التــــوافق الدراســـــــي
-
مفهوم التوافق .
-
التوافق من
منظور إسلامي .
-
نظريات التوافق .
-
مظاهر التوافق .
-
مفهوم التوافق
الدراسي .
-
أبعاد التوافق
الدراسي .
- العوامل المؤثرة في التوافق الدراسي .
التَّوافق الدراسي
يُعدُّ
التَّوافق من المفاهيم التي نالت اهتمام المفكرين في العصور القديمة والحديثة على
حد سواء، حيث أكدوا في كتاباتهم أن الحياة ماهي إلا عملية توافق مستمرة، تتكيف
فيها الحياة الداخلية مع الحياة الخارجية للفرد والتي من أبرزها العلاقات
الاجتماعية والإنسانية، ويمكن النظر إلى كل جوانب الحياة التي يهتم بها علم النفس
من زاوية التَّوافق أو عدم التَّوافق، فجميع المواقف والخبرات في حياتنا اليومية
تتطلب التَّوافق الدائم. وعلم النفس يدرس مدى توافق شخصية الفرد عند تغير المواقف،
فكلما تغير تنظيم وبناء بيئة الإنسان، وجب عليه تغيير بناء وتنظيم خبراته وسلوكه لكي
يتوافق مع هذا التغيير.
التعريف اللغوي
:
ورد في لسان العرب
أنَّ التَّوافق مأخوذ من وفَّق
الشيء أي لاءمه وقـد وافقـه موافقة، واتفق معه توافقاً (ابن منظور، 2004:(68، كما ورد
في المعجم الوسيط أنَّ التَّوافق في الفلسفة هو أن يـسلك الفـرد مـسلك الجماعة
ويتجنب الانحراف في السلوك (أنيس وآخرون، (1047:1973.
كما أشار
الشاذلي (2001: 126) إلى المعنى اللغوي للتوافق بأنه الانسجام والمؤازرة والمشاركة
والتضامن، فمصطلح Adjustment يعني التَّوافق بالمفهوم الشخصي والاجتماعي،
ومصطلح Accommodation
يعني التلاؤم، ومصطلح Conformity يعني المسايرة بالمفهوم الاجتماعي، ومصطلحAdaptation يعني التكيف بالمفهوم البيولوجي.
يتضح للباحث من تعريفات التَّوافق في اللغة أنَّ
التَّوافق يعني التلاؤم والانسجام وعدم النفور.
التعريف الاصطلاحي :
التوافق مصطلح سيكولوجي يستخدمه علماء النفس للإشارة إلى العملية التي من خلالها
يكوِّن الفرد علاقة منسجمة وصحيحة مع ببيئته الطبيعية والاجتماعية. وعرَّف زهـران (1997: 72) التَّوافق بأنَّه: عملية دينامية مستمرة تتناول السلوك والبيئة الطبيعيـة
والاجتماعية بالتغيير والتعديل حتى يحدث توازن بين الفرد وبيئته، وذكر أبو سكران
(2009: 15) أن التوافق يعني تلك العملية الدينامية التي يعبر بها الشخص عن سلوكه،
ليحدث علاقة أكثر توافقاً بينه وبين البيئة التي يعيش فيها، وذكر ناجية
(2013: 31) أن التَّوافق هو مجموع العمليات النفسـية التـي تساعد الفرد في
التغلب على متطلباته المتعددة، وأن الشخص المتوافق يجب أن يتسم بالارتياح
النفسي، والكفاية في العمل، والأعراض الجسمية السليمة، والتقبل الاجتماعي.
كما يعني مفهوم التَّوافق وجود علاقات منسجمة
مع البيئة تتضمن القدرة على إشباع معظم حاجات الفرد وتلبية معظم مطالبه البيولوجية
والاجتماعية، وبالتالي يتضمن التَّوافق كل التباينات والتغيرات في السلوك التي
تكون ضرورية حتى يتم الإشباع في إطار العلاقة المنسجمة مع البيئة(الشاذلي، 2001: 126)،
وعرَّف العبودي ((24 :2003 التَّوافق بأنه: العلاقات المُرضية للإنسان مـع البيئة المحيطة به، وللتوافق
بعدان هما الملاءمـة والرضا Adaptation& Satisfaction فالملاءمة ترتبط بالبيئة المادية ومطالب الواقع بجميع أشكالها
الاجتماعية والثقافية أو البيولوجية والطبيعية، ولا يكون التَّوافق كاملاً
إلا إذا صاحب عملية الملاءمة رضا الإنسان وإحساسه بالسعادة والتقبل النفسي لهذه
البيئـة المحيطة.
في نفس السياق عرّفَ عويسات (2006: 243 (التَّوافق بأنّه: قدرة الفرد على تحمل موجات متكررة من
العنف مع ازدياد مستوى القلق والصراع الداخلي لديه ومحاولاته إشباع حاجاته النفسية
والجسمية وانسجامه مع مجتمعه، فهو عملية مركبة من عنصرين أساسيين أحدهما الفرد
بدوافعه وحاجاته وتطلعاته، وثانيهما البيئة المحيطة بهذا الفرد، وأن تكون العلاقة بين هذين
العنصرين علاقةً منسجمةً دينامية مستمرة، ويُعرَّف التَّوافق بمعناه العام بأنه: قدرة الفرد على
تغيير سلوكه وعاداته واتجاهاته عندما يواجه مشكلة مادية أو اجتماعية أو أخلاقية أو
صراعاً نفسياً حتى يقيم بينه وبين بيئته علاقة أصلح وأنسب.
يستخلص الباحث من
التعريفات السابقة أن التَّوافق مفهوم شامل وعملية مستمرة تهدف إلى إحداث
توازن بین الفرد وبيئته، وتحدث عملية التَّوافق بوجود دافع أو رغبة معينـة تـدفع الإنسان
وتوجه سلوكه نحو غاية معينة أو هدف خاص يشبع هذا الدافع ثم يظهر عائق ما
يعترض سبيل الفرد من الوصول إلى هدفه ويحبط إشباع دافعه، فيأخذ فـي القيام بكثير
من الأعمال لمحاولة التغلـب علـى هـذا العـائق والوصول إلى هدفه، وبالوصول إلى
الهدف الذي يشبع الدافع تتم عملية التَّوافق، أي أنَّ التَّوافق مجموعة
ردود الفعل التي يُعدُّل بها الفرد بناءه النفسي أو سلوكه ليستجيب لشروط محيطية محدودة أو خبرة جديدة، وتُعد
عملية التَّوافق عملية توازن بين الفرد ونفسه وبين الفرد والبيئة المحيطة به.
التَّوافق من منظور إسلامي
-
مفهوم التوافق في الإسلام:
الدِّين الإسلامي كان ولايزال وسيلة لتحقيق
الإيمان والتَّوافق النفـسي، وهـو إيمان وأخلاق وعمل صالح، وهو الطريق إلى سيطرة
العقل وإلى المحبة والسبيل القويم إلى القناعة والارتياح والطمأنينة والسعادة
والسلام، وتهدف مبادئ الدين الإسلامي إلى تنمية الفرد وجعله قادراً على العطاء
المثمر، وربطـه بعلاقـات سوية مع الغير، مع التمتع بإرادة ثابتة وعقيدة مثلى ليعيش
في سلام وسعادة مع نفـسه وذويـه والمجتمع بصفة عامة، وإن الصراعات الداخلية التي يخوضها الفرد طيلة حياته
من شـأنها أن تتسبب في اضطرابات نفسية شديدة، وأخطر الصراعات تتمثل في الأنانية
المفرطة والرغبات المُلحة لتحقيق الشهوات مهما كانت الطرق والحيل المـستعملة لهذا
الغرض (أبو سكران، 2009: 13).
وقد اهتم الإسلام بالنفس البشرية اهتماماً
بالغاً ولم يترك جانباً من جوانب الشخصية الإنسانية، إلا تعرض لها، ومن ذلك تعرضه
لأمراض وعلل النفس ومواطن الضعف والقوة فيها، وكمالها وعلاجها وصحتها ومرضها،
والوساوس والخواطر والاحاسيس والانفعالات سواءً الفرح أو الحزن أو الانقباض أو
القلق أو الاطمئنان أو الخوف، وما يهدد النفس من علل مثل الرياء والغيرة والغضب
والحقد والحسد والجشع وكيفية معالجتها (بوعود، 2014: 3). لذا فإنَّ الألم الذي
يصيب الإنسان هو بسبب الذنب والأعمال السيئة غير المحمودة ومخالفة أوامر الله
تعالى وسنة رسوله، قال ابن
كثير(1419: 5\323) في تفسير قوله تعالى(ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ
ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ) (سورة
طه:124) أَيْ: خالف أمري، وما أنزلته على رسولي، أعرض
عنه وتناساه، وأخذ من غيره هداه، فإن له معيشةً ضنكا في الدنيا، فلا طمأنينة له، ولا
انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره، فإن قلبه في قلق وحيرة وشك،
فهذا من ضنك المعيشة.
لذلك نجد كثير من الأطباء والعلماء المسلمين
كتبوا وألًفوا في مجال السعادة النفسية، وكل المذاهب الفلسفية الإسلامية التي
تعرضت إلى فهم الروح وتحليل جوهرها وماهيتها، قـد أتـت بتعاليم قيمة لإرشاد الناس إلى
الاطمئنان، عبـر الزمـان والمكـان، فكانت تعاليم الخلفاء الراشدين ورجال التصوف
وأعلام الفلسفة والفقـه والمنطـق الإسلامي أمثـال الكنـدي والفـارابي والرازي وابن
سينا والغزالي وابن رشد وابن النفيس وإسماعيل الجرجاني وابـن عربي وابن الجزار
ومحمد الصقلي وابن خلدون وغيرهم، الذين أصبحت فلسفتهم مصدر إلهام للنهضة الفكرية
بـالغرب.
-
أهمية التوافق في الإسلام
من الواضح أن النظرة
الإسلامية للأشياء تميزت بالوسطية والاعتدال، التي لا إفـراط فيهـا ولا تفريط، وهي
موجودة ومتجددة عبر العصور، وقد سبقت كل النظريات الوضـعية في نظرتها للإنسان كونه
إنسان وخليفة الله في أرضه، كما حـث الإسـلام علـى التَّوافق الحسن مع الجماعة،
وبين الطريق إلى ذلك فأمره باجتناب الحسد والتباغض وسوء الظن والخصومة، فعن أنسٍt أنَّ النبيَّ r قال: " لا تباغضوا ولا
تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر
أخـاه فـوق ثلاثة أيام" (مسلم،
2006: رقم2564)، فلا بُدَّ من التَّوافق مع النفس والجماعة، ووجوب التزام الفرد بالجماعة
وبمعــــايير الخــــضوع لقواعــــد الــــسلوك، كما قال تعالى: (ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ)
(سورة آل
عمران، 103).
عندما نتأمل إلى أوامـر الله ونواهيه
للإنسان، نجد أن حقيقتها دعوة للتوافق والاتزان والفضيلة والبعد عـن الانحراف
والاختلاف والرذيلة، وهي تحمل مكارم الأخلاق، فعن أبي هريرة t قال: قالr:" إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ"(البخاري،2002: رقم 273) وإن مكارم الأخلاق
كثيرة، وتدل في مجملها على اتـزان الإنسان الانفعالي وتوافقه النفسي الاجتماعي،
كما أشار القرآن الكريم دائماً إلى وضع الميزان للأمور حتى تستقيم بها حياة
الإنسان، لقوله تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ
ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ) (سورة الرحمن،7-9)، وفي الحديث عن أبي يحي صهيب بن سنانt أن
رسول اللهr
قال:" عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاءً إلا كان خيراً له، إن أصابته ضراء
صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا
للمؤمن" (مسلم، 2006: رقم5322 )، قال ابن كثير(1419: 8\138): ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله
وقدره، فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله، عوضه الله عمَّا فاته من الدنيا هدىً في
قلبه ويقيناً صادقاً، وقد يخلف عليه ما أخذ منه، أو خيراً منه، كما يرى الإسلام أن ملامح شخصية الإنسان المسلم هي
الأساس لتوافقه مع مجتمعـه، مثـل حسن الخلق والتواضع والألفة، فعن أبي موسى t قال: قال r: " المـُؤمِنُ للمـُؤمِنِ
كالبُنيـَانِ يَشُدُّ بعضُهُ بَعضاً، وشَبَّكَ بَينَ أَصَابِعِهِ" (البخاري،2002:
رقم 5703)، وإن التربية الإسلامية تنشد غرس العادات السليمة التـي ترتكز على دعائم
وأسس مستمدة من القيم الأخلاقية والروحية، والتي تجعـل مـن حيـاة الإنسان الاتزان
والهدوء والثبات الانفعالي، فالإنسان الذي نمت بين جنبات نفسه تلك القيم الأخلاقية
والروحية هو الإنسان الذي لديه التحكم الذاتي والترويض لدوافعه، بما يعود عليه بالتكيف
والتَّوافق النفسي السليم، ولم يجعل الإسلام توافق الإنسان مع نفسه ومجتمعه توافقاً
قائماً على الخضوع الآلي بعيداً عن إرادته، وإنما جعل الإسلام التَّوافق مسئولاً
قائمـاً علـى بـصيرة وإرادة
الفرد الذي ألزمه بصلاح نفسه وصلاح الجماعة في ضوء شريعة الله سبحانه وتعالى (مرسي،1987 :(93.
مجمل هذه الشواهد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تبين
أن المنظور الإسلامي لتوافق الشخص مع نفسه ومع المجتمع من حوله كانت بارزة في معظم
التعاليم والتوجيهات والشرائع الربانية، وقد جاءت متقدمة على كل النظريات الحديثة،
فالإسلام بدأ بإصلاح الفرد المسلم من خلال تصحيح عقيدته وعبادته وسلامة خلقه، ثم
الاهتمام بجميع شؤون حياته، باعتبار أن الفرد هو الرافعة التي ستحمل هذا الفكر
الرباني إلى الناس.
- مظاهرالشخصية
المتوافقة في الإسلام :
تمثل الشخصية السوية
في القرآن الكريم في صفات عباد الرحمن الذين ذكرهم الله بقوله تعالى (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ) ( سورة الفرقان،63)، يقول القرطبي المذكور في الصابوني(1981:
372) إنه تعالى وصفهم بإحدى عشرة خصلة هي أوصافهم الحميدة من التحلي والتخلي وهي:
التواضع والحلم والتهجد والتوبة والخوف من الله، وترك الإسراف والإقتار والبعد عن
الشرك، والنزاهة عن الزنى والقتل، وتجنب
الكذب، وقبول المواعظ، والابتهال إلى الله.
أي أن الدين الإسلامي جاء بمجموعة من المبادئ والقيم والتعاليم والأسس
التي تبني الشخصية السوية المتوافقة والمتزنة، ويمتاز التصور الإسلامي عن التصور
الغربي باهتمامه بالعوامل الروحية ودورها في معالجة الاضطرابات النفسية ومن أهم
هذه المظاهر التي تساهم في تحقيق التَّوافق الشخصي والاجتماعي للفرد ما يأتي: (الأتاسي، 2014: 77-78)
1.الإيمان بالله تعالى: فالإيمان بالله يورث
الإنسان الحياة الطيبة المطمئنة الخالية من المنغصات النفسية والاضطرابات الروحية،
فيعيش متوافقاً مع ذاته ومحيطه.
قال تعالى(ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ) ( سورة النحل، 97).
2.الإيمان بالقدر: قال تعالى:(ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ) (سورة التوبة، 51)، فالمؤمن يفسر دائماً ما يحصل له تفسيراً
إيجابياً، فيتقبل المصائب بصدر رحب دون
الالتجاء إلى سلوك اليأس والوهن والانهيار، أو إلى السلوك العدواني.
3.مسؤولية الاختيار: قال تعالى: (ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ) (سورة القيامة، 14) في هذه الآية تتجلـى حريـة الفرد في اختيار مواقفه
وسلوكه بكل دراية، وهذا يتفق مع العديد من العلاجات النفسية المعاصرة.
4. طلب العلم: قال
الله تعالى: (ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ) (سورة طه، 114) يتضمن معنى الآية قابلية المؤمن للتوعية
والإرشاد.
5.الصدق: قال سبحانه وتعالى: (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ) (سورة
التوبة، 119)، فالصدق فـضيلة مُهمَّة جداً يرتكز عليها التَّوافق
النفسي.
6.التسامح: قال الله تعالى: (ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ) (سورة فصلت،34)، فالتسامح من الفضائل المُهمَّة لتوافق النفس
ونيل الارتياح.
7. الأمانة: قال تعالي: (ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ )
(سورة النساء،
58 )
8. الرحمة: عن
عبدالله بن عمرو بن العاص> قال: قال رسول اللهr : " الرَّاحِمُونَ
يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي
السَّمَاءِ (أبو داوود، 2015: رقم 4353)، ومنها طاعة الوالدين والعناية بهما وـضرورة حـسن
معاملـة الوالدين لأبنائهم ولذويهم على أسس المحبة والرحمة.
9.التعاون: قال الله تعالى: (ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ) (سورة المائدة،2) وفي ذلك أعظم العبر وأسمى التعاليم
للتوافق الأسري والاجتماعي الذي ترتكز عليه قواعد الصحة النفسية.
10.القناعة: وهي من أفضل
الخصال البشرية التي تنهي عن التناطح العنيـف نحـو تحقيـق السعادة المادية، فهي
تعالج الاضطرابات النفسية الناجمة عن الحقد والغيرة وكراهية الغيـر.
11. الصبر : قال
تعالى: (ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ) (سورة البقرة، 153) فالصبر والتحكم في النفس من أهم المؤشرات على التَّوافق النفسي.
12.العفَّـة: قال تعالى: (ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ )
(سورة النازعات،41) ، ومن هنا يتجنب الفرد الشر والرذائل على مختلف
أنواعها.
13.الـصحة الجسمية: عن أبي هريرة t
قال: قال رسول الله r:"
الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ
الضَّعِيفِ وَفي
كلٍّ خَيْرٌ"
(مسلم،2006: رقم 4945) وعن أبي هريرة t:
أن رسول الله r قال: " مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً، إِلَّا
قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ"
(البخاري،2002: رقم 5378).
نظريات التَّوافق
التَّوافق من العمليات النفسية الأساسية التي
ناقشتها أغلب نظريات علم النفس، وقد اتفقت النظريات في بعض المفاهيم المتعلقة
بالتَّوافق واختلفت في أخرى حسب اتجاه كل نظرية واعتقادات أصحابها، وفيما يلي
ملخصاً لكل نظرية حول عملية التَّوافق:
1.
نظرية التحليل النفسي:
يرى سيجموند فرويد S.Freud(1856-1939) المشار
إليه في الزعبي ((50
:1994 أن الشخصية تتكون من ثلاثة أجهزة نفسية هي الهوID ، والأنا Ego، والأنا
الأعلىego - super ، ولا
بُدَّ أن تعمل هذه الأجهزة جميعها فـي تعاون وتكامل فيما بينها لكي تحقق التوازن
والاستقرار النفسي للفرد، والأنا القويـة هـي التـي نمت نمواً
سليماً وهي التي تستطيع التوفيق بين الأجهزة النفسية، أمَّا الأنا الضعيفة فهي التي
تخضع لسيطرة الهو وعندئذ يسود مبدأ اللذة ويهمل مبدأ الواقع وما يطلبـه الأنا الأعلى،
فيلجأ الفرد في هذه الحالة إلى تحطيم العوائق والقيود، وهكذا يـصبح الـسلوك منحرفاً
وقد يأخذ أشكالاً عدوانية، كما أن الأنا الضعيفة قد تخضع لتأثير الأنا الأعلـى فتصبح
متزمتة وعاجزة عن إشباع الحاجات الأساسية وتوازن الشخصية فتقـع فريـسة للصراع
والتوتر والقلق مما يؤلف مجموعة قوى ضاغطة تكبت الدافع وتزج بـه فـي أعماق
اللاشعور، وهذا يؤدي إلى ظهور الأعراض المَرضية التي تعبر عـن موضـوع الكبت ذاته
في صور آليات دفاعية.
خلاصة القول لدى التحليليين أنَّ
التَّوافق يعني قدرة الأنا على التوفيق بين الدفعات الغريزية الصادرة عن الهو والعالم
الخارجي وبين الأنا الأعلى، فالتَّوافق هو إحدى وظائف الأنا الذي يؤدي ضُعفه مع
وجود أنا أعلى صارم إلى سوء توافق في اتجاه المرض النفسي، وهو ما تبين
نتائجه تبعاً لطبيعة المكبوت والقوى الكابتة في متصل من الأمراض النفسية إلى أشد
الأمراض العقلية استفحالاً، كما أنَّ غلبة الهو والإشباع الفعلي للرغبات المناهضة
لنسق القيم يشير إلى الانحرافات عامة.
2. نظرية التحليل النفسي الجديدة :
اعتقد آدلر A.Adler (1870-1937) المشار إليه في الزعبي ( (51:1994أنَّ الطبيعة الإنسانية أنانية، إلا أنَّ بعض
الأفراد ينمون من خلال عمليات التربية ولديهم اهتمام اجتماعي قوي، واعتبر أنَّ
العصاب شكل خاطئ من أساليب الحياة والشذوذ الاجتماعي، وتوصل إلى أنَّ المجتمع أو
المحيط يشكل بنية أساسية للمخلوق الإنساني لا يمكن إلغاؤه أو إبطاله، وقد حدد مصطلح
الشعور الجماعي معياراً للتوافق، وللتفريق بين الاضطراب والسواء، وأن السلوك يتحدد على نحو أولى بالدوافع الاجتماعية، ويعد الكفاح من أجل
التفوق والرفعة هـو الدافع الاجتماعي الذي ركز عليه آدلر كتعويض عن مشاعر الدونية، كما يـرى أنَّ حدوث السلوك المَرضي عن طريق
مبالغة الفرد في إظهار شعور بالدونية والرغبة في التفوق، غير أنَّ النتيجة
النهائية هي وجود قوة دافعة أساسية في كلٍّ الكائنات الإنسانية بحيث تفسر النماء
والتقدم الاجتماعي.
كما اعتقد كارل يونج
C.yung (1857-1961) المشار إليه
في الزعبي (
(51 :1994 أنَّ مفتاح التَّوافق يكمن في استمرار النمو الشخصي
دون توقف، وأكد على أهمية اكتشاف الذات الحقيقية، وأقر أنَّ التَّوافق يتطلب التوازن بين الميول
الانطوائية والميول الانبساطية، كما أكد على ضرورة تكامل العمليات الأربع الأساسية
في تخيير الحياة والعالم الخارجي وهي: الإحساس، الإدراك، المشاعر، التفكير.
لقد نظر مجددوا مدرسة التحليل النفسي إلى التَّوافق نظرة مختلفة عمَّا رآه
فرويد، فهم يميلون إلى عدم الاهتمام بالآثار السلبية للمجتمع على الفرد، بـل
يهتمـون بالآثـار الإيجابية لتلك العلاقة، وهذا التركيز على أهمية المجتمع في
صياغة الـسلوك وتـشكيله هو الذي سمح لهم بالتفاؤل فيما يتعلق بإمكان تعديل السلوك
في مراحل الحياة المقبلـة للشخصية.
3. النظرية
السلوكية :
يرى واطسنWatson ، وسكينرSkinner (1938) المشار إليهما في
الزعبي (1994: 74 ) أن عملية التَّوافق
الشخصي لا يمكن أن تنمو عن طريق الجهد الشعوري وإنما تتشكل بطريقةٍ
آلية عن طريق البيئة، ولذلك تفترض المدرسة السلوكية أن الشخص يتعلم السلوك من
خلال تفاعله مـع البيئـة، وعلى هذا الأساس يجب وصف الأشخاص بكائنات استجابية،
يستجيبون للمثيرات التي تقدمها لهم البيئة، وفي أثناء تلك العملية تتكون أنماط من
السلوك والشخصية فـي نهايـة الأمر، فالمواقف البيئية لها دور في تشكيل شخصية
الإنسان وتوافقه.
إذن فالتَّوافق عند السلوكيين يعني انصياع
الكائن الحي للشروط التي يفرضها التعلم، ويرون أن زمن التَّوافق إنما هو تلك المدة
الكلية منذ بدء التعرض المطرد والمنظم للمثير، حتى تلك اللحظة التي تستقر بعدها
الاستجابة دون تغير، وأشارت النظرية السلوكية Behavioral theory إلى أن أنماط التَّوافق وسـوء التَّوافق متعلمة
ومكتسبة من خلال الخبرات التي يمر بها الفرد، ويشتمل السلوك التَّوافقي على خبرات
تشير إلى كيفية الاستجابة لتحديات الحياة والتـي سـوف تقابـل بـالتعزيز أو التدعيم.
4. النظرية
الإنسانية :
عرِّف كارل روجرز C.Rogers (
(1902-1995 صاحب نظريـة الـذات، والمشار إليه
في حولي (2012: 23) التَّوافق
بأنه قدرة الشخص على تقبل الأمور التي يدركها، بما في ذلك ذاته، ثم العمل من بعد
ذلك على تبنيها في تنظيم شخصيته، كما يرى روجرز أن سوء التَّوافق يُعبرُ عن الجوانب التي تقلق الفرد فيما
يتعلق بسلوكياته غير المتسقة مع مفهومه عن ذاته، ،
ويرى أن معايير التَّوافق تكمن في ثلاث نقاط أساسية وهي:
الإحساس بالحرية، الانفتاح على الخبرة، الثقة بالمشاعر الذاتية، إذن فهو يعتقد أنَّ
المشكلات النفسية تأتي من عدم التلاؤم بين الذات والذات المثالية والذات العملية،
ويمكن تلافي عدم التلاؤم عن طريق التربية.
بينما ركز إبراهام ماسلو A.Maslow(1908-1970) المشار إليه في حولي (2012: 23) على أهمية تحقيق الذات في
تحقيق التَّوافق السوي ووضع عدة معايير للتوافق هي: الإدراك الفعَّال للواقع، قبول الذات، التلقائية،
التمركز حول المشكلات لحلها، نقص الاعتماد على الآخرين، الاستقلال الذاتي، التوازن
بين جوانب الحياة المختلفـة.
إذن فرأي أصحاب المدرسة الإنسانية Human theory أن الإنسان
لديه القدرة على قيادة نفسه والتحكم فيها، وأن أنواع السلوك الإنساني كافة يُعزى إلى
دافع واحد وهو تحقيق الذات، والشخصية هي نتاج للتفاعل المستمر بين الـذات والبيئة المادية والاجتماعية،
فهي ليست ساكنة بل هـي دائمـة الحركـة والتغيـر، والسلوك الإنساني يعمل بشكل موحد وإيجابي
نحـو هـدف تحقيـق الـذات.
5. النظرية المعرفية :
يرى
أصحاب المدرسة المعرفية cognitive theory أن التَّوافق يأتي عبر معرفـة الإنسان لذاتـه وقدراتـه والتَّوافق معها،
حسب إمكانياته المتاحة، وأن كل فرد يمتلك القدرة على التَّوافق الذاتي. فقد أكد
ألبرت أليس Albert Allis على أهمية تعليم
المرضى النفسيين كيف يغيرون تفكيرهم لحـل المـشكلات، وأن يوضـح للمريض أن حديثه مع
ذاته يُعدُّ مصدراً لاضطرابه الانفعالي، وأن يبين له أن هذه الأحاديث غير منطقية،
وأن يساعده على أن يستقيم تفكيره حتى يصبح الحـديث الذاتي لديه أكثر منطقية وأكثر
فعالية (عزيز، عصام،1991 :69 ).
في نفس السياق عرَّف
جون بياجيهJ.Piaget (1974) المشار إليه في الشرقاوي (:1988 51) مفهوم التَّوافق من خلال عمليتي التمثيل والمواءمة،
ويعني بالتمثيل: التغيرات التي تطرأ على بعض جوانب البيئة، أمَّا المواءمة فتعني: التغيرات التي تطرأ على
الكائن الحي نفسه، وهذه التغيرات تحدث لكي تتمَّ عمليةُ التَّوافق أو
التكيف، ويرى بياجيه أنه يوجد بين عمليتي التمثيل و المواءمة ما
أسماه بالتراكيب العقلية Schemas وهي عبارة عن تنظيمات تظهر خلال أداء الوظيفة، يستدل عليها من
المحتويات السلوكية المختلفة والتي تحدد طبيعة هذه التنظيمات، إذن
فالتَّوافق عند بياجيه هو غاية التطور الإنمائي، وهو أيضاً عملية الموازنة بين المحيط
البيئي والجهاز العضوي الذي يهدف للقضاء على حالات الاضطراب وعدم الانتظام.
كما يرى أصحابُ
المدرسة المعرفية أن للإنسان الحرية في اختيار أفعالـه التـي يتوافق بها مع نفسه
ومع مجتمعه المحيط به، وهو يُقبلُ على اختيار السلوك المقبـول اجتماعياً ويتوافق
توافقاً حسناً مع نفسه ومع مجتمعه، ولا يكون التَّوافق سـيئاً إلا إذا تعرض للضغوط
البيئية والظلم والشعور بالتهديد وعدم التقبل (مرسي،(91:1987 ، ومن
هنـا يمكـن القول إن قدرة الفرد الذاتية والمعرفية لها أهمية في إكسابه التَّوافق،
فكلما كان الفرد متعلماً ومكتسباً للأفكار التي تتناسب مع الواقع المحيط كـان
قـادراً علـى التَّوافق السليم.
إن الفرد بطبعه يسعى دوماً لتحقيق التَّوافق في
جميع جوانب حياته، وقد اتفق معظم الباحثين في ميدان علم النفس على أن للتوافق عدد
من المظاهر، تم توضيحها كما يأتي:
- التَّوافق الشخصي :
يُعدُّ التَّوافق الشخصي بناءٌ سليمٌ متماسك
لشخصية الفرد وتقبله لذاته وتقبل الآخرين له وشعوره بالرضا والارتياح النفسي والاجتماعي.
ويتضمن الرضا عن النفس وإشباع الدوافع والحاجات الداخلية الأولية الفطرية والعضوية
والفسيولوجية والثانوية والمكتسبة، ويعبر عن سِلم داخلي (زهران، (143:1997، كما يشير التَّوافق الشخصي إلى
التوازن بين الوظائف المختلفة للشخصية، ما يترتب عليه أن تقوم الأجهزة النفسية
بوظائفها دون صراعات شديدة، ويرتبط مع التَّوافق النفسي التَّوافق الاجتماعي الذي
يعني أن ينشئ الفرد علاقة منسجمة مع البيئة التي يعيش فيها (كفافي،
26:1990).
كما عرَّفت كامل (1999: 80) التَّوافق الشخصي بأنه: قدرة الفرد على التوفيق بين دوافعه
المتصارعة وإرضائها الإرضاء المتزن، وهذا لا يعني أن الصحة النفسية تعني الخلو من
الصراعات النفسية، إذ لا بد من تواجدها، وإنما الصحة النفسية هي حسم هذه الصراعات والتحكم
فيها بصورة مُرضية مع القدرة على حل الأزمات النفسية بصورة إيجابية بدلاً من
الهروب منها في شكل أعراض مَرضية.
لذا فالتَّوافق الشخصي يتمثل في التقدير الذاتي
والرضا عن النفس على أساس واقعي، وقوة الشخصية والاتزان الانفعالي الجيد والنظرة
الإيجابية للحياة والشعور بالكفاءة، ما يؤدي إلى التقليل من الإحباط والقلق، بمعنى؛ أن يعرف الفرد ذاته ومدى إمكانياته وقدراته حتى
تتناسب رغباته وطموحاته مع تلك الإمكانيات والقدرات فيسهل تحقيقها.
-
التَّوافق الاجتماعي:
عرَّفت كامل (1999: 80) التَّوافق الاجتماعي بأنه: قدرة
الفرد على عقد صلات اجتماعية مُرضية تتسم بالتعاون والتسامح والإيثار، لا يشعر
بما يعكرها من العدوان أو الريبة أو الاتكـال أو عـدم الاكتـراث لمشاعر الآخرين، وأن
يرتبط بعلاقات دافئة مع الآخرين.
ويرى زهران (1997: 29(
بأنَّ التَّوافق الاجتماعي يتضمن السعادة مع
الآخرين والالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة المعايير الاجتماعية والامتثال
لقواعد الضبط الاجتماعي وتقبل التغير الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي السليم والعمل
لخير الجماعة، ما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية.
- التَّوافق الحسن :
اعتبر سيجموند فرويد المشار إليه في راشد (2011
:715) أن الشخص المتوافق هو الذي يستطيع إشباع المتطلبات الضروريـة للغريزة (ID) بوسائـل مقبولة اجتماعياً،
وقد ذكر السمات الأساسية للشخصية المتوافقة وهـي: قـوة الأنا والقدرة على العمل والقدرة على الحب، ومن أهم صفات الشخصية المتوافقة:
شعور الفرد بالمسؤولية في شتى صورها سواءً نحو نفسه أم نحو أسرته أم مؤسسته أم
رفاقه أم جيرانه أم مجتمعه أم الإنسانية بأسرها.
كما أشار قويدري (2009: 61 ) إلى التَّوافق الحسن بأنه: اعتدال في الإشباع؛ أي إشباع عام للشخصية
وليس إشباعاً لدافع واحد على حساب دوافع أخرى، والشخص
المتوافق توافقاً ضعيفاً هو الشخص غير الواقعي وغير المشبع بل هو الشخص المحبط
الذي يميل إلى التضحية باهتمامات الآخرين كما يميل إلى التضحية باهتماماته، أمَّا
الشخص حسن التَّوافق فهو الذي يستطيع أن يقابل العقبات والصراعات بطريقة بناءة
تحقق له إشباع حاجاته ولا تعوق قدرته على الإنتاج؛ ويرى أن توافق الفرد يعني توفر قدر من الرضا قائم
على أساس واقعي ويؤدي على المدى الطويل إلى التقليل من الإحباط والقلق والتوتر.
كما حدد الداهري، العبيدي (1999: 10 (أهم المؤشرات التي تشیر إلى التَّوافق الحسن وهي أن تكون
نظرة الإنسان للحیاة نظرة واقعية، وأن تكون طموحات الشخص بمستوى إمكاناته، والإحساسُ بإشباع الحاجات النفسية للشخص، وأن
تتوافرَ لدى الشخصِ مجموعةٌ من القیم أو نسق من القیم الإنسانية، وأن تتوافر لدى
الشخص مجموعة من السمات الشخصية، من أهمها: الثبات الانفعالي واتساع الأفق والتفكير
العلمي والمسئولية الاجتماعية والمرونة، وأن یكون مفهومه عن ذاته متطابقاً مع
واقعه، أو كما یدركه الآخرون عنه.
إذن فالمقصود بالتَّوافق الحسن قدرة الفرد على
فهم نفسه وفهم المجتمع المحيط به، والتفاعل الإيجابي مع المواقف والمتغيرات
المختلفة التي يواجهها الفرد في حياته اليومية.
-
سوء ا لتَّوافق:
ذكر الطحان ((191:1996
أنَّ
مظاهر سوء التَّوافق التي يمكن ملاحظتها وقياسها لدى الفرد كما يلي:
1.
الشعور بالتعاسة : هومظهر أساسي لسوء التَّوافق، فهو معيـار مهـم لكشف الاضطراب النفسي، لأنَّ سلوك
الفرد الظاهر يبدو للآخرين أنه سوء توافق وعدم اتزان كالخوف والقلق والتوجس وعدم
الهدوء النفسي.
2.
عدم تحمل المسئولية:
من لا يحسن اتخاذ
القرارات يعاني من الحيرة والارتباك أمام المواقف التي يواجهها، وهذه الحيرة تجعله
عرضة للصراع مما يولـد التـوتر النفـسي، ويجعل الفرد عرضة للقلق والاضطراب، وإنَّ
عدم القدرة على تحمل المسئولية واتخـاذ القرارات يشير إلى ضعف في النضج العقلي والانفعالي
والاجتماعي.
3.
الجمود وعدم المرونة :
إنَّ
السلوكيات الجامدة تشير إلى عدم قدرة الفرد على إيجـاد صيغ وأساليب سلوكيه مرنة وبديلة، وتجد الفرد يرفض
التغيير والتبديل وهنـا يـشعر الفرد بعدم التَّوافق لأنَّ طريقة استجابته
للمتغيرات الجديدة في البيئة طريقة جامدة وينتج عن ذلك ضعف في الاستفادة من
الخبرات، لأنَّ الفرد لا ينتبه إلى جوانـب مهمـة فـي المواقف التي يمر بها.
4.
العزلة: تظهر عند
فشل الفرد في تكوين أي علاقات اجتماعية ناجحة، وهذا يـسبب للفرد شعوره بالعزلة
وعدم الانسجام مع الآخرين، وبالتالي يفقد السعادة وعـدم الرضـا عن ذاته وعن
الآخرين.
5.
رفض الذات: إن
ـرفض الـذات يعكس مظاهر سوء التَّوافق،
وهذا الرفض يؤدي إلى الصراع والقلق والتوتر ما يؤثر سلباً على ثبات الشخصية.
إذن يقصد بسوء التوافق عدم قدرة الفرد على إشباع الحاجات
التي يحتاج إليها بطريقـة يرضـى عنهـا المجتمع المحيط به، وهذا يُعدُّ فشلاً في
التَّوافق من أجل إعادة التوازن بينه وبين البيئـة المحيطة به، وينتج عن فشله في
تحقيق الإشباع لحاجاته وفشله في خفض التوتر.
-
التكيف :
تتمثل عملية التكيف في سعي الفرد الدائم للتوفيق بين مطالبه وظروفه
ومطالب وظروف البيئة المحيطة به. فالتكيف
هو عملية دينامية مستمرة يهدف بها الشخص إلى أن يغير سلوكه أو يغير مجتمعه ليكون
بينه وبين مجتمعه علاقة أكثر توافقا (الهابط، 2003: 56)، ولهذا فقد حدثت جدلية للتفريق
بين مصطلحي التوافق والتكيف، فمنهم من يستخدم مصطلح التَّوافق والتكيف كمفهومين
مترادفين ومتطابقين، لأنَّ التكيف قد يستخدم بمعنى طبيعي أو بيولوجي ويشمل الإنسان
والحيوان معاً، أمَّا التَّوافق فيتضمن الجوانب النفسية والاجتماعية
ويقتصر على الإنسان فقط.
-
الصحة النفسية :
تُعرَّف الصحة النفسية
Mental Health بأنها التَّوافق التكيفي التام أو الكامل بين
الوظائف النفسية المختلفة، والقدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التي تطرأ
على الإنسان، مع الإحساس بالسعادة والرضا، لتأكيده لذاته واستغلاله لقدراته
وإمكانياته بصورة إيجابية يرضى عنها وتتفق مع فكره وعقيدته (الهابط، 2003: 56)، ويـرى كامل (2003:75) أن التَّوافق المتكامـل Integrative Adjustment يمثل نموذجاً للصحة النفسية، ومن مظاهره لدى الفرد؛ القدرة على ضبط النفس، والشعور بالمسؤولية الشخصية والاجتماعية، وتحمل
مسؤولية أعماله دون اللجوء إلى الحيل الدفاعية، والاهتمام بالقيم المختلفة، وتعلم
إرجاء إشباع الحاجات، والانصياع الاجتماعي والاتفاق
مع قيم ومعايير الجماعة، وتفضيل الأهداف بعيدة المدى ذات الأثر الكبير على الأهداف
القريبة ذات الأثر المحدود، وإدراك حاجات الآخرين واحترامها.
يرى
الباحث أنَّ دراسة الصحة النفسية هي دراسة للتوافق، وأن عدم التَّوافق هو مؤشر لاختلال
الصحة النفسية، فالسلوك التَّوافقي هو أحد مظاهر الصحة النفسية، وعليه فالشخصية السوية
مرادف لمصطلح الصحة النفسية.
يُعدُّ
التَّوافق الدراسي نوعاً من أنواع التَّوافق الاجتماعي، لأنَّ الطالب حسب ثقافة
المجتمع الحديث يقضي معظم مراحل نموه الأساسية في المدرسة التي أعدها المجتمع
وأناط بها مسئولية تربية وتكوين النشء، نظراً لاتساع ميادين الحياة وتشعب مجالاتها
من جهة، وقصور الأسرة عن تأدية وظيفة التربية وتلبية متطلبات المجتمع الحديث نتيجة
هذا الاتساع من جهة أخرى. كما يُعد توافق الطالب داخل محيطه المدرسي مسألة جوهرية
يتوقف على نجاحها المسار التربوي والتعليمي بكل أبعاده، على اعتبار أنَّ المدرسة
لم تعد تعنى بتلقين المعارف فقط، بل تضع المتعلم كمحور للفلسفة التربوية والاجتماعية
(عزيزة، 2010: 161).
فالتَّوافق الدراسي يُعبر عن مدى قدرة الطالب
على التَّوافق مع الوسط المدرسي بكل ما فيه، كإقامة علاقات مع المدرسين ومع زملائه
وتقبله للمواد الدراسية، وتستمر هذه العلاقة أو تنقطع بحسب توافقه معها، ومع
المواقف الاجتماعية المدرسية، ويدل استمرارها على التَّوافق الجيد، ويُعدُّ التَّوافق الدراسـي جانبـاً مـن جوانـب التَّوافق الاجتماعي، كما يُعدُّ
الفـرد متوافقـاً دراسياً إذا كـان فـي حالـة رضـا عـن إنجـازه الأكـاديمي مـع
رضـا المؤسـسة التعليميـة عنـه ســواءً فــي أدائــه الأكــاديمي أم فــي
علاقاتــه مــع مدرســيه وزملائــه والعــاملين بالمؤســسة التعليمية (دمنهوري، 1996 : 87). لذلك
فالتَّوافق الدراسي يُعدُّ قدرة مركبة تتوقف على
كفاية إنتاجية وعلاقات إنسانية، كما يتضمن التَّوافق الدراسي نجاح المؤسسة التعليمية
في وظيفتها والتواؤم بين المعلم والطالب بما يهيئ للأخير ظروفاً للنمو السوي معرفياً
وانفعالياً واجتماعياً.
كما عرَّفت العبيدي (2013: 129) التوافق
الدراسي بأنَّه: قدرة الطالب على تحقيق الانسجام بينه وبين زملائه وأساتذته
والمواد الدراسية، ويظهر ذلك بوضوح من خلال سلوك الطالب مع المحيطين به. وعُرِّف التَّوافق الدراسي بأنَّه: عملية
دينامية مستمرة بين الفرد وذاته وما يحيط به من مؤشرات داخلية وخارجية،
فالطالب المتوافق هو المقدر لذاته، الساعي لتحقيقها من خلال إقامة نسيج يتلاقى مع
الآخرين ومع زملائه ومعلميه، وأن يكون متوازناً وفعَّالاً ومنتجاً في بيئة المدرسة
بمختلف جوانبها، وراضياً عن إنجازه الأكاديمي بما يحقق له السعادة والوصول
إلى تحقيق الأهداف، ويتعرض الطالب لتنبيهات ومثيرات داخلية أو خارجية تولد عنده
حاجة ودافعية يسعى إلى تحقيقها من خلال عملية التفاعل المتبادل بينه وبين عناصر
المواقف التعليمية المختلفة (النوبي، 2010: 29)، أي أنَّ التَّوافق الدراسي عملية تغيُّر
وتغيير مستمر باستمرار العملية التعليمية.
في نفس السياق أشار العبيدي
(2013: 127) إلى التَّوافق الدراسي بأنَّه: المحصلة النهائية للعلاقة الدينامية
البناءة بين الطالب من جهة ومحيطه المدرسي من جهة أخرى بما يسهم في تقدم الطالب
ونمائه العلمي والشخصي، وتتمثل أهم المؤشرات الجيدة لتلك العلاقة في الاجتهاد والتحصيل
العلمي، والرضا والقبول بالمعايير المدرسية والانسجام معها، والقيام بما هو مطلوب
منه على نحو منظم ومنسق. وعرَّف يونجمان (1979) Young Man المشار إليه في الآغا (1989:10) الطالب المتوافق دراسياً بأنَّه: ذلك الطالب المنتبه الهادئ النشيط
في التفاعل داخل حجرة الدراسة، المحافظ على النظام، الذي لا يتحدث مع زملائه أثناء
الدرس، ولا يُعَرِّض نفسه للحرج من قبل معلميه، المؤدب المطيع لأساتذته وعلاقته طيبة
معهم. وعرَّف الباحث التوافق الدراسي بأنَّه:
حالة جيدة من الرضا
الوجداني للطلبة نحو المدرسة والمدرسين والزملاء والأنشطة والمنهج والجدول
الدراسي، ثم التفاعل الإيجابي معها.
لذا فالعملية
التعليمية بعناصرها الأساسية الثلاثة المعلم والمتعلم والمادة التعليمية، تشكل
عملية دينامية في إطار تفاعلي لهذه العناصر، فالمعلم موكل اجتماعياً وقانونياً بتربية
وتكوين النشء، كما يُعدُّ الطالب محور الارتكاز لأجله تسخر كل الإمكانيات المادية
والبشرية، ويتم تكوينه عبر سنوات عديدة ليكون في النهاية إنساناً منتجاً وصالحاً
لنفسه وأمته، أمَّا المادة التعليمية فتكون على قدر الاستعدادات النفسية للطلاب وقدراتهم
العقلية مراعية بذلك خصائص النمو بأبعاده المختلفة.
إذاً فالتَّوافق الدراسي عملية حيوية متجددة ومستمرة
يقوم بها الطالب لاستيعاب المواد الدراسية والنجاح فيها، وتحقيق التواؤم بينه وبين
البيئة المدرسية ومكوناتها الأساسية من أساتذة وزملاء وأنشطة اجتماعية وثقافية
ورياضية ومواد دراسية وتحصيل دراسي، وإن امتلاك الطالب للقدرة على الموائمة بين ما
يتلقاه في البيت ومتطلبات المدرسة ونشاطات جماعة الرفاق ستساعده في الإحساس
بالثبات والمنافسة، ما يجعله متوافقاً دراسياً مع أقرانه ومع بيئته الدراسية، وينتج
من خلالها رضا الطالب عن المدرسة والمدرسين والزملاء والمنهاج الدراسي والأنشطة
المدرسية المختلفة والعملية التربوية والتعليمية بشكل عام ، بينما حرمانه من الفرص
التي تساعده على التوازن سيولد لديه الإحساس بالعجز والدونية والنقص مما يجعله غير
متوافق دراسياً.
كل ذلك
جعل الدراسات الحديثة تركز على عناصر العملية التعليمية جميعها لا سيما الطالب الذي
أولته اهتماماً خاصاً بعمليات الإصلاح المستمرة، ووفقاً لأحدث النظريات، ضمن عملية
التجديد للمنظومة التربوية بما يتناسب مع العصر والتقدم العلمي والحضاري، بهدف رفع
مستوى المجتمع باستمرار وجعله يواكب كافة المتغيرات، وقد عرَّف الباحث التوافق
الدراسي بأنه: حالة جيدة من الرضا
الوجداني نحو المدرسة والمدرسين والزملاء والأنشطة والمنهج والجدول الدراسي،
والتفاعل الإيجابي معها.
ظهرت
العديد من التصنيفات لأبعاد التَّوافق الدراسي، بعضها شامل لجميع مكونات وعناصر
العملية التعليمية والبعض الآخر يقتصر على بعض المكونات باعتبارها مؤشراً للتوافق
الدراسي بشكل عام، وبناءً على هذه الأبعاد تم بناء مقاييس واختبارات لقياس مستوى
التَّوافق الدراسي، ومن هذه التصنيفات التي اطلع عليه الباحث من خلال استخدامها في
كثير من دراسات التوافق، تصنيف يونجمان (1979)، الذي احتوى على ثلاثة أبعاد رئيسة
هي؛ الجد والاجتهاد، الإذعان، العلاقة بالمدرسين، كذلك تصنيف الزيادي (1964) الذي
صنف التَّوافق الدراسي إلى سبعة أبعاد رئيسة هي؛ العلاقة بالزملاء، العلاقة
بالمدرسين، الاتجاه نحو المدرسة، النشاط الاجتماعي، التفوق الدراسي، تنظيم الوقت،
طريقة الاستذكار، وهناك تصنيفات أخرى أعدها باحثون وطبقوها في دراساتهم سنستعرض
بعضها كما يلي:
أولاً : أبعاد التَّوافق
الدراسي لدى يونجمان:
حدَّد يونجمانM.B.Youngman 1979)) ثلاثةَ أبعادٍ
للتوافق الدراسي شملت الجوانب الأكاديمية والاجتماعية والشخصية، وتم توضيحها كما
يلي:
1.
الجدُّ و الاجتهاد Studiousness :
يشمل التَّوافق الدراسي جملة من المواقف والتي تحدد
علاقات الطالب بمحيطه الدراسي، وتتضح بارزة من خلال تفاعله مع هذا المحيط ويُعد
الجد والاجتهاد من أبرز هذه الموقف، وتكون بقدر دافع الطالب واهتمامه، ولا تقتصر على
حياته الدراسية فحسب بل تتعدى ذلك إلى حياته العامة.
لذلك فإن جد الطالب واجتهاده يعبر عن رغبته في النجاح والطموح إلى المستقبل، وهو
ما يصبو إليه مفهوم التربية في أهدافه وغاياته من تكوين الفرد المواطن والإنسان
الصالح المزود بالمعارف والخبرات والمهارات التي يستغلها في حل مشكلاته الخاصة
والعامة بل وحتى مشكلات غيره) لبوز، 2002: 95(.
لذا فإنَّ أهم المؤشرات الدالة على التَّوافق
الدراسي للطالب جدَّهُ واجتهاده في حياته الدراسية، ويختلف الطلبة باختلاف الفروق
الفردية فيما بينهم، إذ أن قوة الدافع تتميز بين الطلبة ومدركاتهم وتصوراتهم للدراسة
واتجاهاتهم نحوها، وكذا أهدافهم التي يريدون الوصول إليها، وما يحققونه من نجاح في
الدراسة أو في غيرها
2.
الإذعـــان Compliances
:
تتخذ
عمليات السيطرة والإذعان أشكالاً لا تختلف كثيراً عما عليه خارج الفصل، فيظهر
المدرس المتسلط والمتسيب والديمقراطي وغيرها من السمات التي يتصف بها المدرسون،
وبالمقابل يظهر سلوك الطالب في الفصل حيث يظهر العنيد والمشاكس والخاضع والمتمرد
والعدواني والانسحابي والخجول، كانعكاس للتنشئة الاسرية والأساليب التربوية في
المدرسة (ناجية،2013: 32 )، ذلك
لأنَّ المدرسة بأساليبها التربوية لا تختلف كثيراً عن أساليب التربية في البيت، إذ
إن المدرس يتخذ صورة الأب بالنسبة للطالب، كما أنَّ الطالب يأتي من البيت مزوداً
بالخبرات التي تلقاها من والده من جهة أخرى، حيث أنَّ المدرس قبل أن يكون مدرساً هو كغيره أتى
من أسرة وله علاقات مع أبويه، وكل من المعلم والطالب يسقط لا شعورياً خلفياته
المنزلية ومشكلاته الأسرية على شكل سلوكيات عند تعامله مع الآخرين.
3.
العلاقة بالمدرسين
Relatedness:
توصلت الدراسات إلى أن المعلم الناجح أظهر
ارتياحاً في العلاقات الاجتماعية وفي تحمل المسؤولية، وكان أقل تعرضاً للخوف
والجزع، وأكثر استجابةً لآراء الآخرين، وأبطأ في اتخاذ القرارات من المعلم الأقل نجاحاً
(ناجية،2013: 33). وذلك لإن طبيعة العلاقات الموجودة
بين الطلبة والمدرسين من أهم العوامل المؤثرة في التَّوافق الدراسي، ومن أهم
المكاسب للمدرس الناجح في الفصل المدرسي أن تكون علاقاته جيدة مع تلاميذه، لأنَّ
ذلك الدور الشاق لا يكون إلا إذا تميز هذا المدرس بصفات تؤهله لإقامة تفاعل مؤثر
في حياة الطالب الوجدانية، هذا التميز الذي تتكامل فيه نواحي شخصيته، وتختلف نسب
نجاح المعلمين في مستوى العلاقات الاجتماعية الحسنة مع طلبتهم.
ثانياً : أبعاد التَّوافق
الدراسي لدى الزيادي :
يرى
محمود الزيادي(1964) المشار إليه في الضو
(2013: 25- 27) أن التَّوافق الدراسي هو الاندماج الإيجابي مع
الزملاء، والشعور نحو الأساتذة بالموَّدة والإخاء والاحترام، والاشتراك في أوجه
النشاط الاجتماعي بالمدرسة، والاتجاه الإيجابي نحو مواد الدراسة وحسن استخدام
الوقت والإقبال على الدروس، وقد حدد سبعة مجالات أو أبعاد للتوافق الدراسي كما
يأتي:
1.
العلاقة بالزملاء :
الطالب المتوافق هو الذي يندمج مع زملائه،
ويساعدهم إذا احتاج أحدهم لمساعدته، ويُسَر لمقابلتهم ويهتُّم بمصالحهم الشخصَّية،
ویقضي وقت فراغه مع زملائه ویمیل إلى الاشتراك معهم في القیام بأي عمل جماعي، ویكون
محبوباً لدیهم، وله صداقات قویة معهم ومندمج معهم. أمَّا الطالب غیر المتوافق فهو
الطالب الذي ینتقده زملاؤه كثیراً، ولا یهتم بهم ویشعر أنهم لا یفهمونه، ولا یقدر
آراءهم، وهو غیر محبوب بینهم، ولا یمیل إلى الاشتراك في أي عمل جماعي.
إن علاقة الطلبة مع بعضهم بعضاً سواءً كانت
داخل قاعة الدراسة أو خارجها تنعكس بصورة واضحة في تفاعلهم وتعاملهم مع بعضهم بعضاً،
أثناء قیامهم بالأنشطة التعلیمیة المختلفة، والتي تطلب منهم كجزء من العملیة
التعلیمیة والتربویة، فقد یكون هذا التفاعل تفاعلاً إیجابیاً یأخذ مظاهر الحب
والزمالة والتعاون والمشاركة والمنافسة الشریفة والعمل النافع والمنتج، وقد یكون
تفاعلاً سلبیاً یأخذ مظاهر الكراهیة والفرقة والتشاجر والمنافسة الهدامة.
2.
العلاقة بالأساتذة:
الطالب
المتوافق هو الذي یحب أساتذته ويشُعر نحوهم بالمودة، وتسود
بینه وبینهم روح المودة والاحترام ولیس الخوف والنفور ویشعر بإخلاصهم نحوه، ولا
یجد صعوبة من ناحیته في الاتصال بهم والتحدث إلیهم، ویرى فیهم مثلاً یحتذى به، وهو
محبوب منهم، والطالب غیر المتوافق هو الذي یشعر نحو أساتذته بالخوف ولا یستطیع الاندماج
معهم إذا كانوا في رحلة خارج المدرسة، ویشعر بحاجز كبیر یفصل بینه وبینهم، كما لا
یشعر نحوهم بالولاء.
إن علاقة الأساتذة بطلابهم تؤدي دوراً رئیساً
في تقدم العملیات الدراسیة وفي تنمیة السلوك الاجتماعي للطلاب، ونجاح الأستاذ في
تأدیته لمهمته وتحقیق الأهداف التعلیمیة یتوقف على نجاح أو فشل تلك العلاقة. فقاعة
الدراسة لیست إلا صورة مصغرة من أي جماعة بشریة، وتؤكد هذه الحقیقة أهمیة العلاقة
بین الطلاب والأساتذة وصعوبات ذلك في نفس الوقت، وتكمن تلك الصعوبات في كیفیة فهم
الأستاذ لدوره وقیامه به في نطاق السلطة المخولة له.
3.
النشاط الاجتماعي :
الطالب المتوافق هو الذي ینتمي غالباً إلى جماعة
مدرسية أو فریق ریاضي داخل المدرسة، ویقوم في كثیر من الأحیان بالاشتراك في تنظیم
الحفلات العامة والمسابقات والرحلات والأیام الریاضیة، أمَّا الطالب غیر المتوافق
فهو الذي لا ینتمي إلى أي جمعیة أدبیة أو ریاضیة أو ثقافیة، وأن الأساتذة الذین یعتمدون في
تدریسهم على التفاعل الاجتماعي بینهم وبین الطلاب، ویتیحون فرصة للنقاش المتبادل،
كانت طریقتهم في التعلیم أجدى، إذ یزداد الطلاب فهماً للمادة الدراسية وإزالة لما
یعتریها من غموض، وارتفاع دافعيتهم في نفس الوقت نحو تحصیلها.
4.
الاتجاه نحو مواد الدراسة
:
الإيمان بأهمیة المواد التي یدرسها، ویجدها
مشوقة، كما أن میوله نحوها لا تتغیر، والطالب غیر المتوافق یرى أن المواد التي
یدرسها تافهةً، ودراستها مضیعة للوقت، ولا یقتنع بأهمیتها، كما أن میوله نحوها
تتغیر بسرعة، ویرى فیها عبئاً ثقیلاً.
5.
تنظيم الوقت :
الطالب المتوافق هو الذي یستطیع تنظیم وقته
والسیطرة علیه، فیقسمه إلى أجزاء للمذاكرة وأخرى للترفیه، بناءً على خطة مرسومة،
وهو یدرك أهمیة الوقت وقیمته، والطالب غیر المتوافق هو الذي یسیر في عمله حسب
الظروف الخارجیة والطارئة، والذي لا یستطیع السیطرة على وقته وتنظیمه، بحیث لا
یستطیع مقاومة إغراء الظروف الخارجیة، ویضیع جزءاً كبیراً منه في أعمال لا فائدة
منها.
6.
طريقة الاستذكار :
الطالب المتوافق هو الذي یستطیع تنظیم دروسه
تنظیماً یمكنه من عمل ملحقات أو ملخصات لكل مادة، ویستطیع أن یستخلص النقاط المهمة
في أي موضوع بشكل یسهل علیه عملیة الاسترجاع، والطالب غیر المتوافق هو غیر المنظم
في تنسیق دروسه ویجد صعوبة في الفهم والاسترجاع.
7.
التفوق الدراسي :
الطالب
المتوافق هو المتفِّوق دراسياً، الذي يحصل في الامتحانات على تقديراٍت مرتفعة
نسبياً في مختلف المواد الدراسية.
العوامل المؤثرة في تحقيق التَّوافق
الدراسي :
التَّوافق الدراسي مرتبط بعدد من العناصر
المادية والمعنوية وبالتالي فهو يتأثر سلباً أو إيجاباً بمدى تغير هذه العناصر،
ومن أهم هذه العوامل المؤثرة في عملية التَّوافق الدراسي للطلبة ما يلي:
1.
تحقيق مطالب النمو
:
مطالب النمو
یقصد بها: المطالب التي تظهر في فترة ما من حیاة الإنسان، والذي إذا تحقق إشباعها
بنجاح أدى إلى شعور الفرد بالسعادة، وأدى إلى النجاح في تحقیق مطالب النمو
المستقبلية، كما يشير إلى الضرورة التي یشعر بها الأفراد
من الجنسین في تعلم بعض الأمور بطریقة مقبولة اجتماعیاً، تیسر لهم الراحة النفسیة
أثناء مراحل النمو، مما یترتب على ذلك سهولة التَّوافق مع مشكلات هذه الفترة، كما
ییسر لهم نوعاً من السهولة في مقابلة مشكلات المراحل التالیة (أحمد، الشربیني،1998:
107)، أي أن تحقيق التَّوافق الدراسي مرتبط بتحقیق مطالب النمو النفسي السوي في جمیع مراحله وبكافة
مظاهره جسمياً وعقلياً وانفعالياً واجتماعياً، وهذه المطالب هي:
أ. إشباع الدوافع :
إن إشباع الدوافع یتوقف على مدى تكیف الفرد وتأكیده لذاته، وإشباع حاجاته الفسيولوجية
والاجتماعية، والأدوار المختلفة التي يؤديها في حیاته، وفي أثناء تفاعله مع بیئته
المادیة والاجتماعیة تتحقق الأهداف والطرق التي رسمها لحیاته، وتتوقف سعادة الفرد
وتكیفه السلیم على مدى كفایة الذات في إشباع هذه الحاجات بما یتفق مع الواقع، وما
یتوقعه المجتمع والفرد، إلا أنه قد تعترض سبیل الفرد عقبات تحول دون إشباع هذه
الحاجات، فیختل توازنه وتكیفه ویؤدي به إلى التعاسة والشعور بالنقص (زهران، 1995: 80)، فإشباع
الدوافع لدى الفرد تمثل طاقة أو وقود تدفع الفرد للقيام بأدواره الوظيفية والاجتماعية
بصورة جيدة، كما تساهم في الحفاظ على الفرد من الاضطرابات النفسية والعصبية،
وتجعله يقبل على الحياة ويشعر بإيجابية نحو الآخرين.
ب. إدراك الفرد لذاته أو
إدراكها بواسطة الآخرين:
حدِّد فهمي(1987: 39) البیئة النفسیة
للفرد بأنها النفس البشریة، وكیف یستطیع الفرد أن یسوسها ویسیطر علیها، ویتحكم في
مطالبها، ولا شك أن مفهوم الذات يؤدي دوراً مهماً في توجیه سلوك الفرد وجهةً
اجتماعیة یتقبلها الآخرون، وإنَّ فكرة المرء عن نفسه هي النواة الرئیسة التي تقوم
علیها شخصیته كما أنها عامل أساس في تكیفه الشخصي والاجتماعي، فالذات تتكون من
مجموع إدراكات الفرد لنفسه وتقییمه لها.
لذا توجد صعوبة لدى الفرد في إدراكه لذاته بدقة،
مثلما یدركه الآخرون أو تطابق ملاحظة اثنین في إدراكهما لفرد ثالث، وبالرغم من ذلك
یمكننا أن نتوقع درجة من التَّوافق بین الملاحظین الأكفاء عند قیامهم بوصف شخصیة
أحد الأفراد، وما یهمنا هو دلالة وأهمیة درجة الموافقة والاتساق بین إدراك الفرد
لذاته، وإدراك الآخرين له.
ج. تقبل الذات :
يوجد ارتباط بين الصحة العقلیة والنفسیة وبين النظرة
الموضوعیة إلى الذات وتقبل الذات، وأن مدى توافق الفرد مع ذاته يُعدُّ معیاراً
للتمییز بین السلوك السوي وغیر السوي، ولهذا نجد أن تقبل الفرد لذاته وإدراك
قدراته وتقبله لحدودها، كذا تقبله للآخرین وتقبل الفروق الموجودة فیما بینهم، كل
هذا یُعد من ملامح السلوك السوي والشخصیة المتكاملة (زهران، 1995: 80)، فتقبل الفرد لذاته تعني رضاه عن
نفسه وعن الآخرين من حوله، كما تعني توسيع الفرد لمفهوم الذات لديه حتى يستطيع تقبلها.
ح. المرونة :
إن الشخص المرن هو الذي یستطیع الاستجابة للمؤثرات الجدیدة والطارئة
بدرجة ملائمة، بعكس الفرد الذي یتسم بالجمود وعدم المرونة فهو لا یتقبل التغیرات
التي تطرأ على حیاته، ما یؤدي إلى اختلال توافقه مع الآخرین، خاصة إذا انتقل إلى
بیئة جدیدة یختلف أسلوب الحیاة فیها عن تلك التي تعوَّد علیها ومارسها، فتوافق
الفرد یصبح سهلاً كلما كان الشخص أكثر مرونة (فهمي،1987: 39).
2.
المُناخ المدرسي :
تُعد المدرسة
المسؤول الثاني بعد الأسرة عن تربية النشء، فهي تسعى لتحقيق انسجام وتوافق الناشئة
مع أنفسهم ومع المحيطين، لا سيما توافقهم الدراسي والذي لا يتحقق إلا بتهيئة الفرص
اللازمة والمتاحة للاستفادة من التعليم بأكبر قدر ممكن، إذ إن مبدأ تكافؤ الفرص
يراد به أن يتاح لكل طالب فرص التعلم بحسب ذكائه وقدراته الخاصة وميوله. بالإضافة إلى توفر الدافعية نحو الدراسة والتعلم والإقبال عليها والاتجاه
الصحيح نحوها. وأيضاً الموازنة
بين المناهج الدراسية والقدرات العقلية للطلبة ومستواهم التحصيلي وطموحاتهم مع
مراعاة الفروق الفردية بينهم. والتنافس
بين الطلبة يجعلهم يسعون دائماً إلى التفوق وتحسين المستوى إضافة إلى أن التعاون
ينمي روح الجماعة والتضحية من أجل الآخرين (عطا وآخرون، 2005: 42).
كما أشار الضو
(2013: 24) إلى أن الطلبة یجب أن یتعلموا التَّوافق مع
الآخرین، لا سيما خارج الأسرة بمعنى؛ أنه رغم حاجتهم إلى أن یكونوا محبوبین، وأن
یشعروا بالأمان العاطفي، فإنه یلزمهم أیضاً أن یتعلموا كیف یوفقون بین رغباتهم
ومطالبهم، وبین حقوق الآخرین ومطالبهم، فيتمثل دور المدرسة في أنها مسؤولة عن عملية التعلم، وعن تكوين
وتنمية الاتجاهات بما يتناسب وفلسفة المجتمع، فالمدرسة تساعد الناشئ على الاعتماد
على ذاته بدلاً من الاعتماد على غيره، وتنمي فيه روح الاستقلالية، ويتعلم في مدرسته
كيف يتعاون وكيف ينافس غيره في حدود الإطار الاجتماعي القائم، وكيف يأخذ ويعطي
وكيف يخدم الجماعة ويفيد منها. أي أن محور اهتمام المدرسة هو التعرُّف على الناشئة وفهم طبيعة سلوكهم، والعوامل المسببة أو المؤثرة في ذلك
السلوك، لكي يصبح بالإمكان استخدام وسائل وأساليب ملائمة في ضبط ذلك السلوك
وتوجيهه أو تعدليه، لكي تتلاءم شخصياتهم مع ظروف المجتمع الحاضر ومتطلبات المستقبل.
في نفس الصدد أشار الشاذلي( (135 :2001إلى المتطلبات التي يجب أن توفرها المدرسة لكي
تحقق التَّوافق الدراسي لطلبتها، وهي كما يلي:
1. أن يسود المدرسة جو من الديمقراطية وحرية
التعبير عن الرأي.
2. العمل على إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية للطلبة.
3. تزويد الطلبة بالخبرات الاجتماعية التي تمكنهم من الحياة
بسعادة وإيجابية.
4. مساعدة الطلبة على أن يضعوا لأنفسهم أهدافاً واقعيةً.
5. الاعتراف بالفروق الفردية بين الطلبة.
6. الاهتمام بالصحة النفسية للمعلم وتحقيق رضاه النفسي
واستقراره المهني.
7. جعل المدرسة مكانا محببا للطلبة يسوده النشاط والحركة.
8. الاهتمام بدراسة مشكلات الطلبة السلوكية ومعرفة دوافعها.
9. مرونة المناهج والبرامج وارتباطها بالحياة.
10. زيادة فرص النجاح وتقليل فرص الفشل، باختيار
أوجه النشاط التي تلائم قدرات الطلبة.
11. تشجيع طرق التدريس التي تقوم على التعلم والتقويم الذاتي.
12. تعديل اتجاهات الطلبة بما يساير الفلسفة التربوية للمدرسة.
فالمدرسة هي المؤسسة الرسمية التي تقوم بوظيفة
التربية وتوفير الظروف المناسبة للنمو النفسي للتلاميذ وتتأثر شخصية التلميذ
بالمنهج الدراسي حيث يزداد علماً وثقافةً وينمو جسمياً واجتماعياً وانفعالياً،
كذلك تتأثر شخصية التلميذ بشخصيات معلميه تقليداً وتوحداً، والعلاقات الاجتماعية
في المدرسة بين المدرس والتلاميذ وبين التلاميذ مع بعضهم بعضاً وبين المدرسة والأسرة، فالمدرسة لها
وظيفتان هما المحافظة على
التراث الثقافي ونقله بما يطرأ عليه من تعديلات ونمو، وتوفير الظروف المناسبة لنمو
الفرد جسمياً وعقلياً واجتماعياً وانفعالياً.
3.
الإرشاد المدرسي:
حدد زهران (2000: 26) أهداف الإرشاد المدرسي في
أربع فئات رئيسة هي: تحقيق الذات، تحقيق التَّوافق، تحقيق الصحة النفسية، تحسين
مستوى العملية التربوية. وتختلف أهداف الإرشاد المدرسي باختلاف مناهج الإرشاد
سواءً كانت نمائية أم وقائية أم علاجية.
بناءً على الأهداف العامة، فإنَّ أهداف الإرشاد
المدرسي تتضمن ما يأتي: (عطا وآخرون، 2005: 41-43)
1. مساعدة الطلبة على اكتشاف قدراتهم وإمكاناتهم
التي يتمتعون بها.
2. التعرُّفُ على ميولهم بشأن بعض التخصصات
والمواد الأكاديمية وكذلك الأنشطة والفعَّاليات اللامنهجية ومدى استعدادهم للقيام
بهذه الاعمال.
3. التعرُّف على اتجاهات الطلبة نحو المدرسة
والمعلمين والزملاء والطلاب والعملية التعليمية.
4. مساعدة الطلبة في التغلب على الصعوبات والمشكلات
الشخصية التي تواجههم كإقامة العلاقات البينشخصية أو مواجهة ضغوط الزملاء.
5. مساعدة الطلبة على الاستفادة من المصادر
والإمكانات المتاحة لهم سواء داخل المدرسة أو خارجها.
6. تقديم خدمات التوجيه والإرشاد المهني للطلاب عن
طريق توفير المعلومات والوسائل والأدوات كالنشرات والمقاييس المهنية أو الزيارة
للمؤسسات المجتمعية وتعريف الطلبة بالفرص التعليمية والوظيفية المستقبلية المتاحة.
7. إرشاد الطلبة إلى كيفية إشباع حاجاتهم بالطرق
والأساليب المقبولة بما يتوافق مع معايير وقيم وثقافة المجتمع.
8. مساعدة الطلبة على تطوير أساليب حياتية وانساق
ثقافية تؤكد الهوية.
انطلاقاً من الأهداف السابقة يبرز دور الإرشاد
النفسي المدرسي في تحقيق توافق الطلبة في دراستهم وفي جميع جوانب شخصيتهم، ومساعدتهم
في اكتشاف إمكاناتهم وقدراتهم واستعداداتهم، واختيار نوع الدراسة الملائمة لهم والتوافق معها،
والتغلب على الصعوبات التي تواجههم في حياتهم المدرسية بوجه عام، والإسهام في حل
مشكلاتهم أو إحالتهم لذوي الاختصاص. ويمكن تحديد أدوار المرشد المدرسي التي تسهم في تحقيق
التَّوافق الدراسي للطلبة كما يلي: (عطا
وآخرون، 2005: 113)
1. مساعدة الطلبة على التعامل مع مشكلاتهم النفسية
والاجتماعية والعاطفية والسلوكية.
2. تحديد الطلبة ذوي الحاجة لخدمات نفسية أو
اجتماعية عن طريق الاختبارات والمقاييس النفسية.
3. تحويل الحالات التي تحتاج إلى علاج نفسي إلى
المؤسسات المتخصصة.
4. مساعدة الطلبة على تحقيق أفضل النتائج
الأكاديمية.
5. تدعيم الشخصية السوية وبناؤها عند الطالب.
6. إرشاد الطلبة إلى تطوير قدراتهم وإمكانياتهم
ومهاراتهم وتحديد ميولهم والسعي للوصول إليها.
7. مساعدة الطلبة على تحديد أهدافهم المستقبلية
ووضع خطط للوصول لتلك الأهداف.
8. إرشاد الطلبة إلى الطرق الفضلى للتعامل مع
المشكلات ووضع الحلول لها.
9. تطوير المهارات والقدرات الاجتماعية والشخصية
عند الطلبة.
10. التعاون مع الإدارة والمدرسين والعاملين في
المدرسة لفهم الطلبة وحسن التعامل معهم.
11. القيام بعمليات الإرشاد الفردي والتوجيه
الجماعي لتنمية قدرات الطلبة وامكانياتهم، ومساعدتهم في تجاوز مشكلاتهم النفسية
والاجتماعية والتربوية والأكاديمية.
12. تقديم استشارة للأهل لفهم وضع أبنائهم وطرق
التعامل معهم، وكذلك للموظفين والمدرسين والإدارة المدرسية.
13. القيام بتنسيق الأنشطة التربوية داخل المؤسسة التعليمية
والمجتمع والربط بينهم.
أي أنَّ الإرشاد المدرسي مجموعة من الخدمات
التربوية والنفسية والأكاديمية والاجتماعية والمهنية التي تقدم للطلبة، من قبل
المرشد المدرسي، بهدف مساعدتهم على فهم أنفسهم وقدراتهم وإمكاناتهم الذاتية
والبيئية، واستغلالها في تحقيق أهدافهم، كما يقوم بالتعرُّف على الطلبة الذين يواجهون
مشكلات خاصة تؤثر على مستواهم الدراسي وتعيقهم عن مواصلة الدراسة، وذلك لحل هذه
المشكلات وتحسين مستواهم، حتى يتوفر لهم دواعي الأمن والاستقرار النفسي الذي يدفعه
إلى الاستمتاع بالدراسة والإقبال عليها. وبالتالي مساعدة الطلبة على اكتشاف إمكاناتهم وتطوير
قدراتهم وفهم ظروفهم النفسية والشخصية والأسرية والاجتماعية والثقافية والتعليمية
والتربوية من أجل الوصول إلى مستوى ملائم من التَّوافق الشخصي والاجتماعي.
كما يتأثر التَّوافق
الدراسي بالعديد من العوامل أهمها التَّوافق النفسي للفرد وقدرته على الاستقلال
النفسي في نهاية المراهقة وبداية الرشد، والشعور بالهوية كفرد له كيانه المستقل. والظروف الاقتصادية والمعيشية والمستوى الاقتصادي
والاجتماعي للأسرة فكلما ارتفع المستوى المادي والتعليمي للأسرة زاد ذلك في توافق
الطالب وانجازه التعليمي والعكس صحيح. وتهيئة الفرص اللازمة وإثارة الدافعية للتعلم
واكتشاف الطلبة لقدراتهم والتعرَّف على إمكانياتهم. وبثُّ روح المنافسة بين الطلبة
للتسابق في تحصيل المعلومة. وتشجيع الطلبة على العمل المشترك، وتعويدهم علي الحب
والتعاون والمشاركة الفعَّالة فيما بينهم استعداداً للمسؤوليات المستقبلية (الزهراني
،2005 :52 (.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق