الخميس، 24 يناير 2019

المناخ المدرسي


                                   المُنـــــاخ المـــــدرسي

                 مفهومه، أهميته، أنماطه، أبعاده، طرق تحديثه

 مقدمة 
    يُعد مفهوم المُناخ المدرسي من المفاهيم التي ظهرت حديثاً في الأدب التربوي والنفسي، ومن المفاهيم الواسعة التي تناولتها العلوم النفسية والاجتماعية التي تهتم بدراسة الإنسان وتفاعله مع البيئة، كعلم النفس التربوي وعلم النفس التعليمي وعلم النفس الاجتماعي وعلم النفس الإداري وعلم النفس الصناعي وعلم النفس الحربي وعلم الاجتماع التربوي، ويتضح ذلك من خلال تُعدُّد المصطلحات التي أشارت إليه، فقد استعمل مفهوم المُناخ المدرسي بعدة مترادفات منها البيئة المدرسية والحياة المدرسية والجو المدرسي والطابع المدرسي والاتجاه العام للمدرسة والمُناخ التنظيمي للمدرسة.
من هذا المنطلق أثبتت دراسة العصيمي (2010: 176) أنَّ الإدارة المدرسية كأحد مكونات المُناخ المدرسي تؤدي دوراً مهماً وفاعلاً في دعم الابتكار ورعايته لدى الطلبة، وإلى وجود ارتباط إيجابي وقوي بين اتجاهات الإدارة المدرسية ونمطها وممارساتها، وبين بروز قدرات الطلاب الابتكارية، حيث تقوم الإدارة المدرسية بالعديد من الأدوار والمهام الإدارية والتربوية داخل وخارج المدرسة، وبناءً على هذه الأدوار يتوقف بلوغ المدرسة لأهدافها المرسومة، ويرى حنورة (2003: 35) أنَّ الإدارة المدرسية هي البوصلة الحساسة التي يقع عليها عبء تصميم البرامج ووضع الخطط المناسبة لدعم الابتكار لدى الطلبة ورعايتهم، ولا يمكن تنفيذ هذه البرامج في أي مدرسة إلا من خلال جهاز إداري متفهم ولديه الرغبة للإنجاز والنجاح.
كما أصبح من الأهمية بمكان الاهتمام بالمعلمين العاملين الذين يتوقف أداؤهم بدرجة كبيرة على عوامل المُناخ المدرسي السائد في المدرسة، فإشباع حاجات المعلمين ورغباتهم، وتمكينهم من استغلال طاقاتهم وقدراتهم ومواهبهم، وزيادة المشاركة والتعاون والثقة المتبادلة القائمة على الصدق والحزم والمودة، يؤدي إلى القضاء على الصراع والتنازع بين المعلمين، ومن ثم إيجاد مُناخ مدرسي إيجابي يتسم بالعلاقات الإنسانية الجيدة والاتصالات النشطة (صباح، 2015: 4). فالمعلم كعنصر رئيس في المُناخ المدرسي مطالب مهنياً عن طريق تفاعله النشط مع طلابه بإظهار ما لديهم من مهارات إبداعية، وأن يفهم قدراتهم وأن يتعرَّف على حاجاتهم وميولهم وأن ينمي جوانب الإبداع لديهم (منسي، 1994: 30)، لذا يرتجى من المعلم أن يعلم ويربي ويرشد ويقوِّم، وأن يظهر مقدرته على تنمية ذاته وأن يشارك في تحديث المدرسة وجعلها أكثر تقبلاً للتغيير وتفاعلاً معه، تيسيراً للتعلم بالإضافة إلى تنمية الإبداع لدى الطلبة لتلبية احتياجاتهم الإبداعية.
في نفس الصدد أشارت دراسة آدمز  (12:2005)Adamsإلى أن الفصل المدرسي واليوم المدرسي هما أكثر الأماكن والأوقات ملاءمة لتنمية التفكير الابتكاري لدى الطلبة، بشرط أن تتاح الفرص لكي تنمو مواهبهم، وأن يؤثر المعلم إيجابياً في تنمية التفكير لدى طلابه، وأن تتوفر الأنشطة التربوية المناسبة. كما أشار شعيب (2013: 5) إلى أن المُناخ المدرسي الذي ينشئه مدير المدرسة، يساعد المعلمين وأولياء الأمور والطلبة أن يعملوا كفريق واحد، وبالتالي يؤدي إلى نجاح العملية التعليمية، انطلاقاً من المسلمة التي تقول، إن البيئة المدرسية الناجحة، هي مدرسة يريد فيها المعلم أن يعلم تلميذاً يريد أن يتعلم.
لذا  يرى الباحث أن المناخ المدرسي يمكن الإحساس به بمجـرد دخـول المدرسة، ولكل مدرسة مُناخها الدراسي الخاص بها، يختلف من حيث شدته وفعَّاليته وأثره على سلوك وانفعالات الفرد داخل المدرسة سواءً كان طالباً أم مدرساً أم إدارياً، وكلما تقـدم الطلبة في المرحلة الدراسية زادت إمكانياتهم لتكوين علاقات وصداقات فيما بينهم ومع العـاملين في المدرسة، كما نجد أن المُناخ المدرسي يرتبط بجميع مكونات وعناصر العملية التربوية والتعليمية من طلبة ومعلمين وإدارة مدرسية وأولياء أمور وجهات رسمية وأهلية ومنهج دراسي وأنشطة، فكل هذه المكونات تسهم بشكلٍ أو بآخر في تشكيل المُناخ داخل المدرسة وفي التأثير عليه.

مفهوم  المُناخ  المدرسي :

لتوضيح مفهوم المُناخ المدرسي، لا بد من التمييز بينه وبين الثقافة المدرسية كأحد المفاهيم المرتبطة به والتي تتفق معه في بعض الجزئيات وتختلف معه في جزئيات أخرى، والذي ساهم في الاهتمام بثقافة المدرسة تلك الدراسات التي بحثت في المُناخ المدرسي والبيئة المدرسية، وتتم دراسة ثقافة المدرسة من خلال تركيز الباحثين التربويين على القيم الثقافية، التي تدعم السلوك الفردي والجماعي داخل المدرسة، وكما يرى هندي(2011: 106) أن مفهوم المُناخ المدرسي مرتبط بمفهوم الثقافة المدرسية؛ والثقافة المدرسية تُعرَّف بأنَّها معتقدات وأنماط وخصائص الجماعة التي تقوم على تفاعلات وتصورات أعضائها ضمن المحيط المادي والمعنوي الذي يعيشون فيه. ولما كانت المدرسة مؤسسة اجتماعية وبيئة للعمل التربوي، فإنَّ لها ثقافتها الخاصة التي تُعرَف بالثقافة المدرسية school culture، فالثقافة المدرسية هي حياة المدرسة، وبمعنى آخر الثقافة المدرسية هي منظومة القيم والمعايير والمعتقدات والمبادئ والتوقعات والممارسات، التي تكونت في المدرسة نتيجة تفاعل مجتمع المدرسة من إدارة ومعلمين وطلاب مع بعضهم، وحلهم للمشكلات والتحديات التي تواجههم، وكما أنها تشكل نمط تفكير الناس ومشاعرهم وسلوكياتهم، وهذه التأثيرات تجعل البيئة الداخلية للمدرسة وحدة واحدة، بأهدافها وهيكلها ومناهجها ونظامها التعليمي وبرامجها وأنشطتها وأسلوبها وخصوصيتها (صادق والمعاضدي،2001: 30).
كما تتمثل الثقافة المدرسية في القيم الأساسية التي تتبناها المدرسة كمنظومة تربوية، وفي الفلسفة التي تحكم سياستها تجاه الأفراد العاملين والطلبة وأولياء الأمور، والطريقة التي يتم بها إنجاز الأعمال والمعتقدات التي يشترك فيها أعضاء المدرسة (الغريب وآخرون، 2005: 27)، ثم أضاف الغريب وآخرون(2005: 28) فروقاً بين الثقافة والمُناخ، فذكر أن الثقافة المدرسية من اختصاص علم الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع، بينما المُناخ المدرسي من اختصاصات علم النفس، ووسيلة الثقافة التحليل اللغوي أمَّا المُناخ فوسيلته البحث المسحي، والثقافة مجردة أما المُناخ فأكثر مادية، والاتجاهات المشتركة للثقافة الايديولوجيا بينما للمُناخ إدراكات السلوك.
لقد عكست الدراسات التي تناولت الثقافة المدرسية أهميتها في تحسين بيئة المدرسة من خلال العمل على إيجاد مُناخ جيدٍ يُشجِّع على إقامة العلاقات والتعاون بين أعضاء المدرسة وفق معايير واضحة وقواعد ثابتة تجسد لغة مشتركة وعملاً بروح الفريق الواحد، مما يفضي إلى هوية المدرسة والحفاظ عليها، وعليه فإن المُناخ المدرسي هو أحد عناصر الثقافة المدرسية وأحد محدداتها العديدة (هندي، 2011: 106)، ومع أن هناك تداخلاً وترابطاً بين المُناخ المدرسي والثقافة المدرسية، ووجود بعض الخصائص المشتركة بينهما، إلا أن المفهومين مختلفان، ولذلك من الخطأ اعتقاد العديد من التربويين بأنَّ الثقافة المدرسية والمُناخ المدرسي شيء واحد.
للتأكيد على الاختلاف بين المفهومين، أوضح هندي (2011: 106) عدداً من الفروق بين الثقافة المدرسية والمُناخ المدرسي، خلاصتها أن الثقافة تمثل شخصية المدرسة أما المُناخ فيمثل اتجاهها، والثقافة تحتاج إلى سنوات لتطويرها أما المُناخ فهو مرن وسهل التغيير، والثقافة قائمة على القيم والاعتقادات بينما المُناخ قائم على التصورات، وعند الدخول إلى المدرسة لا يمكن الشعور بالثقافة مباشرة بينما المُناخ نشعر به لأول وهلة، والثقافة تحدد إذا كان التحسين ممكنا ويعد المُناخ هو الخطوة الأولى للتحسين.
يرى الباحث أن المقصود بالمُناخ المدرسي في معناه الواسع ذلك الوسط المباشر والتأثيرات الاجتماعية والنفسية والثقافية والتعليمية التي يعيش فيها الطالب ويتأثر بها، وتتم دراسة المُناخ المدرسي من خلال معرفة وجهة نظر الطلبة والمعلمين نظراً لأنَّ وجهات نظرهم عن مدارسهم ومُناخها مهمة في تقديم إطار مرجعي من أجل فهم الأحداث ومجرياتها.
تعريف  المُناخ المدرسي:
التعريف اللُّغوي المُناخ كلمة مستحدثة في القاموس، فالمُناخ في اللغة مشتق من أناخ بالمكان؛ أي أقام به وحلَّ به ولزمه، وأناخ الجمل؛ أي أبركه، فالمُناخ يعنى مبرك الإبل ومحل الإقامة، يقال هذا مُناخ سوء أي مُناخ غير مُرضي، ومُناخ البلاد حالة جوها (أنيس وآخرون،1973)، وفي قاموس الرائد، كلمة مُناخ مشتقة من الفعل أناخ إناخةً وأصلها نوخ، ويقال أناخ البعير أي أبركه في المكان أو أقام به أو حل به (مسعود، 1981: 242).
التعريف  الاصطلاحيعرَّف عربيات (2007: 98) المُناخ المدرسي بأنَّه: تلك المُهمات المستهدفة والمخطط لها بموجب البناء التنظيمي للمدرسة وأنماط الإدارة المدرسية والصفية السائدة فيها، وإلى نوع الاتصالات وقيم العمل والعلاقات السائدة داخل الجو المدرسي، من مشاعر الأمن والرضا الوظيفي كما يحس بها ويتأثر بها المجتمع المدرسي، بما يحقق تعاون وتضامن وانتماء أفراد هذا المجتمع وإثارة دافعيتهم كي يعملوا بتناغم وفاعلية ورضا لتحقيق المقاصد التربوية، وعرَّف عدس (1996: 18) المُناخ المدرسي بأنَّه: الجو التعليمي الذي يسود البيئة المدرسية ومدى إحساس أفرادها بأهمية هذه البيئة لهم وشعورهم تجاهها وفكرتهم عنها.
كما عرَّف نواس (2002: 18) المُناخ المدرسي بأنَّه: مجموعة من الخصائص والسمات الثابتة نسبياً، والتي تُميز مدرسة عن أخرى والمكتسبة نتيجة للتفاعل الحادث بين مكوناتها المادية والبشرية، وتؤثر في سلوك الأفراد داخل المدرسة حسب إدراكهم لها.
لقد وجد الباحث اختلافات بين العلماء والباحثين في تعريفاتهم للمُناخ المدرسي، وسبب هذا الاختلاف أن المُناخ المدرسي يعتمد على الانطباعات ومن الصعب تعريفه بدقة، فيُنظر إليه على أنه مجموعة من السمات التي تصف مدرسة ما وتميزها عن غيرها وتؤثر على سلوك المعلمين والطلبة فيها؛ أي أنه مجموعة من الأحاسيس والمشاعر التي يشعر بها الطلبة والمعلمون تجاه المدرسة، ومن المعروف أن الأحاسيس والمشاعر تختلف باختلاف الأشخاص والأمزجة والانفعالات والأحداث وعوامل كثيرة تتأثر بها. ويعرف الباحث المُناخ المدرسي بأنَّه: نمط العلاقات والتفاعلات المتبادلة بين جميع الأفراد داخل المجتمع المدرسي، وطبيعة التجهيزات المادية المتوفرة.
 كما يُنظر إلى المُناخ المدرسي من جوانب متعددة، وهذا التعدد يعطي تصوراً كاملاً عن مفهوم المُناخ المدرسي، وسيتم توضيح هذه الجوانب كما يلي:
1.  الجانب  التنظيمي  الإداري  للمدرسة:
 عُرِّف المُناخ المدرسي بالنظر إلى الجانب التنظيمي الإداري للمدرسة كتعريف القريطي (2005: 487) للمُناخ المدرسي العام بأنَّه: الجو الذي يسود المدرسة كمؤسسة تربوية تعليمية، متضمناً الكيفية التي تدار بها، ويتم على أساسها اتخاذ القرارات وتنفيذها وتوزيع الأدوار والواجبات على العاملين فيها، وتنظيم سير العملية التعليمية وإدارة النشاطات وشبكة العلاقات والتفاعلات بين أعضاء المجموعة البشرية داخل المدرسة على اختلاف مستوياتها ووظائفها، فالمُناخ المدرسي باختصار هو المحصلة النهائية العامة المميزة لخصائص المدرسة، كما أشار بن لادن (2007: 201) إلى ان المُناخ المدرسي هو الكيان المدرسي الذي يضم جانبين متكاملين في منظومة واحدة، هما الجانب الأكاديمي العلمي والجانب الإداري التقني، وإن الحياة التفاعلية بين مكونات الجانبين داخل البيئة المدرسية هو ما يعرف بالمُناخ المدرسي.
في هذا الجانب يرى الباحث أن المُناخ المدرسي يتشكل كنتاج طبيعي للتنظيم الإداري في المدرسة، أي أن النمط الإداري السائد في المدرسة ينعكس تلقائياً على الجو العام داخل المدرسة.
2. الجانب  الاجتماعي   النفسي  في  المدرسة:
عُرِّف المُناخ المدرسي بالنظر إلى الجانب الاجتماعي النفسي في المدرسة، كتعريف الصافي (2012: 65) للمُناخ المدرسي بأنَّه: الجانب الاجتماعي النفسي السائد في المدرسة، من خلال العلاقات والتفاعلات بين الموجودين داخل المدرسة، والتي تتمثل في علاقة المدرس بالطالب ومدى الاهتمام الموجه للطلبة من قبل المدرسين، وعلاقة الطالب برفاقه في المجتمع المدرسي ومدى اهتمام الطالب وتقبله للمدرسة وحبه لها بوجه عام، والأهمية المعطاة من إدارة المدرسة تجاه الأنشطة المدرسية والعلاقات الاجتماعية بين الإدارة والمعلمين والطلاب.
يرى الباحث أن هذا التعريف يندرج تحت إطار النظرية الاجتماعية للتربية والتي ركزت على أهمية السياق الاجتماعي في العملية التعليمية والتربوية.
3.  كفاءة  وفاعلية  المدرسة :
عُرِّف المُناخ المدرسي من خلال النظر إلى كفاءة وفاعلية المدرسة كما أشار كمال (2012 :30) للمُناخ المدرسي بأنَّه: عناصر عديدة متفاعلة ومتداخلة تعليمية وإدارية وتنظيمية واجتماعية ونفسية وبقدر ما يتهيأ لهذه العناصر من عوامل الكفاءة والفاعلية بقدر ما تنهض المدرسة بأدوارها، فإمَّا أن تكون المدرسة بيئة جذابة لطلابها أو طاردة لهم، وإمَّا أن ترسخ فيهم دعائم الشخصية المستقلة وتنمي لديهم مهارات التفكير الابتكاري والناقد وإمَّا أن تبذر فيهم بذور التبعية والانقياد.
يرى الباحث أن هذا التعريف ينظر إلى المُناخ المدرسي كمحك لكفاءة وفاعلية المدرسة بمعنى النجاح في العملية التعليمية بكل مكوناتها.
4. شخصية  المدرسة  ونوعية  الحياة  داخلها :
يُنظر إلى المُناخ المدرسي على أنه تلك الشخصية التي تميز المدرسة من حيث نوع العلاقات السائدة بداخلها وطرق اتخاذ القرار، وتلك الشخصية تتمثل في مجموعة الخصائص التي تميز إحدى المدارس عن غيرها، والتي تؤثر في سلوك الأفراد وتكون نتيجة التفاعل بين مدير المدرسة والمعلمين والطلبة والعاملين بالمدرسة (عبدالخالق، 1993: 7). وعرَّف هالبن وكروفتHalpin  &  Croft (1966) المشار إليه في هندي (2011: 102) المُناخ المدرسي بأنَّه: شخصية المدرسة، فكما أنَّ لكل فرد شخصية مميزة فإنَّ لكلِّ مدرسة مُناخها الخاص بها، بمعنى أنَّ المُناخ هو الخصوصية التي تتميز بها المدرسة.
 كما يُنظر إلى المُناخ المدرسي بأنَّه: نوعية الحياة داخل المدرسة، الذي يوفر محيطاً صحياً للتعلم يغذي الطلبة وأولياء أمورهم ويدفع المعلمين إلى الإبداع ويوفر الإحساس بالسعادة وبيئة تعلم آمنة ومنفتحة ومهتمة ويمكن معرفته من خلال نظرة المعلمين والطلبة المتواجدين فيه Freiberg,1998: 11)ويُشبِّه بن دريدي (2009: 27) المُناخ المدرسي بنوعية الحياة والتواصل داخل المدرسة والذي يشبه الجو الذي تعم فيه العلاقات الاجتماعية والقيم والتوقعات المشتركة من أطراف الفاعلين في المدرسة. وأشار كمال (2012: 32) إلى أنَّ مفهوم المُناخ المدرسي قد يأخذ زوايا محددة كالمُناخ على مستوى الصف الدراسي، والذي يتحدد من خلال علاقات الطلبة مع بعضهم بعضاً وعلاقاتهم مع معلميهم، وأما المُناخ على مستوى المدرسة فيتحدد من خلال علاقات المعلمين مع بعضهم بعضاً ومع الإدارة، وهناك تفاعل بين مُناخ الصف ومُناخ المدرسة.
 يرى الباحث أن هذا المفهوم جسَّد المدرسة كإنسان له شخصية تميزه عن غيره من بني البشر، وبالتالي فإن لكل مدرسة خصوصيتها وطابعها المميز عن بقية المدارس، وباعتبار الشخصية تشمل جوانب متُعدُّدة فإنَّ هذه التعريفات شملت جوانب مختلفة كمكونات لشخصية المدرسة، كما بين أنَّ المدرسة بيئة اجتماعية يعيش فيها مجموعة من الأفراد بطابع معين من الحياة والعلاقات.
5. الإمكانات المادية  للمدرسة :
اعتبر المُناخ المدرسي بأنَّه مجموعة من المكونات المادية والاجتماعية والثقافية، كما أشار كمال(2012 :29) إلى المُناخ المدرسي بأنَّه: الانطباع والمزاج والشعور الذي يشعر به الشخص عندما يسير في ممرات المدرسة وعندما يجلس في الفصل أو عندما يقف في ملعب المدرسة ، وتعريف تاجوري )Tagiuri1988: 369) للمُناخ المدرسي بانه: مفاهيم عامة تتناول نوعية البيئة الداخلية للمدرسة، وتحتوي البيئة الداخلية على البعد الأيكولوجي وما يرتبط به من جوانب مادية، والبعد الاجتماعي المرتبط بخصائص الأفراد والجماعات، والبعد الثقافي المتعلق بالمبادئ والقيم والتركيبات الإدراكية والمعاني. فهذا المفهوم ركز على الجانب المادي والبنية التحتية للمدرسة.
بالرغم من الاختلافات في تعريفات المُناخ المدرسي الإيجابي، إلا أنَّها تشترك في السمات والعوامل الأساسية للمُناخ المدرسي وهي النمو الأكاديمي المستمر للطلبة، والاحترام المتبادل بين جميع العاملين في المدرسة، والثقة بإمكانات الآخرين في إنجاز الأعمال، والروح المعنوية العالية بين جميع العاملين في المدرسة، والتلاحم والشعور بالانتماء للمدرسة، ووجود الفرصة للمشاركة وإبداء الرأي عند اتخاذ القرارات، والنمو والتطوير والتجديد المدرسي المستمر، والاهتمام ومراعاة مصالح الآخرين.
كما اتضح للباحث من خلال التعريفات السابقة أنَّ المُناخ المدرسي يُنظر إليه من عدة اتجاهات وزوايا حسب اتجاهات الباحث وأهدافه وحسب المتغيرات التي يدرسها في بحثه، ويمكن تجميع التعريفات السابقة في إطار ثلاثة اتجاهات رئيسة هي:
1. النظام الاجتماعي: فالمُناخ المدرسي يهتم بالنظام داخل المدرسة، هل هو مغلق أم مفتوح.
2. الدور: يهتم المُناخ المدرسي بتحديد دور كل فرد والتفاعل الدينامي بين حاجات الفرد ومطالب الدور.
3. الطاعة: يهتم المُناخ المدرسي بعوامل الضبط داخل المدرسة، وما يمكن أن ينشأ عنه من صراع بين حاجات الفرد وأهداف المدرسة.
أهمية  المُناخ المدرسي :  لا شك أنَّ مُناخ المدرسة وأجواءها التعليمية، تمثل الصورة الإجمالية والعنوان الأبرز للمؤسسة التربوية، التي أنشأها المجتمع للعناية بأفراده وتطبيعهم وإكسابهم المواطنة الصالحة، على اعتبار أنَّ كل ما يكتسبه الطالب من مفاهيم وقوانين وقيم في المجتمع المدرسي سيكون له الدور الأكبر في تشكيل شخصيته، والتأثير على سلوكه وتصرفاته، ونمط تفكيره في المستقبل، لذلك تبرز أهمية المُناخ المدرسي من خلال تأثيره المباشر في قدرة المدرسة على إنجاح وتحقيق أهدافها المنشودة بكفاءة وفعَّالية، وذلك لما للمُناخ المدرسي الإيجابي من علاقة وطيدة بالمتغيرات التربوية المختلفة، من هذا المنطلق ذكر العتيبي(2007: 18) أنَّ المُناخ المدرسي هو أحد المتغيرات المستقلة والتي بدورها تحدد المتغيرات التابعة كإنتاجية للمدرسة مثل درجات تحصيل الطلبة في الامتحانات المقننة ونسبة غيابهم وتسربهم.
تتضح أهمية المُناخ المدرسي من خلال عدد من الجوانب النفسية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والإدارية، يمكن استعراضها كما يلي:
1. وقاية وعلاج  للمشكلات السلوكية  والانفعالية  والنفسية :
أشارت دراستا Kuperminc (1997Haynes (1998) المشار إليهما في سبتي (2013: 15)، إلى أنَّ المُناخ المدرسي الإيجابي يساعد على التقليل من المشكلات السلوكية لدى الطلبة، كما أنَّه عامل وقائي وحماية للطلبة ويقدم ظروف تعلم صحية تمنعهم من ارتكاب سلوك معادي للمجتمع، وأكَّدت دراسةMcEvoy, Welker (2000) المشار إليها أيضاً في سبتي (2013: 16) التي تناولت المُناخ المدرسي أن إيجابية العلاقات الإنسانية وإتاحة فرص التعلم الأمثل للطلبة في التنظيمات أو البيئات البشرية يساعد على زيادة التحصيل الدراسي والتقليل من السلوك المنحرف، كما أشار فريبيرج ( 2:1998) Freiberg إلى أنَّ توفر المُناخ المدرسي الإيجابي للطلبة مهم لتسهيل انتقالهم إلى مدرسة جديدة، وأنَّ أثر المُناخ المدرسي يؤدي دوراً كبيراً في توفر الجو الصحي الإيجابي للمدرسة، وأنَّ التفاعل بين عوامل المُناخ المدرسي والفصول الدراسية يخلق نسيجاً من الدعم يمكن كل الأفراد بالمدرسة من التعليم والتعلم بأعلى المستويات، ووجد أنَّ المُناخ المدرسي الإيجابي يعكس النتائج العلمية والنفسية للطلبة والعاملين بالمدرسة، وبالمثل المُناخ السلبي يمنع زيادة التحصيل الدراسي، وتكمن أهمية توفر مُناخ مدرسي ملائم وإيجابي للتلميذ من أجل إشباع حاجاته النفسية والاجتماعية والتعليمية، التي تكفل له الشعور بالتوافق، وبالتالي تمتعه بصحة نفسية جيدة تمكنه من التصدي للصراعات النفسية والتوترات التي قد يتعرض لها، ومنع ظهور المشكلات النفسية لديه (إيمان، 2014: 1). وقد قام Rudolf moos المشار إليه في العتيبي (2007: 19) بدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية على عينة قدرها (10,000) طالب من طلبة المدارس الثانوية موزعين في(500) فصل دراسي، وتوصَّل منها إلى خصائص الفصول الدراسية التي تساعد على التحصيل، والفصول التي تؤدي إلى القلق وإعاقة عملية التعلم، وبينت نتائج الدراسة بأنَّ نمو الطلبة وتطورهم يرتبط ارتباطاً شديداً بنوعية التفاعلات الإنسانية في المؤسسة التعليمية.
إذن فالمُناخ المدرسي عامل وقائي للطلبة من الوقوع في المشكلات المختلفة، وهذا له تأثير قوي على المعلمين والطلبة وعلى العلاقات الشخصية وعلى التقدم العلمي للطلبة وتقدم المدرسة.
2.  تحسين  وتطوير  أداء  العاملين:
وجد كل من  Taylor,Tashakkori(1995) المشار إليهما في(سبتي، 2013: 18) أنَّ المُناخ المدرسي الإيجابي يرتبط بزيادة الرضا الوظيفي للعاملين، وأنَّ له دورٌ في تنمية أداء المعلمين وزيادة التحصيل الدراسي للطلبة، ومتانة العلاقة بين المدير والمعلمين والطلبة وبقية العاملين بالمدرسة، وصحة المعلمين النفسية واتجاههم نحو المدرسة، وعلاقة المعلمين ببعضهم بعضاً، وتفاعل الطلبة مع المعلمين، وسيادة روح العمل الجماعي وصناعة القرار وزيادة الثقة واحترام الرأي وحرية التعبير عن الرأي بين العاملين وسيادة التلاحم والروح المعنوية والإبداع والاستقلالية والتكيف وكفاية حل المشكلات والعلاقات الإنسانية بين العاملين بالمدرس، فالمُناخ المدرسي الإيجابي يُكوِّن نسيجاً متماسكاً بين جميع العاملين، ويجعلهم يعملون بروح الفريق الواحد.
3. تجويد  وتحسين العملية  التعليمية:
يؤدي المُناخ المدرسي دوراً مهماً في العملية التعليمية من خلال التأثير على سلوك واتجاهات وتحصيل الطلبة، فقد بينت دراسة أجراها Howard & others(1987)  المشار إليها في العتيبي(2007: 20)على عينة عشوائية مكونة من (2226) مدرسة ابتدائية بولاية ميتشجن في الولايات المتحدة الأمريكية لمعرفة أثر كل من متوسط المكانة الاجتماعية، والتركيبة الاثنية للمدرسة، والمُناخ المدرسي على تحصيل الطلبة، وقد بينت نتائج الدراسة أن المكانة الاقتصادية والاجتماعية للطلبة والتركيبة الاثنية للمدرسة لها دور بسيط في الاختلافات بين المدارس في مستوى التحصيل، ويُعزى الجزء الأكبر من الفروق في التحصيل إلى النواحي الاجتماعية في البيئة المدرسية، وأشار الدردير(2004: 103) إلى أن المُناخ المدرسي الجيد، المتمثل في ثقة أعضاء المدرسة في بعضهم بعضاً، وانفتاح العلاقات الاجتماعية فيما بينهم، والنظام المدرسي الجيد والقيادة والتعاون داخل المدرسة، فضلاً عن توفر الوسائل والامكانات اللازمة، يُعد من أهم المتغيرات المؤثرة في التحصيل الدراسي للطلبة، لذا فإنَّ العلاقات الاجتماعية كأحد مكونات المُناخ المدرسي لها دور وتأثير كبير على تجويد العملية التعليمية في المدرسة، وانتقال الخبرة من فرد إلى آخر من خلال العلاقات الإيجابية.
تتبين أهمية المُناخ المدرسي كونه يسهم في تحسين أداء المعلمين ويشعرهم بالالتزام والثقة ويرفع الروح المعنوية لديهم، وله تأثير واضح على تحسين أداء الطاقم الإداري ورضاهم واتجاهاتهم الإيجابية ودافعيتهم نحو العمل، بالإضافة إلى أنه يدعم جميع العاملين بالمدرسة ويشعرهم بالأمن اجتماعياً وعاطفياً وجسدياً، وبروح المشاركة والاحترام والإسهام في العملية التعليمية، ويتيح للطلبة ولأسرهم وجميع الأفراد العاملين بالمدرسة فرص العمل معاً للمساهمة في تحقيق رؤية مشتركة، كما أنه يسهم في زيادة التحصيل الأكاديمي للطلبة، ويقلل من أثر المشكلات النفسية التي يواجهونها، من خلال فتح مجال الحوار والتدخل المبكر لتقديم المساعدة والدعم.

أنماط  المُناخ المدرسي: تتعدّد أنماط المُناخ المدرسي وأنواعه تبعاً لتعدُّد البيئات الاجتماعية والسياسية التي توجد فيها المدرسة، وتبعاً لمتغير النمط الإداري والاجتماعي السائد داخل المدرسة، ولذلك ظهرت عدد من التصنيفات والتقسيمات لأنماط المُناخ المدرسي وفقاً لارتباطها بعناصر أخرى من عناصر البيئة المدرسية، وقد أوضح العتيبي (2007: 16) أن المتغيرات التي يتضمنها المُناخ المدرسي كُلٌّ متكامل ولا يمكن فصلها، وحدد ثلاثة أبعاد متداخلة هي المسؤولة عن إنتاج السمات المميزة للمُناخ المدرسي وهي:

1. البعد الشخصي: يشمل الحاجات والقدرات والقيم التي تجعل الأفراد يسلكونها وفق أنماطهم الشخصية.
2. البعد الرسمي: يشمل السياسات والممارسات والمهام الوظيفية التي تجعل أعضاء المدرسة يسلكونها بما يحقق أهدافها.
3. البعد غير الرسمي: متعدد وينشأ عن الصراع المستمر أثناء محاولة التوفيق بين أهداف المدرسة وحاجات العاملين وسماتهم.
وتم التطرق إلى أبرز أنماط المُناخ المدرسي، وفقاً للأطراف الفاعلة في المدرسة، من إدارة ومعلمين وطلاب، بالإضافة إلى الجوانب المادية فيها، كما يأتي:
أولاً : أنماط المُناخ المدرسي وفقاً لأدوار مدير المدرسية :
حدد هالبن وكروفتCroft & Halpin  المشار إليه في إيمان (2014: 17) أربع خصائص تؤثر في المُناخ التنظيمي للمدارس من خلال سلوك المديرين وهي:
1. الشكلية: يشير إلى سلوك المدير الذي يتسم بالشكلية، دون الاهتمام بالعلاقات الشخصية والاجتماعية، فهو يطبق القوانين واللوائح تطبيقا حرفياً دون مراعاة الظروف المتغيرة، ويعمل على إيجاد مسافة بينه وبين المتعلمين والعاملين معه.
2. الإنتاجية: يشير إلى سلوك المدير الذي يوجه كل اهتمامه نحو إنجاز العمل، ومن ثم فهو دائم الاشراف والتوجيه للمعلمين، ولكن قنوات الاتصال بينه وبينهم تسير في اتجاه واحد، فلا يستفيد من آراء العاملين معه ومن أفكارهم.
3.  القدوة: يشير إلى سلوك المدير الذي يتصف بأنَّه موجه نحو إنجاز العمل لا عن طريق الإشراف والتوجيه المباشرين للمعلمين، وإنما عن طريق إعطاء المثل والقدوة بنفسه، ولا يطلب من المعلمين أكثر مما يعطي هو، وعلى الرغم من أن هدفه الأول هو إنجاز العمل فإن المعلمين يتقبلون سلوكه برضى وارتياح.
4.  النزعة الإنسانية: يشير إلى سلوك المدير الذي يتميز بالميل إلى أن يعامل المدرسين معاملة ودية وإنسانية، فهو يحاول أن يقدم خدمات شخصية تدل على اهتمامه الكبير بهم.
من خلال الخصائص السابقة، تم ربط نوعية المُناخ المدرسي بنوعية الإدارة المدرسية باعتبارها تتحكم وتوجه المُناخ بسلطة المدير، حسب توجهه ونمطه وأسلوبه الإداري، وقُسِّم المُناخ المدرسي على هذا الأساس إلى أربعة أنواع هي: (القريطي، 2005: 464)
1. المُناخ المدرسي الديمقراطي:
هذا النوع من المُناخ يستمد المدير صلاحياته وسلطته من الجماعة التربوية، ويوازي بين الاهتمام بتحقيق الأهداف وبين السماح بالمشاركة الفعَّالة للمعلمين والطلبة وأولياء أمورهم في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية مع تعزيز للعلاقات الإنسانية والاجتماعية. وتنعكس آثاره على المُناخ المدرسي بشكل عام من حيث الشعور بالاستقرار والراحة النفسية للطلبة والعاملين.
2.  المُناخ المدرسي السلطوي:
يستمد المدير سلطاته من نفوذه ومركزه الوظيفي القوي ويمارس الضغط على مرؤوسيه بالتلويح بالعقوبات عند كل خطأ في العمل وفرض الرأي وعدم السماح بالمشاركة الفعَّالة، كل هذا ينعكس على المُناخ المدرسي العام من تذمر للمعلمين وتدني الدافعية للعمل وفقدان الثقة وكثرة التأخر والغياب وانعدام الشعور بالإشباع النفسي والأمن، كما ينعكس على سلوك الطلبة وتحصيلهم الدراسي بصورة سلبية.
3. المُناخ المدرسي البيروقراطي:
 يتميز الأداء في هذا المُناخ حسب النظم والقواعد واللوائح وعدم الخروج عنها، ويتسم هذا النمط بالتصلب الفكري والجمود وعدم المرونة وعدم استخدام التفكير الإبداعي، كما يفتقر إلى العلاقات الاجتماعية ما ينعكس على المُناخ الدراسي فيتصف بالنمطية والركود والروتين وانعدام التطوير والإبداع.
4. المُناخ المدرسي التسيبي:
يتميز بإتاحة الحرية للعاملين دون تدخل من المدير وبالتالي ينعدم الضبط والتوجيه والتنسيق، كما يراعي المدير كسب رضا الجميع على حساب العمل المدرسي والأهداف التربوية، فينعكس على عمل الطلبة فتعم الفوضى ويكثر الغياب ويصعب على الإدارة ضبط الطلبة.
كما أشار إيمان (2014: 18) إلى ثلاثة أنماط للمُناخ المدرسي، بناءً على أدوار المدير التي تتم داخل المدرسة وهذه الأنماط هي:
1.  المُناخ السلطوي: يمتاز بمركزية اتخاذ القرارات وعلى العاملين بالمدرسة التنفيذ.
2.  المُناخ الحاضن: في هذا المُناخ تتكون علاقات جيدة بين العاملين داخل المدرسة بدلاً من علاقات العمل الرسمية.
3. المُناخ الإنجازي: في هذا المُناخ تتاح الفرصة لكافة المستويات الإدارية للمشاركة في تحديد الأهداف الواجب إنجازها واتخاذ القرارات بشأنها.
     يرى الباحث أن هذا النمط انطلق في تصنيفه من واقع الإدارة المدرسية المتمثلة بالخصائص الشخصية والمعرفية للمديرين واتجاهاتهم، وتأثير ذلك على سلوكهم الإداري وأساليبهم في التعامل مع المعلمين والطلبة وأولياء الأمور.
 ثانياً : أنماط المُناخ المدرسي وفقاً لأدوار المعلمين :
حدد هالبن وكروفتCroft & Halpin  المشار إليه في إيمان (2014: 17) أربع خصائص تؤثر في المُناخ التنظيمي للمدارس، وفقاً لسلوك المعلمين بالمدرسة وهي:
1. التباعد: يبين أن المعلمين في المدرسة لا يعملون سوياً كفريق متكامل وإنما كل منهم يعمل في اتجاه مختلف عن الآخرين.
2.الإعاقة: يوضح شعور المعلمين بأنَّ المدير يثقل كاهلهم بالأعمال الروتينية كمتطلبات اللجان وغيرها من الأعمال غير الضرورية، وبالتالي فهم يشعرون بأنَّ المدير يعيق عملهم بدلاً من تيسيره.
3. الانتماء: يشير إلى الروح المعنوية السائدة لدى المعلمين، فهم يشعرون بالرضا والانتماء للمؤسسة نتيجة لأنَّ حاجاتهم الاجتماعية مشبعة وفي نفس الوقت يحققون الإنجاز في العمل.
4. الألفة: يعني وجود علاقات طيبة بين المعلمين مما يؤدي إلى وجود إحساس بالرضا، نتيجة لإشباع الحاجات الاجتماعية وإن كان هذا الإحساس بالرضا لا يرتبط بالإنجاز في العمل.
من خلال الخصائص السابقة يُعد تصنيف هالبن وكروفت Halpin & Croft المشار إليه في العتيبي (2007: 40) من أوائل التصنيفات التي حددت أنماط المُناخ المدرسي في أوائل الستينيات من القرن العشرين حيث قام الباحثان بتطوير أداة لقياس المُناخ المدرسي من خلال وصف سلوك المديرين والمعلمين، وتوصل الباحثان إلى ستة أنماط للمُناخ المدرسي هي:
1.  المُناخ المدرسي المفتوحOpen School Climate :
يتسم هذا النمط بأنَّ المعلمين يعملون بروح الفريق الواحد وبروح معنوية مرتفعة، ولديهم القدرة في التغلب على الصعوبات، ويستمتعون بالعلاقات الودية والرضا الوظيفي، ويمتاز سلوك المدير بالقدوة والتصرف الحسن والتكيف مع دوره، ويظهر اهتماماً عالياً بالمعلمين من حيث مساعدتهم وإشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية، كما يتيح الفرصة لظهور قيادات جديدة ويسعى الجميع إلى تحقيق نمو المدرسة.
2.  المُناخ الاستقلاليIndependence Climate :
يتصف هذا النمط بأنَّ المدير يتيح للمعلمين الفرصة لتنظيم تفاعلهم ويضع لهم القوانين والإجراءات التي تساعدهم في عملهم دون الرجوع إليه، ومع ذلك يميل إلى التركيز على العمل، ويعمل المعلمون بروح الفريق الواحد وبروح معنوية مرتفعة.
3.  المُناخ الموجَّه Controlled Climate:
في هذا النمط يعمل المعلمون بجد وبروح معنوية متوسطة ولكنهم لا يجدون متسعاً من الوقت للعلاقات الودية فيما بينهم، ويركز المدير على إنجاز الأعمال بالطريقة التي يراها، ويتحكم في تحديد الأهداف والإجراءات، ويظهر اهتماماً قليلاً بالعلاقات الإنسانية، ولا يهتم بأحاسيس المعلمين، ولا يسعى لإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية لهم، كما لا يسمح بظهور قيادات جديدة.
4.  المُناخ الأسريFamilial Climate :
في هذا النمط يعمل المعلمون والمدير بحب وألفة دون إعاقة المعلمين بأعمال كثيرة ودون إجراءات لتوجيه جهودهم نحو الإنجاز فتكون الحاجات النفسية والاجتماعية مشبعة والألفة بين المعلمين متوفرة ومستوى الروح المعنوية والرضا الوظيفي متوسط ويعد المدير نفسه جزءاً من المجموعة ويضع قليلاً من القوانين التي توضح سير العمل ولا يركز على الإنتاج ومستوى الأداء.
5. المُناخ الأبوي Parental Climate:
يبدو التباعد واضحاً بين المعلمين، فينقسمون إلى جماعات وأحزاب تفتقد الألفة والعلاقات الودية، ما يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية نظراً لعدم الإنجاز وعدم إشباع الحاجات الاجتماعية، ويتصف سلوك المدير بالشكلية والتركيز على الإنتاج ومراقبة سلوك المعلمين وتوجيههم، وتبدو قدراته متوسطة في إنجاز العمل.
6. المُناخ المدرسي المغلق Closed School climate:
في هذا المُناخ تنخفض الروح المعنوية نظراً لعدم إشباع حاجات المعلمين الاجتماعية وحاجاتهم إلى الإنجاز، ويبدو أنَّ المعلمين متباعدون والألفة بينهم ضعيفة، ويتصف سلوك المدير بالشكلية في الأداء والتركيز على الإنتاج، وهذا يدفعه إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات والقوانين غير المرئية لمتابعة أداء المعلمين وتوجيه سلوكهم، ولا يمثل المدير قدوة، واهتمامه قليل بالعلاقات الإنسانية ولا يتيح الفرصة لظهور قيادات جديدة.
يرى الباحث أن هذا النمط ركز على أدوار المعلمين، واتجاهاتهم وأساليبهم المعرفية ونمط شخصياتهم وتأثيراتها على سلوكهم وطريقة تعاملهم مع بعضهم بعضاً، ومع طلبتهم ومع الإدارة المدرسية والمجتمع المحلي، وهذا التصنيف يشير إلى أنَّ المعلمين لهم الدور الأساس والعامل الأبرز في تشكيل المُناخ المدرسي.
ثالثاً : أنماط المُناخ المدرسي  وفقا ً لأدوار الطلبة:
قدَّم الصافي (2012: 65) تصنيفاً ثنائياً للمُناخ المدرسي هما: المُناخ المدرسي المفتوح والمُناخ المدرسي المغلق بناءً على الأدوار التي يقوم بها الطلبة في ظل هذا المُناخ أو ذاك ووضح خصائصهما كما يأتي:
1.  المُناخ المدرسي المفتوح:
 يتصف المُناخ المدرسي المفتوح بتلبية احتياجات الطلبة، وتحقيق توقعاتهم ما يؤدي إلى الإنجاز، لا سيما الأعمال الصعبة، ويتميز الطلبة ببراعة في تنظيم وتناول الأفكار وإنجازها بسرعة وبطريقة استقلالية ويتجنبون العلاقات الاعتمادية على الاخرين. ويميلون إلى مواجهة المشكلات والتصدي لحلها. كما يتميزون بمستوى طموح مرتفع ونظرتهم إلى الحياة فيها تفاؤل واعتماد على النفس.
2.  المُناخ المدرسي المغلق:
يتصف المُناخ المدرسي المغلق بالتأثير السلبي على دافعية الإنجاز ومستوى الطموح لدى الطلبة. ولا يحتوي على خبرات محببة إلى نفسية الطلبة. كما لا يقوم المعلمون بأدوارهم ولا يسعون إلى توفير الجو الملائم للعملية التعليمية. وينعدم جو المودة والتلاحم والتعاون والمشاركة الوجدانية. وعدم اتاحة الفرصة للطلبة لا بداء آرائهم واقتراحاتهم. وضَعف عملية الإرشاد النفسي وعدم مساعدة الطلبة على حل مشكلاتهم.
يتضح للباحث أن تصنيف الصافي ركَّز على الطلبة، حيث صنَّف المُناخ المدرسي إلى مغلق ومفتوح من واقع الطلبة وأدوارهم ومشاعرهم وأحاسيسهم واتجاهاتهم وأساليبهم التعلمية والعلاقات الإنسانية فيما بينهم. فالمُناخ المدرسي المفتوح إذا ساد في المدرسة فإن ذلك يؤثر في سلوك الإدارة المدرسية والمدرسين والطلبة وبقية العاملين وأولياء الأمور ويؤدي ذلك إلى تحقيق أهداف التعليم، وبالمثل إذا ساد المُناخ المغلق فإنَّه ينعكس سلباً على نوعية العلاقات البينية في المجتمع المدرسي ما يؤدي إلى عدم تحقق أهداف التعليم.
رابعاً : أنماط المُناخ المدرسي وفقاً لمكونات البيئة المدرسية:
صنَّف عويسات (2006: 122) المُناخ المدرسي بناءً على مكونات البيئة المدرسية إلى أربعة أنماط هي:
1.    البيئة الاجتماعية: تشمل العلاقات بين المعلمين والطلبة والعلاقات بين الطلبة مع بعضهم بعضاً.
2.    البيئة التنظيمية: تشمل علاقة المعلمين مع الإدارة المدرسية وعلاقة المعلمين مع التوجيه الفني وعلاقة المدرسة مع الأسرة.
3.    البيئة المادية: تشمل المبنى المدرسي وصالات الألعاب والحديقة والمكتبة والمختبرات وغيرها من المرافق.
4.    البيئة العامة: تمثل الجو العام والشعور بالانتماء إلى المدرسة والمنافسة فيها والتعاون والعمل.
تعزز هذا التصنيف بما توصل إليه هوي وفيلدمان1987) Hoy & Feldman) المشار إليه في سبتي (2013: 5) بعد تطبيق دراستهما على(87) مدرسة ثانوية في ولاية نيوجرسي بالولايات المتحدة الأمريكية حيث صنفوا المدارس إلى صنفين هما:
1.    المدارس الصحية:
في هذه المدارس يجمع مدير المدرسة بصفته قائداً تربوياً نشيطاً بين التركيز على العمل والنواحي الإنسانية، فيضع مستويات عالية للأداء ويساند المعلمين ويشعر المعلمين بالحماس للعمل والفخر بالانتماء للمدرسة، ويصنعون معايير عالية واقعية لإنجاز طلابهم، ويسود في المدرسة العلاقات الودية والقدرة على مواجهة ضغوط البيئة المحلية وأولياء أمور الطلبة.
2.    المدارس غير الصحية:
يتم التركيز على النواحي الأكاديمية ويسود التباعد والعزلة بين المعلمين الذين يكرهون أعمالهم وزملاءهم، ويعجز مدير المدرسة عن مساندة المعلمين أو إرشادهم، وتصبح المدرسة عرضة للضغوط الخارجية من جانب المجتمع المحلي وأولياء أمور الطلبة، ويشير هذا النوع من المدارس إلى المُناخ المدرسي الرديء الذي يتصف بالتباعد وانخفاض الروح المعنوية وكراهية الطلاب للمدرسة وضعف الصلة بين البيت والمدرسة.
في نفس هذا النمط توصل لينونبرج  Lunenburgالمشار إليه في العتيبي (2007: 45) إلى تصنيف ثنائي من خلال دراسة طبقها على عينة مكونة من ألف معلم تم اختيارهم من (53) مدرسة أساسية، إلى أنَّ الاتجاهات الإنسانية تنتشر في المدارس ذات المُناخ المفتوح بينما الاتجاهات الحارسة تنتشر في المدارس ذات المُناخ المغلق، وقد وضح خصائص هذين النمطين  كما يلي:
1.    المدراس الإنسانية:
تتوفر فيها بيئة تعليمية يسودها التفاعل الإيجابي والتعاون بين المعلمين والطلبة، وتهتم بالنواحي النفسية والاجتماعية في العملية التعليمية، وتتصف بالديمقراطية والتي يكون فيه الاتصال مفتوحا بين الطلبة والمعلمين.
2.    المدارس الحارسة:
 يتصف مُناخها بالقسوة والانضباط والمحافظة على النظام، وعلى الطلبة قبول قرارات المعلمين دون مناقشة، ولا يحاول المعلمون فهم سلوك الطلبة، ويسيطر على جو هذا النمط من المدارس عدم الثقة والتشاؤم.
في نفس النمط وبناءً على مكونات البيئة المدرسية أشار عرفة (2002: 200) إلى تصنيف السيد(1997) الذي قسم المُناخ المدرسي إلى أربعة أنماط هي: المُناخ التنظيمي، المُناخ التربوي، المُناخ الاجتماعي، المُناخ الصفي. ويرى الباحث أن هذا النمط انطلق من اعتبار أن مكونات البيئة المدرسية لا سيما المكونات المادية والاجتماعية لها تأثير على طبيعة العلاقات الاجتماعية وعلى جميع مكونات العملية التعليمية في المدرسة. 

أبعادُ المُناخ المدرسي : 

المُناخ المدرسي يرتبط بجميع جوانب البيئة المدرسية المتمثلة بشخصية المدير والتأهيل الأكاديمي للمعلمين، والتفاعل الإيجابي بين المعلمين من ناحية وبينهم وبين المدير من ناحية أخرى، والخطط الاستراتيجية للارتقاء بالمدرسة وفق المعايير الدولية للاعتماد والجودة المدرسية، وحالة الطلاب في تفاعلهم مع بعضهم بعضاً من ناحية ومع معلميهم وقيادة المدرسة من ناحية أخرى، والمناهج الدراسية والتقييم التربوي، وحالة الأبنية والمتطلبات الأساسية لتفعيل المدرسة، والأنشطة التربوية وما تسهم به في تنمية شخصية الطلبة، والتواصل الفعَّال مع أولياء الأمور والمجتمع الخارجي، وتخريج الطالب كما يتمناه أفراد المجتمع.

في هذا الصدد ذكر هندي (2011: 107) أنَّ مكونات المُناخ المدرسي هي: الأمان والثقة والانسجام مع القواعد المتبعة والتوقعات العالية للتحصيل، والبيئة الإنسانية القائمة على الألفة والاحترام، والعلاقات السائدة بين الطلبة والمعلمين والإدارة المدرسية. وتم تحديد متغيرات المُناخ المدرسي بالاحترام والثقة والهمَّة العالية والمشاركة والنمو الأكاديمي والاجتماعي المستمرين والانتماء والتماسك وتحديث المدرسة (الابراهيم، عبدالحميد، 59:1995)، ومن العوامل المكونة للمُناخ المدرسي: دافعية الإنجاز، والاعتدال، والنظام والانتظام، ومشاركة الوالدين، ومشاركة الموارد، وعلاقات الطلبة الشخصية وعلاقات الطلبة بالمعلمين، ويتشكل المُناخ المدرسي من عدة مجالات أو أبعاد أو مكونات بناءً على سلوك كل من: المدير، والمعلمين والطلبة (صادق والمعاضدي،2001: 35).
كما صنف تاجيوري  Tagiuri(369:1988) متغيرات المُناخ المدرسي في ثلاثة أبعاد هي:
1.    البعد البيئي: يتضمن الجوانب المادية للمدرسة مثل حجم المدرسة وعمر المبنى ومرافق المدرسة.
2.    البعد الاجتماعي: يتضمن خصائص الأفراد داخل التنظيم المدرسي كما يتضمن النمط السائد للعلاقات بين الأفراد والمجموعات داخل المدرسة وخارجها.
3.    البعد الثقافي: يتضمن القيم والمعاني والمبادئ والبناء الادراكي في المدرسة.
إذن فالمُناخ المدرسي يتشكل من مجموعة من الأبعاد والمكونات الرئيسة، يطلق عليها عناصر المُناخ المدرسي، وهي مجالات مختلفة تمثل في مجموعها الجوّ العام داخل المدرسة، سيتم توضيحها بالتفصيل كما يلي:
أولاً : العلاقات الإنسانية داخل المجتمع المدرسي:
يتكون المجتمع المدرسي من مجموعة من العناصر، وهم الفريق الإداري ويرأسهم المدير ثم المعلمون والطلبة، وهدفهم العام أن يثمر تعاونهم في توفير الجو التربوي والتعليمي الذي تتحقق من خلاله الأهداف التربوية والتعليمية المنشودة، وهذا يتطلب بناء نوع من العلاقات الإنسانية الفعَّالة بين أفراد المجتمع المدرسي.
لقد أشار العتيبي (2007: 22) إلى أنَّ أغلب دراسات المُناخ المؤسسي في المدرسة تركز على العلاقات الاجتماعية وخاصة علاقة المدير بالمعلمين وعلاقة المعلمين بزملائهم وبطلابهم وعلاقة المدرسة بالمجتمع المحلي، وأن النواحي المادية بالمدرسة ومستوى النظام والرضا والإنتاج وكيفية تفاعل الطلبة والمعلمين والإدارة والبيئة المحلية مع بعضهم بعضاً، تُعدُّ أهم المتغيرات التي تحدد الاتجاهات السائدة أو الجو العام أو المُناخ المدرسي. وتهدف العلاقات الإنسانية في المجتمع المدرسي إلى تحقيق التفاعل الاجتماعي القائم على الاحترام والثقة وتقدير الآخرين والتعبير عن الذات والشعور بالأمن والطمأنينة، كما تهدف إلى تحقيق التعاون بين العاملين في المدرسة، وإلى تحفيز الأفراد على العمل لتحقيق أهداف المدرسة في جو من الحماس الهادف، كما تهدف إلى إشباع حاجات الأفراد النفسية والاجتماعية ومساعدتهم على التكيف مع الجو المدرسي (عزيزة، 2010: 168).
في هذا الصدد قام هوي وفيلدمان Feldman & Hoy (1987) المذكور في العتيبي (2007: 46) بدراسة عن العلاقات بين مدير المدرسة والمعلم والطالب مع بعضهم بعضاً، وأعدوا استبانة تحوي(44) عنصراً لقياس سبعة أبعاد هي: استقلالية المؤسسة، تأثير المدير، المبادرة، التركيز على الإنتاج، الموارد والامكانيات، التركيز على الجوانب الأكاديمية، التركيز على العلاقات الإنسانية، وأطلق على الاستبانة بقائمة الصحة المدرسية، وترى عزيزة (2010: 168) أنَّ العلاقات تُعد أحد مجالات المُناخ المدرسي، وتقاس من خلال درجة التزام التلاميذ، والانخراط في الجو المدرسي، ودرجة دعم الأساتذة للتلاميذ.
يتميز هذا البعد في تكوين علاقات إنسانية بين جميع الأطراف، بداية من المدير إلى المشرف والمعلمين والطلاب وغيرهم، وهذا في حالة القناعة بأنَّ الجو المدرسي مبني على الإيمان بقيمة الفرد والجماعة والعيش بانسجام وبوجود النية الصادقة والتفاعل البناء، وبالتالي لا بُدَّ من أسس ومبادئ تقوم عليها العلاقات الإنسانية ويتجلى هذا البعد في العلاقات التالية:
1.  علاقة الطلبة مع بعضهم بعضاً:  يرى الخولي (2011: 12) أنَّ العلاقات بين الطلبة تتحدد بمدى التجانس والخلفيات الاجتماعية والثقافية وأساليب التربية المتبعة في تربيتهم، فقد تتسم هذه العلاقة بالسلبية نتيجة سوء معاملة الطلبة لبعضهم بعضاً فيصابون بالإحباط وكراهية المدرسة، فالتلميذ حين يلتحق بالمدرسة أو ينتقل من صف دراسي إلى آخر أو حين يتحول من مرحلة تعليمية إلى أخرى يواجه متطلبات تعليمية واجتماعية جديدة، إما أن يتكيف معها وإلا فإنه سيواجه مشكلات تحتاج إلى مساعدة.
فالتفاعل بين الطلبة له أثر بالغ في إنشاء علاقات اجتماعية وصداقات مبنية على الاحترام والمودة والنمو الاجتماعي، فالتفاعل الإيجابي يتيح للطلبة فرص تعلم السلوكيات الاجتماعية المناسبة مثل التعاون ومهارة التواصل ويعزز الاندماج في الجماعة، وبالتالي تحقيق الذات وتشكيل الصداقات داخل المجتمع المدرسي.
2.  علاقة الطلبة بالإدارة المدرسية: تتحدد العلاقة وفق نمط الإدارة المدرسية إذا كانت ديموقراطية أو غير ديموقراطية، فالنمط الأول يحقق أهداف العملية التعليمية ويحقق توافق الطلبة فيلتزمون في سلوكياتهم بالانضباط وطاعة واحترام لوائح العمل المدرسي، بينما النمط الثاني متشدد، ينعكس تأثيره سلباً على سلوكيات الطلبة ويعيق التزامهم بقوانين العمل المدرسي، وبالتالي يؤثر على توافقهم الدراسي (الخولي،2011: 11).
فالإدارة المدرسية الناجحة هي التي تعتني بالبرامج المدرسية التي تقدمها للطلبة، كما أن الاهتمام بتطبيق القوانين والتعليمات بعدل على الطلبة يشعرهم بالأمن والطمأنينة، ويجدون متعة في المدرسة وغرفة الصف، وتؤدي الإدارة المدرسية دوراً إيجابياً في التقليل من المشكلات الصفية.
 3.  علاقة الطلبة بالمعلمين: تتحدد العلاقة بين الطلبة والمعلمين، بمدى قيام المعلم بدوره في توعية وإرشاد طلابه وتميزه بالدفء والمودة ومراعاة الفروق الفردية بينهم، وفي الأساليب التي يتبعها في التدريس بما يحقق نجاحهم الدراسي ويقلل من شعورهم بالخوف والفشل، والمعلم هو أكثر الأشخاص مقدرة على إيجاد وتوفير المُناخ المدرسي الملائم لرفع مستويات الدافعية والطموح لدى الطلبة ومساعدتهم في اكتساب المهارات المناسبة واللازمة لحل المشكلات (الصافي، 2012: 63)، ويرى العتيبي (2007: 59) أن الطالب هو اللبنة الأساسية في العملية التربوية والتعليمية وإليه توجه كل الجهود من أجل تربيته وتعليمه وإعداده للحياة، وبالتالي يجب على المعلم أن يولي طلبته كل عناية واهتمام وأن يبني معهم علاقات إنسانية طيبة أساسها العاطفة التي تشعر الطالب أن المعلم بمنزلة والده فيقبل على تلقي التوجيهات بقلب واعٍ وذهنٍ منفتح.
لذلك فالمعلم قائداً في وظيفته التعليمية بالمدرسة، والقائد الرشيد هو الذي يتفاعل مع أفراد جماعته تفاعلاً إيجابياً، يؤدي إلى تنمية قدراتهم وتجديد طاقاتهم وتحقيق أهدافهم، ويعتبر القدوة الحسنة والمثل الأعلى بالنسبة للطلبة، الأمر الذي يجعل هذه العلاقة علاقة احترام وتقدير متبادل، ومن ثم فإن تعاطف المدرسين مع الطلاب وتفهم مشكلاتهم والمساهمة في حلها، يعزز ثقة الطلبة بهم ويجعلهم أكثر نجاحاً في أداء وظيفتهم.
4.  العلاقة بين القائمين على العملية التربوية داخل المدرسة: العملية التربوية عملية جماعية يشترك فيها كل أعضاء المدرسة ولكل عضو دور مميز لا يقل أهميةً عن دور الأفراد الآخرين وتكمل هذه الأدوار بعضها بعضاً وتتساند لتحقيق أسرة واحدة، وأن الاختلاف بين القائمين على العملية التربوية داخل المدرسة في المؤهلات والتخصصات والدرجات العلمية يجب استثماره في مصلحة المدرسة وطلابها والمجتمع المحيط.
يرى الخولي (2011: 13) أنَّ العمل المشترك والتعاون بين مختلف الموظفين في المدرسة في ظل احترام كل موظف لمهنته واحترامه لمهنة غيره واحترام كل عامل بالمدرسة مهما كان مستواه التعليمي أو الاقتصادي واحترام كافة الطلبة، من شأنه أن يعزز الصحة النفسية لكل عامل وبالتالي تزداد إنتاجية المدرسة ويرتفع مستوى التحصيل العلمي للطلبة، وأنَّ المدرسة الناجحة هي التي يكون المدرسون فيها على وفاق تام، ومن أبلغ الآفات التربوية وأشدها ضرراً الخلافات التي تحدث بين المدرسين فهي تترك آثاراً سلبية على الطلبة، وأن المدرسة التي تضم هذا النوع من المعلمين في طريقها إلى الانحراف عن الخط التربوي السليم.
كما يرى العتيبي (2007: 26) أنَّ المُناخ المدرسي الجيد يرتبط بإدراك المعلمين لثقة المدير بهم من حيث التعاون معهم واحترامهم كأشخاص متخصصين كما يشركهم في اتخاذ القرارات، وعلى العكس من ذلك نجد أن المُناخ المدرسي السيء يكون فيه الاتصال معدوماً كما تنعدم فيه العلاقات الطيبة بين الإدارة والمعلمين ويتصف سلوك المدير بالشكلية في الأداء والالتزام بالقوانين واللوائح في تعامله مع المعلمين، كما تتوقف جودة المُناخ المدرسي وفاعليته على شكل وطبيعة سلوك المعلمين وتفاعلاتهم وعلاقاتهم الرسمية وغير الرسمية، لأنَّ هذه العلاقات تنعكس على سلوك واتجاهات الطلبة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لاسيما أن للمعلمين دوراً قيادياً في إكساب الطلبة المعلومات والمفاهيم والخبرات التربوية، فالمعلمون هم القدوة الحسنة والمثل الأعلى لطلبتهم، وهذا يتطلب من المعلمين أن يتحلوا بالأخلاق الحسنة وأن تتسم علاقاتهم بالود والتعاون والمشاركة والاحترام.
لذلك فإن الجو الاجتماعي في المدرسة يرتبط تحقيقه بدرجة كبيرة بمقومات العملية التربوية ومدى تفاعلها بصفة عامة وبنمط القيادة المدرسية بصفة خاصة، حيث إنَّ القيادة المدرسية بيدها زمام الأمور وهي قادرة على التأثير والتوجيه بحكم سلطتها على المدرسين والطلبة، وأنَّ نجاح العمل الجماعي التربوي داخل المدرسة يتوقف على درجة نجاح العلاقة القائمة بين المدرسين والإدارة المدرسية والاخصائيين النفسيين والاجتماعيين وعلى مرونتها وتفاعلها ودرجة الاحترام التي يحظى بها كل عامل في المدرسة.
ثانياً: البعد المادي: يقصد بالبعد المادي تلك الظروف التي توفرها المدرسة لكافة الأفراد العاملين فيها ولطلبتها. وقد أكدت توصيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم على أهمية أن تتوفر في المبنى التعليمي مختلف متطلبات العملية التربوية والتعليمية، وأن يكون ذا مواصفات وجودة عالية، وأن تكون مرافقه ملبية لحاجات الطلبة بحسب جنسهم ومستوياتهم التعليمية، وأن يكون قابلاً للتوسع وفقاً لحاجات المستقبل ويراعي أوضاع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة (إيمان، 2014، 24).
في هذا الصدد تؤكد معايير الجودة الشاملة أن صفات البيئة  المادية للمدرسة يجب أن تكون مرنة بحيث تنسجم والظروف المحلية لكل مجتمع من جهة، وكذلك مع التطورات الجارية على الصعيد التربوي من جهة ثانية، وأن تتمتع بقيمة دائمة تمثل الحد الأدنى الذي لا يجوز أن يتغير مع مرور الزمن مثل المرافق الصحية ذات الكفاءة العالية من حيث الإضاءة والتهوية وغيرها، ويكون البناء مؤمناً ضد السقوط بسبب الرياح القوية أو الهزات الأرضية، وقيمة أخرى مؤقتة مرتبطة بالعملية التربوية وتطورها فمحتوى التربية وطرائقها يتطور بشكل مستمر ليتماشى مع متطلبات العصر الحديث (معلولي، 2010: 106).
يحتوي البعد المادي للمدرسة على الإمكانات المادية والتجهيزات العينية والبنية التحتية المتكاملة، وتم توضيحها كما يلي:
1.     الموقعأن يكون الموقع بعيداً عن الضوضاء والمحال العامة والصناعية والتجارية والأماكن الخطرة كمحطات البترول التي تؤثر على الرسالة التربوية. وأن يكون في مكان مناسب سهل الوصول إليه وتبعد مداخله عن خطوط المواصلات السريعة (المجلس الأعلى للتعليم في قطر).
إذن يجب أن يتصف موقع المدرسة بعدد من المعايير والمواصفات أهمها أن يكون بعيداً عن الشوارع الرئيسة لتوفير الهدوء اللازم لتركيز الطلاب وتجنب حوادث السير، وأن يكون بعيداً عن مسببات التلوث ومصادره كالمصانع والنفايات والكيماويات، وسهولة الوصول إليه بمختلف وسائل المواصلات، وأن يكون قريباً من الخدمات العامة كالماء والكهرباء وشبكة الصرف الصحي وأن تكون أرضية المدرسة واسعة للمبنى والمرافق.
2.    المبانييشكل المبنى المدرسي أهمية كبيرة كجزء من المُناخ المدرسي، ويجب أن يتمتع بمساحة واسعة من الأرض وفي مكان آمن وبعيداً عن الضوضاء بحيث يشعر أفراد المؤسسة التعليمية بالأمان، وأن يتصف بالتهوية الكافية والإضاءة المناسبة، وأن تتوزع الأقسام في عدد من المباني لتسهيل عمل الإدارة المدرسية وتوفير الهدوء للدراسة، ووضع المعامل والمكتبة وسط المباني لضمان سهولة تنقل الطلبة. وأن تتوافر فيه المواقف اللازمة والحافلات المدرسية وأن يكون بعيداً عن كل ما يعرض سلامة الطلاب للخطر، وأن تتوفر بالمبنى مواقف آمنة تحقق سهولة حركة السيارات والباصات وتتناسب مساحتها مع إعداد الطلاب بالمدرسة (المجلس الأعلى للتعليم في قطر).
لذا يجب أن تكون مواصفات المبنى المدرسي تبعث على الأمن والراحة للطلبة والطاقم الإداري والتربوي وتتوافق مع المعايير الصحية من أجل تحقيق السلامة الجسدية والنفسية. ولا شك أن مباني بعض المدارس يشكل عائقاً أمام ضبط الطلبة حيث يسهل عليهم الهروب من المدرسة في أي وقت من الأوقات ما يجعل الإدارة عاجزة عن تحقيق الأمن لطلبتها.
3.    الحجرات الدراسية: يجب مراعاة الظروف الصحية داخل الحجرة الدراسية كالتهوية المناسبة والإضاءة وتوفير مكان ملائم للسبورة ومكتب للمعلم وطاولات للطلبة مع احترام المسافة البينية للسماح بالانسيابية الكافية لحركة الطلبة والمعلم في الفصل، كما يجب تجهيز الحجرة الدراسية بالإمكانات المختلفة لتشغيل الأجهزة والوسائل التعليمية المختلفة. ويعد الحجم الأمثل للفصول الدراسية بالنسبة لعملية التعلم مشكلة قائمة في العديد من المدارس. فقد وجد جلاس وزملاؤه Glass ((1986 في إيمان ( 2014: 79) أنَّ زيادة عدد الطلبة في الفصول الدراسية أدى إلى تناقص السلوك التعاوني وزيادة العدوان، وأدَّى إلى زيادة التنافس على المصادر الموجودة كالمقاعد والمواد التعليمية وانتباه المعلم، وأنَّ زيادة حجم حجرة الدراسة يقلل من الكثافة، وأنَّ الفصول الأصغر تؤدي إلى بيئات تعليمية أفضل بكل المقاييس.
أمَّا المواصفات التي يجب أن تتوفر في الغُرف الصفِّية لكي يشعر المـتعلم بالراحـة والطمأنينة، فهي كما يلي: ) الزيود،1989 : 53)
‌أ.     أن لا تكون مزدحمة بالأشياء التي لا ضرورة لها.
‌ب.  التوزيع المناسب للأثاث والتجهيزات والأدوات بمـا يتناسـب مـع طبيعـة الأنشطة والخبرات التعليمية التي ستتم بها، وبشكل يسمح بحرية الطلبة وسهولة المحافظة على نظافتها.
‌ج.   كفاية التهوية والإضاءة بشكل هادئ وفي خطوط أفقية ورأسية.
‌د.    التوزيع الجيد للمثيرات، من رسوم ووسائل توضيحية أو خرائط، حتى لا يشتت انتباه الطلبة.
‌ه.   توفر شروط السمع الجيد وبعد الفصول عن أماكن الضوضاء.
‌و.    توفر الهواء النقي الخالي من الغبار.
‌ز.   توفر درجة حرارة مناسبة صيفاً وشتاءً.
‌ح.   حجمُ المقاعد مناسبة لعمر الطلبة، وكذلك ترتيب هذه المقاعد.
‌ط.   حجمُ الغرفة المناسب للطلبة الذي يسهل حركة الطالب داخل الفصل.
‌ي.   عدد مناسب من الطلبة حتى يسهل ضبط الصف والسيطرة على الطلاب.
4.    الفناء المدرسي: يحدث كثير من التعلم غير الرسمي للمهارات الاجتماعية واللعب البناء في أفنية المدرسة وملاعبها التي يقضي فيها الطلبة الوقت غير المخصص للدراسة، والملاحظ عند تطوير المدارس يتم إغفال الأفنية المدرسية والمساحات الخضراء، لذا يجب مراعاة الجانب الجمالي في بناء الملاعب وأفنية المدرسة بحيث تتكون من فراغات مختلفة ومتنوعة ترتبط بممرات واضحة منظمة لتيسير كل أنواع التفاعل اللفظية والبصرية والحركية مع مراعاة المساحة اللازمة لتتيح انسيابية حركة الطلبة وعدم التكدس في مكان واحد.
في هذا الصدد أشارت إيمان (2014: 26) إلى أنَّ المباني التي تفتقر إلى الجودة والمعايير اللازمة لعملية التعليم والتعلم من شأنها التأثير على الصحة العامة للطلبة وكذا المعلم، وبالتالي قد يعيق عملية النمو السليم واكتساب المعرفة والمهارات اللازمة وتعيق مسار عملية التعلم، لذا يجبُ الأخذ بعين الاعتبار ملاءمة المبنى المدرسي للحاجات النفسية للطلبة على وجه الخصوص لكي يسهم في تطوير عملية التعلم وزيادة التحصيل الدراسي.
5.    الأجهزة  والوسائل التعليمية: تمثل الأجهزة والأدوات عنصراً هاماً ومؤثراً في فعَّالية المُناخ المدرسي ومدى توافق الطلبة والمعلمين والإدارة مع العمل، ولا شك أن المدرسة التي يتوافر فيها كل الإمكانيات والتجهيزات والخدمات اللازمة تكون أكثر فاعلية من المدرسة التي تفتقر لكل هذه العناصر المُهمَّة.
كما أشار العتيبي (2007: 60) إلى أن إمكانات المدرسة وتجهيزاتها تشكل عاملاً مهماً من عوامل البيئة الطبيعية المادية للمدرسة التي تؤثر سلباً أو إيجاباً على العملية التعليمية، فمدى كفاءة وصلاحية هذه الإمكانات والتجهيزات لاستيعاب عمليات التعلم والتعليم يعد أمراً حاسماً لنجاح العملية التربوية والتعليمية أو فشلها، كما أن وجود المبنى المدرسي واحتوائه على كافة الإمكانات من حيث التصميم المناسب والتجهيزات الكاملة من الأدوات والأثاث وجميع المرافق المطلوبة للمدرسة تمثل كلها عوامل مهمة تساعد على نجاح العملية التربوية والتعليمية .


في هذا الشأن توصلت دراسة لوكاس وجونا ميرفي (2007) في كمال (2012: 50) التي بحثت في تصورات طالب المدرسة المتوسطة لمُناخ المدرسة وفحص الوظائف الوقائية لمعالجة سوء التوافق حيث تطرقت الدراسة إلى أربع سمات لمُناخ المدرسة هي العنف والتماسك والمنافسة بين الطلاب والرضا بالمُناخ الصفي، وكانت النتائج أن تصورات الطلاب للمُناخ المدرسي لم تتفاعل مع السيطرة لتوقع أعراض اكتئابيه، وأن المستويات المنخفضة من السيطرة تتنبأ بالرضا بالمُناخ الصفي عند الإناث دون الذكور وأن أعلى مستويات العنف تتنبأ بأعراض الاكتئاب.

المُناخ  الابتكاري المدرسي  تؤدي البيئة دوراً كبيراً في تشجيع الأفراد على التفكير الابتكاري أو تعطيله، فهناك تفاعل بين البيئة والفرد، وهذا يؤكد مسؤولية الظروف البيئية المحيطة سواءً كانت ظروف عامة ترتبط بالثقافة المجتمعية، التي تهيئ الفرص للفرد لممارسة التفكير الابتكاري، أو ظروف خاصة ترتبط بالمُناخ المدرسي والأسري، فالمدرسة والأسرة التي توفر لأبنائها قدراً أكبر من الاستقلالية والحرية لاستكشاف البيئة، تساعد على التفكير الابتكاري.

كما تُعدُّ المدرسة من أهم الجماعات الأولية التي يكتسب من خلالها الأفراد خبراتهم واتجاهاتهم الأولية وطريقة تفاعلهم مع المجتمع المحيط، وإشباع حاجاتهم واهتماماتهم وميولهم وتنمية استعداداتهم وقدراتهم وتعزيز سماتهم الشخصية المرغوبة التي تقود إلى ابتكاراتهم، فالمُناخ المعزز للابتكار يحتوي على العوامل الموقفية المختلفة، من اتجاهات وتنشئة وتدريب وتنمية السمات والدوافع الشخصية التي يمكن أن تؤثر في السلوك أو الأداء الابتكاري، وهناك بيئات تكون أكثر حفزاً للابتكار وبيئات أخرى تؤدي إلى إخماد الطاقة الابتكارية(الحيزان، 2002: 26)، ولا يمكن تصور السلوك الابتكاري للأفراد على أنه نتاج لقدرات عقلية معرفية بحتة أو مزيج من القدرات المعرفية والسمات الشخصية فحسب، فالسلوك الابتكاري للأفراد لا يتم في فراغ اجتماعي، وبالتالي لا يمكن أن نغفل المُناخ النفسي الاجتماعي الذي يحيط بهم في مراحل أعمارهم المختلفة والذي من شأنه أن ييسر ظهور ابتكاراتهم أو يعمل على كبحها وخمودها (الرشيد، 2013: 210). وقد ازداد اهتمام الباحثين بدراسة البيئات الإيجابية التي ينشأ في ظلها الأفراد، لأنَّ القدرات لا يمكن تفسيرها من خلال العوامل الوراثية فقط، فالسياق الاجتماعي والثقافي المتمثل في المدرسة وأساليب التنشئة فيها له دور فاعل في إشراق هذه القدرات ونموها (إيمان، 2015: 255).
لذا فإن تحسين المُناخ المدرسي هو وظيفة أساسية لكل مؤسسة تربوية بهدف إيجاد بيئة ملائمة لجميع أفراد الطاقم التربوي، وبالتالي مساعدة المعلمين على القيام بأدوارهم التربوية والتعليمية بكفاءة عالية، وكذلك تمكين الطلبة للاستفادة من المعلمين والمناهج والأنشطة استفادة كبيرة ومثمرة، ولا شك أن الابتكار كغيره من القدرات ينمو ويتطور عندما تقوم المؤسسات المعنية بالتنشئة بأعمال مقصودة وهادفة إلى رعايته وتنميته، وتحظى المدرسة بدور فاعل ومؤثر من خلال الإمكانات المتاحة فيها كالمناهج والتعليم الموجه والكوادر التربوية المؤهلة.
- خصائص المُناخ  الابتكاري المدرسي: توصلت جمعية رابطة التنمية وتطوير المربين CARDE المذكور في سبتي (2013: 7) إلى أن المدارس ذات الأعداد الكبيرة من الطلبة الناجحين تتميز بفلسفة واضحة للمدرسة تدعم وتعضد نجاح الطلبة، وثقة واحترام وتواصل متبادل بين كل من الطلبة والمعلمين وبين الطلبة مع بعضهم بعضاً، وقيادة نابعة من الأفراد أنفسهم لديها مهارات قيادية، ومشاركة واسعة في اتخاذ القرار.
في هذا الصدد ذكر فريبيرج Freiberg (1998: 41) أنَّ من أشكال المُناخ المدرسي الثقة والاحترام والالتزام المتبادل والحرص على رفاهية الآخر وهذه لها تأثير قوي على المعلمين والطلبة والعلاقات الشخصيَّة، وعلى التقدم العلمي للطلبة وتقدُّم المدرسة، وما يتعلَّمه الطلبة عن أنفسهم في المدرسة من خلال التفاعل بينهم وبين المعلِّمين وبين بقيَّة زملائهم مُهِمٌّ مثلما يتعلَّمون الحقائق العلمية. وتُعدُّ تنمية دوافع وسمات الشخصية الابتكارية إحدى الممارسات الأساسية للمُناخ المدرسي الابتكاري، حيث أشار ماكنن Mackinnon المشار إليه في عبد النبي (1988: 85) من خلال دراسته التي أجراها على(124) مهندساً معمارياً، والتي قسمت العينة فيها إلى ثلاث مجموعات حسب درجاتهم الابتكارية، تميز المجموعة الأولى ذات القدرة الابتكارية العالية بعدد من الخصائص أهمها خاصية الدافع للإنجاز واستثارة بيئاتهم لهذا الدافع وتنميته.
وأشار عويس (1993 :45) إلى عوامل نجاح المدرسة في تهيئة المُناخ الابتكاري لطلبتها بما يلي:
1.    إشباع حاجات الطلبة النفسية والاجتماعية، ومنها الحاجة إلى الحب، والحاجة إلى الانتماء إلى الجماعة والاعتزاز بها.
2.    تشجيع الطلبة على القيام بالنشاطات الجماعية والألعاب الجماعية.
3.    تنمية الحس بالجماعة ليس عن طريق الوعظ والإرشاد بل عن طريق خلق جـو مـن المحبة والألفة والتعاطف والتعاون.
4.    تنمية الإحساس بمشاعر الآخرين واحترامها.
5.    تشجيع الطلبة على تحمل المسؤولية وتدريبهم على القيام بأدوار القيادة.
6.    تقدير اهتمامات الطلبة وميولهم واحترام مشاعرهم.
لذا فإن دور المدرسة مهم جداً، وأنَّ البيئة التعليمية لا بد أن تكون مشجعة للابتكار سواءً للموهوبين أم للعاديين، لأنَّ الطلبة يقضون جزءً كبيراً من وقت اليقظة داخل المدرسة، كما أن الابتكار هو أكثر القدرات الإنسانية حاجة إلى بيئة داعمة تعمل على تنشيط العوامل الميسرة للابتكار والتخلص من العوامل التي تعيق الإبداع الإنساني، ويُعدُّ النظام المفتوح من أهم ملامح المُناخ المدرسي الابتكاري الذي يتسم بدرجة عالية من المرونة، والذي تزدهر فيه حرية الاستكشاف لأنَّه غير مقيد بقوانين معينة.
- دور المعلمين في تهيئة المُناخ الابتكاري المدرسي: تُعدُّ اتجاهات التنشئة لدى المعلمين من العوامل المُهمَّة والمحددة لخصائص المُناخ الابتكاري المدرسي، ومن أساليب التنشئة الاجتماعية التي يتبعها المعلمون لتنمية القدرات الابتكارية للطلبة؛ تقبل الطلبة وإشاعة المساواة بينهم وتشجيعهم وإتاحة حرية الاستكشاف والتعرض للمثيرات الثقافية والاجتماعية وتجنب تطبيعهم على مسايرة معايير الراشدين أو الانصياع لتوقعات الكبار أو تخويفهم واستخدام العقاب البدني (عبد النبي، 1988: 132)، لذلك يجب أن يقوم المعلم بالعديد من الأدوار لتهيئة المُناخ الابتكاري، كقائد ومرشد وقائم بالأسئلة ومستمع ونموذج وقدوة ومخطط ومستثير للدوافع وباحث ومصدر للمعلومات.
أشار جابر(1982: 72) إلى أن هناك اتجاهات تنشئة يتبناها المعلمون تُعدُّ ذات أثر واضح في تنمية الابتكار وتحقيقه لدى الطلبة كإشاعة الحب والتقبل والتقدير والأمن النفسي والاجتماعي وإتاحة الظروف الطبيعية للنمو وإتاحة حرية التجريب وحرية التعبير عن شخصياتهم. ويرى منسي (1994: 31) أن أهم اتجاهات المعلمين التي تساعد على تنمية القدرة الابتكارية لدى طلابهم في مراحل الدراسة المختلفة والمتتابعة، هي تشجيع الطلبة على إلقاء الأسئلة، والتعبير عن الأفكار الجديدة، واحترام اسئلتهم وأفكارهم، وهذا الاتجاه يشير إلى إدراكهم لأنواع الفجوات في المعلومات القائمة أو إلى ما لديهم من طاقات متجددة وقدرات على الدهشة والحيرة إزاء ما يدركون من مواقف بنظرة جديدة.
كما قدم الشرقاوي (1994: 42) عدداً من الممارسات التي تسمح بتحسين المُناخ المدرسي لتحقيق وتنمية الابتكار لدى الطلبة وهي: الاهتمام بالمناقشات الجماعية داخل الفصل، والاعتماد على التعلم الذاتي في العملية التعليمية، والاهتمام بالمختبرات العلمية المتخصصة، والسماح بالمزيد من التلقائية داخل الفصل من قبل المعلم، وتشجيع الطلبة على طرح الأسئلة، وإتاحة الفرصة لهم لممارسة النقد البناء، ومكافأة الاستجابات والنواتج الجديدة التي تضيف إلى محتوى المقررات، والتوازن بين الأسئلة المقالية والموضوعية.
بالإضافة إلى ما سبق صنَّف النهار، محافظة (1996: 16) أدوار المعلمين وسلوكياتهم داخل الصف والتي تؤثر في قدرات الطلبة العقلية وسماتهم الشخصية وتحصيلهم الدراسي كما يلي:
1.    إثارة التساؤلات: هو سلوك لفظي يستخدمه المعلم لتحقيق أهداف معرفية ومهارات فكرية وبخاصة طرح الأسئلة التي تتطلب تفكيراً تشعبياً.
2.    التنظيم: هي طريقة المعلم التي يدير بها المصادر والمواقف الصفية، وكيفية توظيفها في تنمية مهارات التفكير وحل المشكلات لدى الطلاب.
3.    الاستجابة: هي ردود أفعال وأقوال المعلم على أسئلة الطلبة والتي تُعدُّ الأكثر تأثيراً في تحديد سلوك الطلبة، والتي تؤثر في تضييق أو توسيع نشاطهم العقلي، وفي تحديد مستوى الثقة والتقبل والمبادرة والانفتاح على الخبرة لديهم، وتجعلهم يشعرون بالأمان داخل الصف.
4.    النمذجة: هي تصرف المعلم بانسجام مع الأهداف وذلك بتعزيز إدراك الطلبة للقيم والأهداف التي يضعها المعلم والمدرسة، وإضفاء الاتساق معها في الأقوال والأفعال.
كما ذكر عبد العزيـز(2007: 298) مجموعة من الأدوار التي يجب أن يمارسها المعلم لتنمية قدرات التفكير الابتكاري لدى طلبته وهي:
1.    إعطاء جميع الطلبة فرصة للتحدث بصوت مرتفع عمَّا لديهم من أفكار لاسيما الذين يبدو عليهم مظاهر الانطواء والخجل.
2.    ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أفكار المفكرين الجيدين والأقل جودة.
3.     تشجيع الطلبة على الحوار والنقاش الحر وتقديم الآراء الخاصة. وإرجاء الحكم على إجابات الطلبة.
4.    تهيئة بيئة تعاونية داخل الصف؛ لضمان نجاح التمارين والتدريبات والنشاطات الصفية.
5.     تقديم التغذية الراجعة لكل متعلم بعد انتهاء التمارين.
6.     توجيه الطلبة سريعي الإجابة إلى إيجاد أفكار جديدة، ومقارنتها مع مـا تم إنتاجه من أفكار.
7.     إعطاء الطلبة تمارين ذات إجابات متعددة لتوسيع مداركهم.
8.     تقديم أمثلة تطبيقية لقـدرات التفكير وبيان الفائدة المتوخاة منها مثـل: الاسـتمتاع بهـا، والتدرب على اتخاذ القرارات وحل المشكلات.
لذا ينبغي على المعلم أن يكون ملماً بخصائص التفكير الابتكاري وقدراته المتنوعـة، وأن يستخدم طرق وأساليب التدريس الحديثة التي تشجع على تنمية التفكير الابتكاري لدى الطلبة، لأنَّ وجود المعلم المؤهل والفعَّال يمثل أهم عوامل تهيئة المُناخ الابتكاري المدرسي المرغوب فيه.
-  دور الإدارة المدرسية في تهيئة المُناخ الابتكاري: يتطلب من مدير المدرسة في العصر الحديث جهداً إضـافياً، كـي يتخـذ لإدارته المدرسية مسارات خلاَّقة مبدعة، من خلال التخطيط للأهداف ووضـعها، أو تحديـد الإجراءات المناسبة للتنفيذ والمتابعة، ويكون ذلك من خلال المشـاركة والمناقشـة واللقـاءات المتنوعة والمختلفة داخل المدرسة وخارجها، كل هذا يهدف إلى تحقيق أهداف المؤسسة التربوية التي يرأسها، وتفويض الصلاحيات للعاملين معه في المدرسة ليشاركوه في المسؤولية، والقيـام بأعباء المدرسة، والإشراف عليها، كي يكون هناك التزام بتنفيذ هذه الأهداف.
لا شك أنَّ المدارس بحاجة إلى البرامج الرامية إلى تعزيز الدافع الذي يحرك نحو الإبداع، وإلى المُناخ الملائم الذي ينبت فيه الإبداع بوصفهما شرطين أساسيين في بروز القدرات الإبداعية وتنميتها وهما من الأدوار الإدارية للإدارة المدرسية (العصيمي، 2010: 189). أي أن الإدارة المدرسية الفاعلة هي التي تحفز على التفكير الابتكاري لدى طلبتها، والتي تسهم في إيجاد البيئة الابتكارية بالمدرسة، وفي شيوع العلاقات الإيجابية بين أطراف العملية التعليمية. ولتعزيز دور الدافع نحو الابتكار اقترح حسن (2003: 47) أن تشكل الإدارة المدرسية فرق عمل من الطلاب المتجانسين في الميول، وحثهم على المشاركة والممارسة العملية في ورش العمل والمشاريع والأنشطة غير الصفية، ويقترح لذلك الإجراءات الآتية:
1.    ربطُ الأنشطة المدرسية بالمجتمع كالنوادي العلمية والمتاحف والمكتبات العامة.
2.    إجراء المسابقات في الاختراع سواءً داخل المدرسة أو فيما بين المدارس.
3.    طرحُ أفكار الطلبة الجديدة مع ذكر أسمائهم في المجلة والإذاعة المدرسية.
4.    إقامة رحلات علمية تلبي ميول المبدعين واهتماماتهم وتشبع احتياجاتهم.
5.    إشراك المبدعين في الحلقات الدراسية والندوات التي يقدمها المختصون والخبراء.
6.    قيام الطلاب أنفسهم بإعداد دورات ثقافية ومشروعات ابتكارية وانشطة حرة.
في هذا الصدد يرى القذافي (2000 :236) أن على إدارة المدرسة توفير الوسائل والمواد والتقنيات التعليمية الحديثة المعينة على تعلم الطلبة، وأن تقدم التشجيع والدعم المادي والمعنوي لهم، وأن تحثهم على إبراز المواهب والقدرات الإبداعية التي يتميزون بها، إضافة إلى تفعيل دور الإرشاد الطلابي في زيادة تفاعل الطلاب مع البرامج المقدمة لهم، وفي زيادة تعاون الأسرة والمجتمع المحيط بالمدرسة من أجل دعم برامجها. وترى أبو ظريفة (2006: 236) أن على الإدارة المدرسية أن تهيئ المكان الذي يتعلم فيه الطلبة بحيث يكون صحياً ولائقاً، وأن توفر جميع الوسائل التعليمية الممكنة مثل المكتبة والمختبرات وأجهزة الحاسوب وربطها بالإنترنت، وتخصيص صالات لعرض الإنجازات، وأن يشارك في اختيارها وإعدادها الطلبة والمعلمون، وذلك حتى تكون متلائمة مع احتياجات المبتكرين، ومناسبة لتحقيق أهداف المدرسة في دعم الابتكار ورعايته.
اقترح أبو سماحة وآخرون ( 1992: 130) عدداً من السلوكيات التي يجب على مدير المدرسة القيام بها للارتقاء بالتفكير الابتكاري لدى الطلبة وهي:
1.    إشعار المعلمين بأنَّه يقدر الابتكار والتعلم الذاتي والأنشطة الابتكارية.
2.    أن يقوي صلته بطلاب المدرسة ويجعل من نفسه موجهاً ومرشداً لهم وقريباً منهم.
3.    الاستفادة من الاجتماعات مع المعلمين لتقويم الآراء والوصول إلى أفكار جديدة.
4.    توفير مُناخ خالٍ من القيود وبيئة مدرسية تعزز الابتكار لدى الطلاب.
5.    تسهيل الاتصال مع سائر المعلمين في المدارس الأخرى المهتمين بالابتكار.
6.    إعادة النظر باستمرار حول المفاهيم والخطط والممارسات المعمول بها في المدرسة، وأن يكون مستعداً لتقبل الآراء المخالفة لرأيه سواءً من المعلمين أو من الطلاب.
7.    ألا يثقل كاهل المعلمين بالعديد من الأعمال الإضافية، ويعمل على تخفيف حدة التوتر الناشئ أثناء سير العمل والسماح لهم بالمشاركة في اتخاذ القرار.
ثم أورد عاشور (1999: 27) بعض الأدوار التي ينبغي على إدارة المدرسة والمعلمين القيام بها لدعم التفكير الابتكاري لدى طلاب المدرسة أهمها:
1.    تهيئةُ المُناخ النفسي والاجتماعي والصحي بالمدرسة والذي يعزز الرعاية السليمة.
2.    مساعدة الطلاب ليصنعوا لأنفسهم أهدافا تتفق وميولهم وقدراتهم واستعداداتهم.
3.    توجيه ميول واستعدادات الطلبة للتخصصات والأعمال الملائمة لهم.
4.    استخدام إشراف تعاوني من خلال إيجاد جو من الثقة يدفع إلى مزيد من الابتكار والإبداع.
5.    تقويم النشاطات التعليمية وتحسينها وذلك بمتابعة تخطيط الدروس وترتيب الاستراتيجيات التدريسية واختيار المواد التعليمية وتوجيهها نحو دعم الابتكار لدى الطلاب.
6.    تنسيق عناصر المناهج بمراقبة أوجه العلاقة بين سلوك المعلمين والأهداف التربوية المحددة، وقياس قدرات الطلبة ومناقشة مستوى صعوبة المهمات التعليمية، واستغلال الموارد المتاحة بالمدرسة والبيئة المحيطة وتوجيهها نحو تعزيز التفكير الابتكاري لدى الطلبة.
7.    مناقشة المعلمين بأساليب التدريس الابتكاري، وتبني الاستراتيجيات التي تسهم في تنمية قدرات التفكير الابتكاري للطلبة، وكيفية تضمينها في المقررات التدريسية.
بينما يرى حنورة (2003: 43) أن الإدارة المدرسية الفعَّالة يجب أن تعتمد على الأسلوب اللامركزي في الإدارة، وإتاحة مبدأ المشاركة للمعلمين والطلاب وأولياء الأمور وتشجيع الإبداع ومكافأة المبدعين، وتأمين دعم الآباء لجهود المدرسة في رعاية الابتكار. وأورد الدردير(2006: 334) خصائص البيئة المدرسية الداعمة للابتكار والتي يجب على الإدارة المدرسية تهيئتها من خلال أدوارها العملية في المدرسة وهي:
1.    تهيئة المُناخ المدرسي الذي يحترم التنوع في الأفكار ويتقبل الآراء ويعمق حرية التعبير والمشاركة والعمل بروح الفريق واحترام رأي الأغلبية.
2.    وضع أهداف مدرسية واضحة ومحددة في دعم الابتكار ورعايته لدى الطلبة، مع توفير فرص المشاركة للمعلمين والطلاب وأولياء الأمور في وضعها وتحقيقها.
3.    توفير مصادر تعلم متنوعة في المدرسة بحيث توفر بيئة إيجابية وغنية لإثارة دافعية الطلبة وتفعيل قدراتهم الابتكارية.
4.    تفعيل العلاقات والمجالس المدرسية التي يجب أن يمثل فيها المعلمون والطلبة وأولياء الأمور والمجتمع المحلي بشكل كبير، وأن تسودها العلاقات الإيجابية الداعمة للدافعية.
5.    المُناخ الصفي يجب أن يكون مثيراً للتفكير بوسائله وتحضيراته وطرقه وأساليب تدريسه ونمط السلطة فيه وأن يتمركز النشاط فيه حول الطالب.
6.    أساليب التقويم يجب أن تبتعد عن طرق القياس التقليدية، وأن تركز على تقييم قدرات ومهارات الطلبة وسلوكياتهم.
أمَّا سبتي (2013: 10) فقد ذكر أن المربين وأولياء أمور الطلبة لهم خيارات متعددة في تعزيز المُناخ المدرسي وتحسين الخبرة الشاملة للطلبة، ومن المقترحات: زيادة اهتمام الآباء والمجتمع المحلي بتحسين المُناخ المدرسي، وتطبيق النُّظم التعليمية وتعزيز القيم الأخلاقية للطلبة. وحذف مفاهيم العنف والصراع من المناهج الدراسية. والتعليم بواسطة الزملاء أو الأقران. ومنعُ أعمال البلطجة أو العنف المدرسي. وتعامُل مدير المدرسة والمعلمين مع الطلبة برفق واحترام بالتساوي ودون تفريق بين الطلبة. وتوفير البيئة الآمنة للعاملين والطلبة بالمدرسة. وتبني برامج لتنمية احترام الذات في نفوس الطلاب ورسم الملامح الشخصية لهم.
إذن فالمُناخ المدرسي يُعد ركيزةً أساسيةً في العملية التعليمية والتربوية، وأن الاهتمام به من قبل الجهات الرسمية بالتهيئة والتحسين والتطوير سيسهم بلا شك في تطوير العملية التعليمية والارتقاء بها، ذلك أن رفع معنويات المعلمين والطاقم الإداري بالمدرسة، وإعادة الاعتبار لهم ولدورهم الريادي في المجتمع، بالإضافة إلى تجهيز المباني الواسعة والوسائل التعليمية الحديثة، والمناهج الدراسية المتطورة، كل هذا من شأنه أن يُكوِّن اتجاهات إيجابية لدى أفراد المجتمع والجهات الرسمية نحو دعم التعليم وتوفير متطلباته، كما يؤدي إلى انسجام الطلبة مع الجو المدرسي وإقبالهم على التعلم وبذل الجهد في التحصيل العلمي ومن ثم ستظهر كثير من القدرات الابتكارية والإبداعية.


1. الخولي، محمود سعيد إبراهيم (2011). المُناخ المدرسي وعلاقته بمستوى ومظاهر العنف لدى طلاب المرحلة الثانوية، كلية التربية، جامعة الزقازيق، القاهرة.

2. شعيب، علي محمود (2013). المناخ المدرسي كما يدركه المعلمون والمعلمات ببرامج التربية الخاصة بمدينة نجران، مجلة رسالة التربية وعلم النفس، جامعة الملك سعود، الرياض.

3. صادق، حصة محمد والمعاضدي، فاطمة يونس(2001). أنماط المُناخ المدرسي السائدة فـي مدارس التعليم العام بدولة قطر وعلاقتها ببعض المتغيرات، مجلة مركز البحـوث التربويـة، جامعة قطر، 10(20 .59-27

4. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (2012). المُناخ المدرسي وعلاقته بدافعية الإنجاز ومستوى الطموح لدى عينة من طلاب وطالبات المرحلة الثانوية بمدينة أبها، مجلة رسالة الخليج العربي، كلية التربية، جامعة الملك خالد 79، 61-90، الرياض.

5. صباح، عايش (2015). واقع المُناخ المدرسي السائد بالمؤسسات التربوية وعلاقته ببعض المتغيرات، مجلة نقد وتنوير، جامعة وهران، الجزائر.

6. سبتي، عباس (2013). دراسة أثر المُناخ المدرسي في تفعيل دور الإدارة المدرسية، مجلة المعلم الكويتية، 5، 7-23، الكويت.

7. عبد القادر، أشرف أحمد(1992). دراسة المُناخ المدرسي في المرحلة الثانوية وعلاقته بأسلوب التفكير الابتكاري، رابطة التربية الحديثة، كلية التربية، جامعة المنصورة، مصر.

8. العمري، عائشة بنت علي بن حميد (2013). المُناخ المدرسي وعلاقته بنمطي التفكير الإيجابي والسلبي لدى طالبات المرحلة الثانوية بمدينة الرياض، (رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية التربية، جامعة الملك سعود، الرياض.

9. عويسات، مجدي)2006). الإدارة الناجحة وتأثيرها على المُناخ المدرسي، كلية دافيد يلين، القدس، استرجع بتاريخ 18/2/2018،https://www.pcc-jer.org/sites/default/pdf

10. العتيبي، محمد عبد المحسن (2007). المُناخ المدرسي ومعوقاته ودوره في أداء المعلمين بمراحل التعليم العام، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.

11. عرفة، صلاح الدين محمود (2002). المُناخ المدرسي وعلاقته بمفهوم الحرية كما يمارسه المعلمون وتلاميذهم في المدرسة الإعدادية في الريف والحضر، مؤتمر التربية وقضايا التحديث والتنمية في الوطن العربي،13-14 مارس، 197-238، جامعة حلوان، مصر.

12. عزيزة، شعباني (2010). واقع العلاقات الإنسانية في مؤسسات التعليم الثانوي وعلاقتها باتجاهات التلاميذ نحو المُناخ المدرسي، دراسات تربوية ونفسية، جامعة الجزائر، 5، 159-186.

13. كمال، باشرة (2012). المُناخ المدرسي وعلاقته بالتوافق النفسي والاجتماعي لدى المراهق، (رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران، الجزائر.

14. نواس، سامي محمود (2002). المُناخ المدرسي وعلاقته بالصحة النفسية لدى طلبة المرحلة الثانوية بمحافظة غزة، (رسالة ماجستير)، كلية التربية، الجامعة الإسلامية.

15. هندي، صالح (2011). واقع المُناخ المدرسي في المدارس الأساسية في الأردن من وجهة نظر معلمي التربية الإسلامية وطلبة الصف العاشر وعلاقته ببعض المتغيرات، المجلة الأردنية في العلوم التربوية، 7(2)، 105-123، عمّان.

16.  Freiberg, H. J. (1998). Measuring school climate: Let me count the ways. Educational Leadership, 56(1),:PP 22-26.

17.  Adams, M. W. (2005). Leadership and school climate: A mixed-methods study of United States-accredited Colombian schools.

18.  Tagiuri. C. (1988). The Effects of Selected Variables on School Climate, In Robinson F.G. et al. (Eds), School Organizational climate, Evanston, Illinois, Row Peterson and Co.

رسائل تربوية 1

  العنوان  الرسالة أطفالنا مرآتنا: كيف تنعكس مشاكلنا عليهم؟ أطفالنا بالنسبة لنا كمرآة تعكس حياتنا.....