان، دار الفكر.
39. غنيم، محمد عبد السلام سالم (1997). بعض
المتغيرات المرتبطة بالاتجاه نحو التفكير الإبداعي لدى طلاب المرحلة الثانوية، المؤتمر
التربوي الأول، كلية التربية والعلوم الإسلامية، جامعة السلطان قابوس،
سلطنة عُمان، 7 -10 ديسمبر.
40. المشرفي، انشراح إبراهيم (2003). فاعلية
برنامج مقترح لتنمية كفايات تعليم التفكير الإبداعي لدى الطالبات المعلمات بكلية
رياض الأطفال، (رسالة دكتوراه)، كلية التربية، جامعة الإسكندرية.
41. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2005). تعليم التفكير الإبداعي، ط1، الإسكندرية، الدار اللبنانية.
42. معمار، صلاح صالح (2006). علم التفكير،
ط1، عمَّان، دار
ديبونو للطباعة والنشر.
43. قطامي، نايفة (1996). التفكير الإبداعي،
ط1، جامعة القدس المفتوحة، عمَّان، الأردن.
44. قطامي، نايفة وآخرون (2008). تنمية
الإبداع والتفكير الإبداعي في المؤسسات التربوية، )د.ط)، القاهرة، الشركة العربية المتحدة للتسويق والتوريدات.
45. قطامي، يوسف (2007). تعليم التفكير لجميع
الأطفال، ط1، عمَّان، دار المسيرة.
46. الكساب، عبدالكريم محمد (2014). درجة توظيف
مهارات التفكير الإبداعي لدى معلمات رياض الأطفال في محافظة القنفذة، مجلة
جامعة القدس المفتوحة للبحوث النفسية، عمَّان.
47. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1994). تعليم التفكير للمرحلة الأساسية، عمَّان، دار الفكر للطباعة
والنشر.
48. المانع، عزيزة (1996). تنمية قدرات التفكير عند
التلاميذ اقتراح تطبيق برنامج كورت للتفكير، رسالة الخليج العربي،
جامعة الملك خالد، 17(59)، الرياض.
49. الناقة، صلاح أحمد (2010). مستوى التفكير
الإبداعي لدى طلبة الثانوية العامة في الثقافة العلمية ودرجة تشجيع معلمي العلوم
لهم، مجلة الجامعة الإسلامية، 19(1)،
167
-207، غزة.
50. محمد، أوباجي (2014). إدراك أساتذة التعليم
الثانوي العام والتقني لمعوقات التفكير الابتكاري المتعلقة بالمدرسة، مجلة
الدراسات والبحوث الاجتماعية، جامعة الوادي، 4، 158-174، الجزائر.
3. Gardner, H. (1993). Multiple
Intelligences, the Theory in Practice Published By Basic Books, a
Subsidiary of Perseus Books, L.L.C., USA.
4. Richardson, A. G. (1988). Classroom
learning environment and creative performance, some differences among Caribbean
territories, Educational Research Journal, 27-224.
5. Starko, A. (1995). Creativity In The Classroom,
Schools Of Curious Delight, Eastern Michigan State University, Longman,
Publishers, U.S.A.
7. Torrance, E. p., (1977). Encouraging
Creativity in Classroom, Dubuque, Lowa: W. M. C. Brown Company.
8.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1988).
Guiding Creative Talent, New Delhi: prentice- Hall in India,
private Limeted.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق